للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّالِ تَثْنِيَةُ وَدَجٍ وَهُمَا عِرْقَا صَفْحَتَيْ عُنُقٍ يُحِيطَانِ بِهِ يُسَمَّيَانِ بِالْوَرِيدَيْنِ (وَ) أَنْ (يُحِدَّ) بِضَمِّ الْيَاءِ (مُدْيَتَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ» وَهِيَ بِفَتْحِ الشِّينِ السِّكِّينُ الْعَظِيمُ، وَالْمُرَادُ السِّكِّينُ مُطْلَقًا (وَ) أَنْ (يُوَجِّهَ ذَبِيحَتَهُ) أَيْ: مَذْبَحَهَا (لِقِبْلَةٍ) وَيَتَوَجَّهَ هُوَ لَهَا أَيْضًا (وَ) أَنْ (يُسَمِّيَ اللَّهَ وَحْدَهُ) عِنْدَ الْفِعْلِ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ لِلْأُضْحِيَّةِ بِالضَّأْنِ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَخَرَجَ بِوَحْدِهِ تَسْمِيَةُ رَسُولِهِ مَعَهُ بِأَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَجُوزُ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَرَادَ " أَذْبَحُ بِسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ " - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ نَفَى الْجَوَازَ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ يَصِحُّ نَفْيُ الْجَوَازِ عَنْهُ (وَ) أَنْ (يُصَلِّيَ) وَيُسَلِّمَ (عَلَى النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ نَبِيِّهِ كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الذَّابِحِ) الشَّامِلِ لِلنَّاحِرِ وَلِقَاتِلِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِمَا يَأْتِي لِيَحِلَّ مَذْبُوحُهُ (حِلَّ نِكَاحِنَا لِأَهْلِ مِلَّتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي النِّكَاحِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلَوْ أَمَةً كِتَابِيَّةً قَالَ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ وَنَحْوِهِ. وَإِنَّمَا حَلَّتْ ذَبِيحَةُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مَانِعٌ ثَمَّ لَا هُنَا، وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرٌ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى آخِرِهِ وَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا رِدَّةٌ أَوْ إسْلَامُ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ، وَدَخَلَ فِيمَا عَبَّرْت بِهِ ذَبِيحَةُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَحِلُّ بِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ (وَكَوْنُهُ فِي غَيْرِ مَقْدُورٍ) عَلَيْهِ مِنْ صَيْدٍ وَغَيْرِهِ (بَصِيرًا) فَلَا يَحِلُّ مَذْبُوحُ الْأَعْمَى بِإِرْسَالِهِ آلَةَ الذَّبْحِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَصْدٌ صَحِيحٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مَعَ شُمُولِهِ لِغَيْرِ الصَّيْدِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَمَا أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَمِينِ لَا يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ بِسَبَّابَتِهِ الْيُسْرَى شَوْبَرِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُحِدَّ) ، فَإِنْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ كَآلَةٍ حَلَّ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ لَا يَحْتَاجَ الْقَطْعُ إلَى قُوَّةِ الذَّابِحِ وَأَنْ يَقْطَعَ الْحُلْقُومَ، وَالْمَرِيءَ قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ س ل. (قَوْلُهُ: مُدْيَتَهُ) وَيُنْدَبُ إمْرَارُهَا بِرِفْقٍ، وَتَحَامُلٍ يَسِيرٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَيُكْرَهُ أَنْ يُحِدَّهَا قُبَالَتَهَا وَأَنْ يَذْبَحَ وَاحِدَةً، وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهَا وَيُكْرَهُ لَهُ إبَانَةُ رَأْسِهَا حَالًا وَزِيَادَةُ الْقَطْعِ وَكَسْرُ الْعُنُقِ وَقَطْعُ عُضْوٍ مِنْهَا وَتَحْرِيكُهَا وَنَقْلُهَا حَتَّى تَخْرُجُ رُوحُهَا، وَالْأَوْلَى سَوْقُهَا إلَى الْمَذْبَحِ بِرِفْقٍ وَعَرْضِ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: شَفْرَتَهُ) مِنْ شَفَرَ الْمَالُ ذَهَبَ لِإِذْهَابِهَا لِلْحَيَاةِ سَرِيعًا حَجّ.

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الشِّينِ) وَتُضَمُّ أَيْضًا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: السِّكِّينُ) تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَالْغَالِبُ تَذْكِيرُهَا، كَمَا فِي الشَّارِحِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُسْكِنُ حَرَارَةَ الْحَيَاةِ وَمُدْيَةٌ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مَادَّةَ الْحَيَاةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَذْبَحَهَا) ، وَلَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ؛ لِأَنَّهُ حَالَةُ إخْرَاجِ نَجَاسَةٍ كَالْبَوْلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذِهِ حَالَةُ عِبَادَةٍ، وَيُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهَا وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ تِلْكَ شَوْبَرِيٌّ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي ذَبِيحَةٍ يُتَقَرَّبُ بِهَا كَالْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْفِعْلِ) ، وَكَذَا عِنْدَ الْإِصَابَةِ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِكُلٍّ بَلْ وَبِالتَّسْمِيَةِ بَيْنَهُمَا شَوْبَرِيٌّ فَلَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ وَلَوْ عَمْدًا حَلَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] فَالْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ، يَعْنِي مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣] وَسِيَاقُ الْآيَةِ دَالٌّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] ، وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِسْقًا هِيَ الْإِهْلَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] شَرْحُ م ر وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَرْكُهَا عَمْدًا يُحَرِّمُ الذَّبِيحَةَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ: يَحْرُمُ، وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ حَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ ح ل، وَعِبَارَةُ سم فَلَا يَجُوزُ أَيْ: هَذَا الْقَوْلُ، وَإِلَّا فَيَحِلُّ أَكْلُ الذَّبِيحَةِ.

[شُرُوط الذَّابِحِ]

. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي النِّكَاحِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَيُشْتَرَطُ فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلَ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ وَغَيْرُهَا أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ قَبْلَهَا، وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ إنْ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ أَيْ: الْمَنْسُوبِ لِإِسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْمُرَادُ إسْرَائِيلِيَّةٌ يَقِينًا، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا إسْرَائِيلِيَّةً أَمْ لَا فَشَرْطُهَا شَرْطُ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة، وَهُوَ أَنْ يُعْلَمَ دُخُولُهُ فِيهِ قَبْلَهَا فَعَلَى هَذَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ الْآنَ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر؛ لِلشَّكِّ فِي كَوْنِ الذَّابِحِ إسْرَائِيلِيًّا أَمْ لَا مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِدُخُولِ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّتْ ذَبِيحَةُ الْأَمَةِ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الِاعْتِذَارِ مَعَ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ، إذْ يَدْخُلُهَا صَرِيحًا وَهِيَ إنَّمَا تُرَدُّ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِحِلِّ نِكَاحِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ غَرَضَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالنِّكَاحِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ) لِأَنَّهُ قَالَ: حَلَّ نِكَاحُنَا لَهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ) ، وَالِاعْتِبَارُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَ الْإِصَابَةِ فَلَوْ رَمَى نَادًّا فَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَمْ يَحِلَّ إلَّا إنْ أَصَابَ مَذْبَحَهُ أَوْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَصَارَ نَادًّا بَدَلَ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ مَذْبَحَهُ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ فَرْعٌ وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ حَيَوَانٌ مَأْكُولٌ وَضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَقَطَعَ رَأْسَهُ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا. فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الذَّبْحِ لَا يُشْتَرَطُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ قَصْدُ الْفِعْلِ وَقَدْ وُجِدَ بَلْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ قَطْعِ الرَّأْسِ مَا لَوْ أَصَابَ غَيْرَ عُنُقِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا فَجَرَحَهُ وَمَاتَ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بَصِيرًا) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَأَحَسَّ بِصَيْدٍ وَضَرَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>