أَوْ فَتَاتَكُمْ، وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ لَسْتَ بِمَرْغُوبٍ عَنْكَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ الْوَلِيِّ، أَوْ الزَّوْجِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ (وَلَوْ أَوْجَبَ وَلِيُّ) الْعَقْدَ (فَخَطَبَ زَوْجٌ خُطْبَةً قَصِيرَةً) عُرْفًا (فَقِيلَ: صَحَّ) الْعَقْدُ مَعَ الْخُطْبَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهَا مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ؛ فَلَا تَقْطَعُ الْوِلَاءَ كَالْإِقَامَةِ، وَطَلَبِ الْمَاءِ، وَالتَّيَمُّمِ بَيْنَ صَلَاتِي الْجَمْعِ (لَكِنَّهَا لَا تُسَنُّ) بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، لَكِنَّ النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ تَابَعَ الرَّافِعِيَّ فِي أَنَّهَا تُسَنُّ وَجَعَلَا فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ عَنْ الْخَاطِبِ، وَأُخْرَى مِنْ الْمُجِيبِ لَلْخِطْبَةِ وَخُطْبَتَانِ لِلْعَقْدِ: وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ، وَأُخْرَى قَبْلَ الْقَبُولِ، أَمَّا إذَا طَالَتْ الْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ الْقَبُولِ، أَوْ فَصَلَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ، وَلَوْ يَسِيرًا؛ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ
[دَرْسٌ]
(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا (أَرْكَانُهُ) خَمْسَةٌ: (زَوْجٌ، وَزَوْجَةٌ، وَوَلِيٌّ، وَشَاهِدَانِ، وَصِيغَةٌ وَشُرِطَ فِيهَا) أَيْ: فِي صِيغَتِهِ (مَا) شُرِطَ (فِي) صِيغَةِ (الْبَيْعِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، وَمِنْهُ عَدَمُ التَّعْلِيقِ، وَالتَّأْقِيتِ فَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ صِدْقَ الْمُبَشِّرِ فَقَالَ: إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَقَبِلَ، أَوْ نَكَحَ إلَى شَهْرٍ لَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ، بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمَتُّعِ دُونَ التَّوَالُدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَغْرَاضِ النِّكَاحِ. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى عَدَمِ التَّعْلِيقِ، وَالتَّأْقِيتِ (وَلَفْظُ) مَا يُشْتَقُّ مِنْ (تَزْوِيجٍ، أَوْ إنْكَاحٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ لِي، أَوْ لِابْنِي، أَوْ لِزَيْدٍ مَثَلًا ح ل. (قَوْلُهُ، أَوْ فَتَاتَكُمْ) هِيَ الشَّابَّةُ ع ش. (قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ: عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ ح ل. (قَوْلُهُ فَخَطَبَ زَوْجٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ ح ل. (قَوْلُهُ: كَالْإِقَامَةِ) أَيْ: الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: بَيْنَ صَلَاتِي الْجَمْعِ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَيَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا طَالَتْ الْخِطْبَةُ) وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الطُّولَ بِأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ لَوْ سَكَتَا فِيهِ لَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا ح ل وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ: قُلْ قَبِلْتُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ فَصَلَ كَلَامٍ إلَخْ) مَفْهُومُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَخَطَبَ وَقَوْلُهُ: فَقَبِلَ. (قَوْلِهِ: وَلَوْ يَسِيرًا) مِنْهُ قَوْلُ الْمُوجِبِ اسْتَوْصِ بِهَا اهـ. ح ل.
[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا]
. (فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا) وَهُوَ قَوْلُهُ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَشَاهِدَانِ) جَعْلُهُمَا شَرْطًا كَمَا فِي الْغَزَالِيِّ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِمَا رُكْنًا لِخُرُوجِهِمَا عَنْ الْمَاهِيَّةِ شَرْحُ م ر وَجَعَلَهُمَا الْمُصَنِّفُ رُكْنًا وَاحِدًا دُونَ الزَّوْجَيْنِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الشُّرُوطِ بِخِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا شُرُوطًا تَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهَا) بَدَأَ بِالصِّيغَةِ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَلَا يَضُرُّ أَنَّ كَثِيرًا مَا يُعَلِّلُونَ تَقْدِيمَ الشَّيْءِ بِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاتَ لَا تَتَزَاحَمُ ح ل وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ، وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ؛ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ. وَيَلْحَقُ بِكِتَابَتِهِ فِي ذَلِكَ إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ عَدَمُ التَّعْلِيقِ) نَصَّ عَلَيْهِمَا لِذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُمَا وَلِيُفَرِّعَ عَلَيْهِمَا مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ صِدْقَ الْمُبَشِّرِ) هُوَ مُلْحَقٌ لَيْسَ بِخَطِّ الشَّارِحِ وَلَا خَطِّ وَلَدِهِ فَهُوَ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُبَشِّرِ بِالْوَلَدِ يَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ إذَا بُشِّرَ بِبِنْتٍ ع ش وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَيَقَّنْ صِدْقَ وَكَذَا إنْ تَيَقَّنَ. وَخَرَجَ بِوَلَدٍ مَا لَوْ بُشِّرَ بِأُنْثَى وَظَنَّ صِدْقَ الْمُبَشِّرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ، وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَكَحَ إلَى شَهْرٍ) وَكَذَا إلَى مَا لَا يَبْقَى كُلٌّ مِنْهُمَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ قَالَ إذَا أَقَّتَ بِمُدَّةِ عُمْرِهِ، أَوْ عُمْرِهَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ يَقْتَضِي رَفْعَ آثَارِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَهِيَ لَا تَرْتَفِعُ بِهِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا؛ فَرَفْعُهَا بِهِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَاهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ أَيْ: بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ فِيهِ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ وَلِلنَّهْيِ دَلِيلٌ عَلَى الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) وَهُوَ النِّكَاحُ لِأَجَلٍ وَجَازَ أَوَّلًا رُخْصَةٌ لِلْمُضْطَرِّ، ثُمَّ حُرِّمَ عَامَ خَيْبَرَ، ثُمَّ جَازَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ حُرِّمَ أَبَدًا بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الَّذِي لَوْ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِلِّهِ مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ ز ي، وَهُوَ أَحَدُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:
وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا ... جَاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ وَالْآثَارُ
فَقِبْلَةٌ وَمُتْعَةٌ وَخَمْرَةٌ كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا تَمَسُّ النَّارُ
زَادَ بَعْضُهُمْ خَامِسًا وَهِيَ: الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَادَّعَى أَنَّهَا الَّتِي فِي النَّظْمِ بَدَلُ الْخَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِذَلِكَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَيْرُ عَدَمِ التَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ مِنْ الشُّرُوطِ. (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ مَا يَشْتَقُّ مِنْ تَزْوِيجٍ، أَوْ إنْكَاحٍ) كَزَوَّجْتُكَ، أَوْ أَنْكَحْتُكَ وَأَطْلَقَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي مُضَارِعِهِمَا، ثُمَّ بَحَثَ الصِّحَّةَ إذَا انْسَلَخَ عَنْ مَعْنَى الْوَعْدِ بِأَنْ قَالَ: أُزَوِّجُكَ الْآنَ وَكَأَنَا مُزَوِّجُكَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute