وَإِنْ أُعْطِيَ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إبْقَائِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. (وَمَا فَضَلَ عَنْهُمْ) أَيْ: عَنْ الْمُرْتَزِقَةِ أَيْ: عَنْ حَاجَتِهِمْ (وُزِّعَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَهُمْ فَلَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفٌ وَلِآخَرَ ثُلُثٌ أَعْطَاهُمْ مِنْ الْفَاضِلِ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ. (وَلَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (صَرْفُ بَعْضِهِ) أَيْ: الْفَاضِلِ (فِي ثُغُورٍ وَسِلَاحٍ وَخَيْلٍ) وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لَهُمْ، وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُبْقِي فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْفَيْءِ مَا وَجَدَ لَهُ مَصْرِفًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ابْتِدَاءً بَنَى رِبَاطَاتٍ وَمَسَاجِدَ عَلَى حَسَبِ رَأْيِهِ.
(وَلَهُ وَقْفُ عَقَارِ فَيْءٍ، أَوْ بَيْعُهُ وَقَسْمُ غَلَّتِهِ) فِي الْوَقْفِ (أَوْ ثَمَنِهِ) فِي الْبَيْعِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (كَذَلِكَ) أَيْ: كَقَسْمِ الْمَنْقُولِ: أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهُ لِلْمَصَالِحِ وَالْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ سَوَاءً، وَلَهُ أَيْضًا قَسْمُهُ كَالْمَنْقُولِ، كَمَا شَمَلَهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَوَّلَ الْبَابِ، لَكِنَّ خُمُسَ الْخُمُسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ لَا سَبِيلَ إلَى قِسْمَتِهِ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ التَّخْيِيرِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَاقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى الْوَقْفِ
(فَصْلٌ: فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا) (الْغَنِيمَةُ نَحْوُ مَالٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: مَالٍ (حَصَلَ) لَنَا (مِنْ الْحَرْبِيِّينَ) مِمَّا هُوَ لَهُمْ (بِإِيجَافٍ) أَيْ: إسْرَاعٍ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى مَا حَصَلَ بِسَرِقَةٍ، أَوْ الْتِقَاطٍ، كَمَا مَرَّ، وَكَذَا مَا انْهَزَمُوا عَنْهُ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ، وَلَوْ قَبْلَ شَهْرِ السِّلَاحِ، أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لَنَا، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ بِخِلَافِ الْمَتْرُوكِ بِسَبَبِ حُصُولِنَا فِي دَارِهِمْ، وَضَرْبِ مُعَسْكَرِنَا فِيهِمْ. وَتَعْبِيرِي بِالْحَرْبِيِّينَ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْكُفَّارِ (فَيُقَدَّمُ) مِنْهَا (السَّلَبُ لِمَنْ رَكِبَ غَرَرًا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مِنَّا) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا صَبِيًّا، أَوْ بَالِغًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، أَوْ خُنْثَى (بِإِزَالَةِ مَنَعَةِ حَرْبِيٍّ) بِفَتْحِ النُّونِ أَشْهَرُ مِنْ إسْكَانِهَا أَيْ: قُوَّتِهِ (فِي الْحَرْبِ) كَأَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يُعْمِيَهُ، أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْفَاعِلِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَلَا يُثْبِتُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أُعْطِيَ) وَاَلَّذِي يُعْطَاهُ كِفَايَةُ مُمَوِّنِهِ اللَّائِقَةُ بِهِ الْآنَ م ر قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَيُفَرِّقُ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ أَرْزَاقَهُمْ مَتَى شَاءَ مُسَانَهَةً أَيْ: سَنَةً سَنَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً أَيْ: شَهْرًا شَهْرًا وَغَيْرُهُمَا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ أَيْ: وَلْيَجْعَلْ وَقْتَ الْعَطَاءِ مَعْلُومًا لَا يَخْتَلِفُ وَالْأَوْلَى مَرَّةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَسْكَنَتُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّ النَّصَّ يَقْتَضِيهِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إبْقَائِهِ) قَدْ يُقَالُ: فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ تَذَكُّرُهُ لِيُعْطَى. (قَوْلُهُ: وُزِّعَ عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ أَيْ: الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ الذَّرَارِيِّ وَمَنْ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ الْقُضَاةِ ح ل. (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ إلَخْ) مَثَّلَ خ ط بِغَيْرِ هَذَا فَقَالَ مِثَالُ ذَلِكَ كِفَايَةُ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَكِفَايَةُ الثَّانِي أَلْفَانِ وَكِفَايَةُ الثَّالِثِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَكِفَايَةُ الرَّابِعِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةُ آلَافٍ فَيُجْعَلُ الْفَاضِلُ عَنْ ذَلِكَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ فَيُعْطَى الْأَوَّلُ عُشْرَهَا وَالثَّانِي خُمُسَهَا وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهَا وَالرَّابِعُ خُمُسَاهَا وَكَذَا يُفْعَلُ إنْ زَادَ اهـ. ع ن. (قَوْلُهُ: وَقَسْمُ غَلَّتِهِ) أَيْ: أُجْرَتِهِ وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ لَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ وَاجِبٌ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ) رَاجِعٌ لِلْوَقْفِ وَالْبَيْعِ فَقَطْ فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَقَسْمُ غَلَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ: ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَقَوْلُهُ: سَوَاءً حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْمَصَالِحِ وَكُلِّ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ مُسْتَوِيَةٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ خَمْسَةً. (قَوْلُهُ: السَّابِقُ أَوَّلَ الْبَابِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: مَا حَصَلَ لَنَا مِنْ كُفَّارٍ فَيُخَمَّسُ إلَخْ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلْعَقَارِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَرْجَمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَا سَبِيلَ إلَى قِسْمَتِهِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمَصَالِحَ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ فَوَقْفُهُ وَصَرْفُ غَلَّتِهِ أَوْلَى مِنْ بَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بَلْ يُبَاعُ، أَوْ يُوقَفُ وَهِيَ أَوْلَى وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ، أَوْ غَلَّتُهُ اهـ. .
[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]
أَيْ: مِنْ الرَّضْخِ وَالنَّفَلِ. (قَوْلُهُ: حَصَلَ لَنَا) خَرَجَ مَا حَصَّلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ س ل. (قَوْلُهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَمَّا قَرُبَ وَصَارَ كَالْمُحَقَّقِ الْمَوْجُودِ صَارَ كَأَنَّهُ مَوْجُودٌ بِطَرِيقِ الْقُوَّةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْفِعْلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَتْرُوكِ بِسَبَبِ حُصُولِنَا فِي دَارِهِمْ) أَيْ: فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ بَلْ فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَلَوْا عَنْهُ ز ي وَح ل؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ تَلَاقٍ لَمْ تُتَوَهَّمْ شَائِبَةُ الْقِتَالِ فِيهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَضَرْبِ مُعَسْكَرِنَا) أَيْ: خِيَامِنَا فَلَا يَكُونُ غَنِيمَةً بَلْ فَيْءٌ ع ش وَبِرْمَاوِيٌّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَفْعُولَ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفٌ أَيْ: ضَرَبَ مُعَسْكَرُنَا خِيَامَهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَسْكَرِ الْعَسْكَرُ نَفْسُهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ فَفِي الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ الْعَسْكَرُ الْجَيْشُ وَعَسْكَرَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُعَسْكِرٌ بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ: هَيَّأَ الْعَسْكَرَ وَمَوْضِعُ الْعَسْكَرِ مُعَسْكَرٌ بِفَتْحِ الْكَافِ فَإِطْلَاقُ الْمُعَسْكَرِ عَلَى الْخِيَامِ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُعَسْكَرَ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الْعَسْكَرِ (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ مِنْهَا السَّلَبُ) وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ مُسْتَحِقُّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ غَرَرًا) هُوَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْوُقُوعُ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: مِنَّا) خَرَجَ الْكَافِرُ فَلَا سَلَبَ لَهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَبْدًا) أَيْ: لِمُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ: صَبِيًّا أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يُقَاتِلُ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْمِيهِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، أَوْ يَفْقَأُ عَيْنَيْهِ لِصِدْقِهَا بِمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْطَعُ يَدَيْهِ) فَلَوْ قَطَعَ يَدُهُ فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ قَطَعَ الْأُخْرَى غَيْرُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّلَبَ يَكُونُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَزَالَ الْمَنَعَةَ فَلَوْ قَطَعَا مَعًا اشْتَرَكَا وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمْعٌ فِي قَتْلٍ، أَوْ إثْخَانٍ فَالسَّلَبُ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute