للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) جَمْعُ شَهَادَةٍ وَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَأَرْكَانُهَا شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ وَمَشْهُودٌ عَلَيْهِ وَمَشْهُودٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الشَّاهِدُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ ذُو مُرُوءَةٍ يَقِظٌ نَاطِقٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) غَيْرُ (مُتَّهَمٍ عَدْلٌ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٌ وَلَا مِنْ عَادِمِ مُرُوءَةٍ وَمُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ وَأَخْرَسَ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَمُتَّهَمٍ وَغَيْرِ عَدْلٍ مِنْ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَالْعَدْلُ يَتَحَقَّقُ (بِأَنْ لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً) كَقَتْلٍ وَزِنًا وَقَذْفٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ (وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ) أَصَرَّ عَلَيْهَا (وَغَلَبَتْ طَاعَاتٌ) فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ وَقَوْلِي أَوْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قِسْمَةَ الْقَاضِي إثْبَاتٌ لِمِلْكِهِمْ وَالْيَدُ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ ع ن وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ شَرْحُ م ر. .

[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

[أَرْكَانُ الشَّهَادَة]

[شُرُوط الشَّاهِد]

[دَرْسٌ] (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) قُدِّمَتْ عَلَى الدَّعْوَى نَظَرًا لِتَحَمُّلِهَا (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَك) أَيْ: يَا مُدَّعِي وَقَوْلُهُ أَوْ يَمِينُهُ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَذَا خِطَابٌ لِلْمُدَّعِي أَيْ: لَيْسَ إثْبَاتُ حَقِّك عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا شَاهِدَاك وَلَيْسَ لَك عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا يَمِينُهُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ حُكْمَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ أَقْوَى مِنْ الْحُجَّةِ وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ إقَامَةُ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ حَلِفِ الْخَصْمِ شَيْخُنَا وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا لِلتَّنْوِيعِ. (قَوْلُهُ: حُرٌّ) أَيْ: عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَفِيمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي بَيْعِ شَيْءٍ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: ذُو مُرُوءَةٍ) قَدَّمَهَا عَلَى الْعَدَالَةِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا ع ش. (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِي) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ زِيَادَتِي؛ لِأَنَّ يَقِظًا مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ عَادِمِ مُرُوءَةٍ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ التَّمَاسُكِ وَتَرْكِ الْمُبَالَاةِ عَمِيرَةُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا غَيْرُ ذِي مُرُوءَةٍ لِأَنَّهُ لَا حَيَاءَ لَهُ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» . (قَوْلُهُ: وَأَخْرَسَ) وَإِنْ أَفْهَمَ إشَادَتُهُ كُلَّ أَحَدٍ إذْ لَا تَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ: لِنَقْصِهِ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَقْصُ عَقْلٍ أَوْ فَاسِقٌ، فَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ نَقْصَ عَقْلِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَسْمِيَتِهِ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَمُتَّهَمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢] وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ مِنْ الْمُتَّهَمِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ كَافِرٍ) وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٍ) وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ فِسْقَ نَفْسِهِ وَالنَّاسُ تَعْتَقِدُ عَدَالَتَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ م ر وسم.

(قَوْلُهُ: كَبِيرَةٍ) وَهِيَ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدُّهُمْ كَبَائِرَ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ كَالظِّهَارِ وَأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَقِيلَ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ أَيْ: اعْتِنَائِهِ بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَقِيلَ هِيَ مَا تُوجِبُ الْحَدَّ وَاعْتُرِضَ بِعَدَمِ شُمُولِهِ الْإِصْرَارَ عَلَى صَغِيرَةٍ شَرْحُ م ر. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَخِيرِ بِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ فِي حُكْمِ الْكَبِيرَةِ لَا مِنْهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ أَوْ الْكَفَّارَةَ لِيَشْمَلَ الظِّهَارَ وَنَحْوَهُ شَرْحُ م ر رَاجِعْ الْمَحَلِّيَّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ) الْإِصْرَارُ بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ تُمْكِنُ فِيهِ التَّوْبَةُ وَلَمْ يَتُبْ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَقِيلَ بِأَنْ يَرْتَكِبَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَقَالَ عَمِيرَةُ الْإِصْرَارُ قِيلَ هُوَ الدَّوَامُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ الْإِكْثَارُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ فِي بَابِ الْعَضَلِ قَالَ إنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَبِيرَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِصْرَارَ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ الصَّغِيرَةُ كَبِيرَةً إمَّا تَكْرَارُهَا بِالْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِمَّا تَكْرَارُهَا فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهَا وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَفْسِيرُهُ بِالْعَزْمِ فَسَّرَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: ١٣٥] وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَزْمُ إصْرَارًا بَعْدَ الْفِعْلِ وَقَبْلَ التَّوْبَةِ اهـ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ قَدْ تَكْبُرُ بِغَيْرِ الْإِصْرَارِ كَاسْتِصْغَارِ الذَّنْبِ وَالسُّرُورِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ وَالْغَفْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبَ الشَّقَاوَةِ وَالتَّهَاوُنِ بِحُكْمِ اللَّهِ وَالِاغْتِرَارِ بِسَتْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِلْمِهِ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ إلَخْ) بِأَنْ يُقَابِلَ مَجْمُوعَ طَاعَاتِهِ فِي عُمُرِهِ بِمَجْمُوعِ مَعَاصِيهِ فِي عُمُرِهِ كَمَا فِي ع ش، وَعِبَارَةُ م ر وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ الْغَلَبَةِ بِالْعَدَدِ مِنْ جَانِبَيْ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةِ ثَوَابٍ فِي الْأُولَى وَعِقَابٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ اهـ أَيْ: فَتُقَابَلُ حَسَنَةٌ بِسَيِّئَةٍ لَا بِعَشْرِ سَيِّئَاتٍ قَالَ سم وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>