للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّهَا عَايَنَتْهُ حَيًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَعَارَضَتَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ أَيْ فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ، وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِي أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى بَيِّنَتِهِ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهَا عَايَنَتْهُ مَيِّتًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ

(وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا حَلَفَ الْأَبَوَانِ) فَهُمَا الْمُصَدَّقَانِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ، وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنَانِ كَافِرَيْنِ، وَقَالَ كُلُّ مَا ذُكِرَ فَإِنْ عُرِفَا لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَقَالَ الِابْنَانِ لَا وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَالْمُصَدَّقُ الِابْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا كُفْرٌ سَابِقٌ. أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَالْمُصَدَّقُ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فِي الْأَوْلَى وَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا فِي الثَّانِيَةِ

(وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَالِمًا وَ) شَهِدَتْ (أُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ (غَانِمًا وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنَجَّزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ؛ وَلِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ (أَوْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أَقُرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَذْكُرَا تَارِيخًا بِأَنْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ سَالِمٍ وَغَانِمٍ (نِصْفُهُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّا لَوْ أَقْرَعْنَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَخْرُجَ سَهْمُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسْبَقِ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ، وَقَوْلِي وَالْأَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَطْلَقَتَا

(أَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَ) شَهِدَ (وَارِثَانِ) عَدْلَانِ (أَنَّهُ رَجَعَ) عَنْ ذَلِكَ (وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ (تَعَيَّنَ) لِلْإِعْتَاقِ (غَانِمٌ) دُونَ سَالِمٍ وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بِذِكْرِ بَدَلٍ يُسَاوِيهِ وَخَرَجَ بِثُلُثِهِ مَا لَوْ كَانَ غَانِمٌ دُونَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ (فَإِنْ كَانَا) أَيْ الْوَارِثَانِ (حَائِزَيْنِ فَاسِقَيْنِ فَ) يَتَعَيَّنُ لِلْإِعْتَاقِ (سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِاحْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهُ (وَثُلُثَا غَانِمٍ) بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِشَهَادَتِهِمَا لِفِسْقِهِمَا وَلَوْ كَانَا غَيْرَ جَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا.

(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ وَهُوَ الْمُلْحِقُ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ

،

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ أَيْ لِحَيَاةِ الْأَبِ بَعْدَ إسْلَامِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الْأَبِ إلَى إسْلَامِ ابْنِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَقَاؤُهُ) أَيْ بَقَاءِ الْوَلَدِ عَلَى دِينِهِ إلَى مَوْتِ أَبِيهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ ثَابِتَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فِي الثَّالِثَةِ وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُهَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلنُّسَخِ الَّتِي فِيهَا الثَّانِيَةُ بَدَلُ الثَّالِثَةِ عَبْدُ الْبَرِّ مُلَخَّصًا وَإِسْقَاطُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ قَوْلِهِ أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ح ل. قَوْله: بَعْدَ إسْلَامِنَا أَيْ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأُولَى الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّانِيَةُ الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْبُلُوغِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقُوا) أَيْ أَوْ عُرِفَ لَهُمَا كُفْرٌ وَاتَّفَقُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) وَهُوَ إسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ أَصَالَةً بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَهِيَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا كُفْرٌ سَابِقٌ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقُوا (قَوْلُهُ: بَقَاءُ الصِّبَا) أَيْ إلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ كَيْ يَتْبَعَهُمَا فِيهِ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنَجَّزَةِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسَعْهَا الثَّالِثُ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: زِيَادَةَ عِلْمٍ) أَيْ بِتَقْدِيمِ تَارِيخِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إلَخْ) وَلَا نَظَرَ لِلُزُومِ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الْكُلِّ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ) أَيْ عَدْلَانِ ع ش فَفِيهِ حَذْفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثُهُ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ غَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ لِلْإِعْتَاقِ غَانِمٌ) ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَعْلَمُ بِحَالِ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ) وَكَوْنُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ الَّذِي يَرِثُونَهُ بِالْوَلَاءِ بَعِيدٌ فَلَمْ يَقْدَحْ تُهْمَةً سم (قَوْلُهُ: دُونَهُ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا) وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ فِي مِثَالِنَا.

(قَوْلُهُ: خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَيُعْتَقُ الْعَبْدَانِ: الْأَوَّلُ بِالشَّهَادَةِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ إذَا كَانَا حَائِزَيْنِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ نَصِيبِهِمَا سم بِالْمَعْنَى ح ل وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّبْعِيضِ عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ وَبَعْضُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَثُلُثَا غَانِمٍ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ سَالِمٍ وَغَانِمٍ يُسَاوِي مِائَةً وَهُنَاكَ مِائَةٌ فَإِذَا هَلَكَ سَالِمٌ كَانَتْ التَّرِكَةُ غَانِمًا وَالْمِائَةَ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ ثُلُثَاهُ لِأَنَّهُمَا ثُلُثُ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ) عَمَلًا بِشَهَادَةِ الْوَارِثَيْنِ الْحَائِزَيْنِ بِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ ثَبَتَتْ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فَمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ التَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ) أَيْ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ ثُلُثُ غَانِمٍ إنْ كَانَ لَهُمَا أَخَوَانِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِائَتَانِ وَنَصِيبُهُمَا مِنْهَا مِائَةٌ وَثُلُثُهَا يُسَاوِي ثُلُثَ قِيمَةِ غَانِمٍ قَالَهُ ب ر. (قَوْلُهُ: قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ أَيْ مَعَ عِتْقِ سَالِمٍ كُلِّهِ.

[فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ]

[شُرُوطُ الْقَائِفِ]

(فَصْلٌ: فِي الْقَائِفِ) وَهُوَ لُغَةً مُتَتَبِّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ م ر مِنْ قَوْلِهِمْ قَفَوْتُهُ إذَا اتَّبَعْت أَثَرَهُ وَالْجَمْعُ قَافَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>