وَفِي الْبَيْدَرِ عَنْ السَّرِقَةِ وَالشَّمْسِ وَالطُّيُورِ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عُنْقُودٍ فِي وِعَاءٍ بِهَيْئَةِ الْمَالِكِ كَقَوْصَرَّةٍ (وَجِذَاذِهِ) أَيْ: قَطْعِهِ (وَتَجْفِيفِهِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، وَتَقْيِيدُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ وُجُوبِ التَّجْفِيفِ عَلَى الْعَامِلِ بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ أَوْ شَرْطِهِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ إذْ النَّافِي لِوُجُوبِهِ لَا تَسَعُهُ مُخَالَفَةُ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ، فَمَحَلُّ التَّصْحِيحِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ اُتُّبِعَتْ
(وَعَلَى الْمَالِكِ مَا يَقْصِدُ بِهِ حِفْظَ الْأَصْلِ) أَيْ: أَصْلُ الثَّمَرِ وَهُوَ الشَّجَرُ (وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ حِيطَانٍ) لِلْبُسْتَانِ، (وَحَفْرِ نَهْرٍ) لَهُ وَإِصْلَاحِ مَا انْهَارَ مِنْ النَّهْرِ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا الْأَعْيَانُ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ كُلَّ سَنَةٍ كَطَلْعِ التَّلْقِيحِ، (وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ) مِنْ الثَّمَرِ (بِالظُّهُورِ) لَهُ إنْ عَقَدَ قَبْلَ ظُهُورِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، وَفَارَقَ الْقِرَاضَ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرِّبْحَ إلَّا بِالْقِسْمَةِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَالثَّمَرُ لَيْسَ وِقَايَةً لِلشَّجَرِ أَمَّا إذَا عَقَدَ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَيَمْلِكُهَا بِالْعَقْدِ.
(فَصْلٌ)
فِي بَيَانِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَازِمَةٌ، وَحُكْمِ هَرَبِ الْعَامِلِ، وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ (هِيَ) أَيْ: الْمُسَاقَاةُ (لَازِمَةٌ) كَالْإِجَارَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَمَا فِي الْأَصْلِ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ ع ش قَالَ م ر؛ فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ لِكَثْرَةِ السُّرَّاقِ أَوْ كِبَرِ الْبُسْتَانِ، فَالْمُؤَنُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ لُزُومِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ بَلْ عَلَى الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيْدَرِ) أَيْ: الْجُرْنِ. (قَوْلُهُ كَقَوْصَرَّةٍ) أَيْ: قَوْطَةٍ (قَوْلُهُ وَجَدَادِهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، وَفِيهِ أَيْضًا جَوَازُ إعْجَامِهِمَا وَإِهْمَالُ أَحَدِهِمَا ق ل.
(قَوْلُهُ إذْ النَّافِي لِوُجُوبِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْعَادَةِ وَالشَّرْطِ إذْ لَا تَسَعُهُ مُخَالَفَتُهُمَا. (قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا) أَيْ: الْعَادَةِ وَالشَّرْطِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا نَصُّوا عَلَى كَوْنِهِ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ لَا يُلْتَفَتُ فِيهِ إلَى عَادَةٍ مُخَالِفَةٍ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ الطَّارِئَ لَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا خَالَفَ عُرْفًا سَابِقًا، فَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ اُتُّبِعَتْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَيْسَ لِلْأَصْحَابِ فِيهِ نَصٌّ بِأَنَّهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ بِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ يَقْتَضِي كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. . اهـ بِحُرُوفِهِ، قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ حَجّ عَلَى الرَّدِّ. اهـ بِحُرُوفِهِ وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُتَأَتٍّ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَنْهَجِ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَيْهَا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى لِحَمْلِ الْمَذْكُورِ؟ نَعَمْ إنْ رَجَعَ اسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَهُ ح ل ظَهَرَ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ، وَقَالَ ح ل قَوْلُهُ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَيْ: غَيْرِ حِفْظِ الثَّمَرِ وَجَذَاذِهِ وَتَجْفِيفِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ إلَخْ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِهِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِهِ أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ: بِوُجُودِهِ وَحُصُولِهِ بَلْ كَانَتْ الْعَادَةُ إهْمَالُهُ عَنْ الْحِفْظِ وَعَنْ الْقَطْعِ وَعَنْ التَّجْفِيفِ، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا التَّعْمِيمُ لَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ إلَخْ وَهَذَا لَا يَظْهَرُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْعَامِلِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِإِهْمَالِهَا أَوْ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ لَكِنَّ الشَّارِحَ أَخْرَجَ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ إلَخْ وَضَعَّفَهُ ع ش كَمَا مَرَّ، وَلَا يَكُونُ ضَعِيفًا إلَّا إذَا جُعِلَ اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعًا لِلثَّلَاثَةِ فَإِنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ كَمَا قَالَهُ ح ل فَلَا يَكُونُ ضَعِيفًا تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الشَّارِحَ أَخْرَجَ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ فَيَكُونُ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ غَيْرَ شَامِلٍ لَهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ هُنَا
(قَوْلُهُ كَبِنَاءِ حِيطَانٍ) وَنَصْبِ نَحْوِ بَابٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ فَأْسٍ أَوْ مِنْجَلٍ وَمِعْوَلٍ وَبَقَرٍ تَحْرُثُ أَوْ تَدُورُ الدُّولَابُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَإِصْلَاحِ مَا انْهَارَ) أَيْ: انْهَدَمَ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرِّبْحَ إلَّا بِالْقِسْمَةِ) أَيْ: لَا بِالظُّهُورِ وَلَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِالتَّنْضِيضِ وَالْفَسْخِ ح ل (قَوْلُهُ وَمَا أَلْحَقَ بِهَا) وَهُوَ الْفَسْخُ وَالتَّنْضِيضُ ع ش (قَوْلُهُ وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ) أَيْ: يَقِيهِ مِنْ النَّقْصِ الَّذِي يَحْصُلُ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ بِهِ كَمَا مَرَّ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَازِمَةٌ وَحُكْمِ هَرَبِ الْعَامِلِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ]
(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَازِمَةٌ) (قَوْلُهُ وَحُكْمِ هَرَبِ الْعَامِلِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُسَاقِي فِي ذِمَّتِهِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ مُخَابَرَةٌ. (قَوْلُهُ هِيَ لَازِمَةٌ) أَيْ: عَقْدُهَا لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ: قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي أَعْيَانٍ بَاقِيَةٍ بِحَالِهَا فَأَشْبَهَتْ الْإِجَارَةَ دُونَ الْقِرَاضِ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَعْمَالِ وَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا بِآفَةٍ أَوْ نَحْوِ غَصْبٍ كَمَا يَلْزَمُ عَامِلَ الْقِرَاضِ التَّنْضِيضُ مَعَ عَدَمِ الرِّبْحِ وَجْهُ لُزُومِهَا ظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ وَهُوَ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ: الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ إذْ لَوْ تَمَكَّنَ الْعَامِلُ مِنْ فَسْخِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ تَضَرَّرَ الْمَالِكُ بِفَوَاتِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْضِهَا لِعَدَمِ الْعَمَلِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ وَلَوْ تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ فَسْخِهَا تَضَرَّرَ الْعَامِلُ بِفَوَاتِ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ شَرْحُ م ر