وَحُصْرِهِ الْمَوْقُوفَةِ الْبَالِيَةِ وَجُذُوعِهِ الْمُنْكَسِرَةِ، إدَامَةً لِلْوَقْفِ فِي عَيْنِهِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَصَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ فِي أَرْضِ الْمَسْجِدِ وَطَبْخِ جِصٍّ أَوْ آجُرٍّ لَهُ بِحُصْرِهِ وَجُذُوعِهِ، وَمَا ذَكَرْته فِيهِمَا بِصِفَتِهِمَا الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَبِهِ أَفْتَيْت، وَصَحَّحَ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا لِئَلَّا يَضِيعَا وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِمَا مِثْلُهُمَا وَالْقَوْلُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ، أَمَّا الْحُصْرُ الْمَوْهُوبَةُ أَوْ الْمُشْتَرَاةُ لِلْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ لَهَا فَتُبَاعُ لِلْحَاجَةِ وَغَلَّةُ وَقْفِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إعَادَتِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُتَوَلِّي لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ وَالرُّويَانِيُّ هِيَ كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَالْإِمَامُ تُحْفَظُ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ (إنْ شَرَطَ وَاقِفٌ النَّظَرَ) لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (اُتُّبِعَ) شَرْطُهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَقِيَ الْآخَرُ وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ تُمْكِنُ فِيهِ تِلْكَ الْوَظَائِفُ وَإِلَّا كَمَسْجِدٍ بِجَانِبِ الْبَحْرِ مَثَلًا وَصَارَ أَيْ الْمَسْجِدُ دَاخِلَ اللُّجَّةِ فَيَنْبَغِي نَقْلُ وَظَائِفِهِ أَيْ مَعَ بَقَائِهَا لِأَرْبَابِهَا لِمَا يُنْقَلُ إلَيْهِ نَقْضُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَحُصْرِهِ الْمَوْقُوفَةِ الْبَالِيَةِ) أَيْ بِأَنْ صَرَّحَ بِوَقْفِهَا وَلَا يَكْفِي الشِّرَاءُ لِجِهَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَوْجُودُ الْآنَ بِالْمَسَاجِدِ يُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَرِّحُونَ فِيهِ بِوَقْفِيَّةٍ اهـ سم كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَمَّا الْحُصْرُ الْمَوْهُوبَةُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجُذُوعِهِ) جِذْعُ النَّخْلَةِ مَا بَيْنَ أَصْلِهَا الَّذِي فِي الْأَرْضِ وَرَأْسِهَا كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْخَطِيبِ وَكَذَا جُذُوعُ عَقَارَاتِهِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْنِيَتُهَا وَمِثْلُ انْكِسَارِهَا لَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى الِانْكِسَارِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَلَمْ يَزِدْ رِيعُهَا عَلَى أُجْرَتِهَا فَإِنَّ لَهُ قَلْعَهَا.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ وَقَفَ فَرَسًا عَلَى الْغَزْوِ فَكَبِرَ وَلَمْ يَصْلُحْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْته فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحُصْرِ وَالْجُذُوعِ وَقَوْلُهُ: بِصِفَتِهِمَا هِيَ فِي الْحُصْرِ كَوْنُهَا بَالِيَةً وَفِي الْجُذُوعِ كَوْنُهَا مُنْكَسِرَةً (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الشَّيْخَانِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ يَبِيعُهُمَا الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَاظِرٌ خَاصٌّ قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ ح ل (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا لِئَلَّا يَضِيعَا) أَيْ فَتَحْصِيلُ يَسِيرٍ مِنْ ثَمَنِهِمَا يَعُودُ عَلَى الْوَقْفِ أَوْلَى مِنْ ضَيَاعِهِمَا وَاسْتُثْنِيَا مِنْ بَيْعِ الْوَقْفِ لِصَيْرُورَتِهِمَا كَالْمَعْدُومِ وَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِ ثَمَنُهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءُ حُصْرٍ أَوْ جُذُوعٍ بِهِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي دَارٍ مُنْهَدِمَةٍ أَوْ مُشْرِفَةٍ عَلَى الِانْهِدَامِ وَلَمْ تَصْلُحْ لِلسُّكْنَى وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالْمَوْقُوفَةِ عَلَى غَيْرِهِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَنْعُ بَيْعِهَا سَوَاءٌ أُوقِفَتْ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ مَنْعَ بَيْعِهَا هُوَ الْحَقُّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِقَوْلِهِ: وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ وَهَذَا الْحَمْلُ أَسْهَلُ مِنْ تَضْعِيفِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مِثْلَهُمَا) أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَكَالْحُصْرِ نِجَارَةُ الْخَشَبِ وَأَسْتَارُ الْكَعْبَةِ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا نَفْعٌ س ل (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِهِ) أَيْ بِجَوَازِ الْبَيْعِ وَهَذَا رَدٌّ مِنْ الشَّارِحِ عَلَى الشَّيْخَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي. . . إلَخْ) إنْ أَرَادَ التَّأْدِيَةَ مُطْلَقًا فَمَمْنُوعٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّأْدِيَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ ضَرُورَةٍ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُشْتَرَاةُ لِلْمَسْجِدِ) وَلَوْ مِنْ رِيعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ وَقْفِهِ، وَأَمَّا مَا يُشْتَرَى بِبَدَلِ الْمُتْلَفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقِفَهُ الْحَاكِمُ ح ل (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَعَذُّرِ إعَادَتِهِ) أَيْ حَالًا وَقَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ وَجَمَعَ بَيْن هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِحَمْلِ أَوَّلِهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ أَصْلًا وَفُقِدَتْ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ أَيْ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَقْرَبُ الْمَسَاجِدِ وَحُمِلَ ثَانِيهَا عَلَى مَا إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ أَقْرَبُ الْمَسَاجِدِ وَفُقِدَتْ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ أَيْ الْوَاقِفِ وَحُمِلَ ثَالِثُهَا عَلَى مَا إذَا وُجِدَ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ وَرَابِعُهَا عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ عَوْدُهُ اهـ ح ل وز ي وَهَذَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ قَوْلِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إعَادَتِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَ تَعَذُّرِ إعَادَتِهِ حَالًا فَلَا يُنَافِي تَوَقُّعَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ تَأَمَّلْ. وَقَالَ ق ل: عَلَى الْجَلَالِ تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ حِفْظُ غَلَّتِهِ لِرَجَاءِ عَوْدِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ صُرِفَتْ إلَى أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا وَإِلَّا صُرِفَتْ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَإِلَّا فَلِلْفُقَرَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِهِمْ مِنْ التَّنَاقُضِ اهـ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ]
(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ)
أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِوَاقِفِ نَاظِرٍ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ شَيْخُنَا وَقَبُولُهُ كَالْوَكِيلِ اهـ ق ل (قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ شَرْطُهُ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ النَّظَرَ وَكَذَا فِيمَا شُرِطَ لَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ وَفِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ شَيْءٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إلَّا إنْ فَرَضَ لَهُ الْحَاكِمُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ مَا قَرَّرَ لَهُ ضَمِنَهُ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْقَاضِي وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ ضِيَافَةً أَوْ حُلْوَانًا فَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ وَمَنَعَهُ شَيْخُنَا ز ي وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ بَذَلَهُ دَافِعُهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ بِلَا إكْرَاهٍ وَبِلَا خَوْفِ زَوَالِ الْوَقْفِ عَنْهُ وَبِلَا نَقْصِ أُجْرَةِ وَقْفِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِهِمَا اهـ. ق ل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute