وَالْإِرْثُ وَاسْتِحْقَاقُ الزَّكَاةِ وَالرَّضَاعُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ. .
(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ. وَالشَّهَادَةُ تُطْلَقُ عَلَى تَحَمُّلِهَا كَشَهِدْتُ بِمَعْنَى تَحَمَّلْت وَعَلَى أَدَائِهَا كَشَهِدْتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَعْنَى أَدَّيْت وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَتَحَمَّلْتُ شَهَادَةً بِمَعْنَى مَشْهُودًا بِهِ فَهِيَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ (تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ) وَهُوَ الْكِتَابُ (فَرْضَا كِفَايَةٍ) فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَإِقْرَارٍ، أَمَّا فَرْضِيَّةُ التَّحَمُّلِ فِي ذَلِكَ فَلِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَلِتَوَقُّفِ الِانْعِقَادِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْإِشْهَادُ وَأَمَّا فَرْضِيَّةُ كِتَابَةِ الصَّكِّ وَالْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ لِلْخَصْمِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ فَلِأَنَّهَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا فِي حِفْظِ الْحَقِّ وَلَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَتَحَمَّلُ فَإِنْ ادَّعَى لِلتَّحَمُّلِ فَلَا وُجُوبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مَعْذُورًا بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً أَوْ قَاضِيًا لِيُشْهِدَهُ عَلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ كِتَابَةُ الصَّكِّ إلَّا بِأُجْرَةٍ فَلَهُ أَخْذُهَا كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي تَحَمُّلِهِ إنْ ادَّعَى لَهُ لَا فِي أَدَائِهِ وَلَهُ بَعْدَ كِتَابَتِهِ حَبْسُهُ عِنْدَهُ لِلْأُجْرَةِ (وَكَذَا الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنْ وَقَعَ التَّحَمُّلُ اتِّفَاقًا (إنْ كَانُوا جَمْعًا)
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّ هَذَا بَاعَهُ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ مَلَكَهُ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَأَنَّهُ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ وَالْإِرْثِ) بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ ز ي. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ) كَتَوْلِيَةِ الْقَاضِي وَالْجَرْحِ ز ي. .
[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ]
(فَصْلٌ: فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) .
(قَوْلُهُ وَأَدَائِهَا) إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابِ الصَّكِّ فِي الذِّكْرِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّحَمُّلِ وَقَدَّمَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْأَدَاءِ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ لِلتَّوَثُّقِ بِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ) أَيْ: إطْلَاقًا مَجَازِيًّا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ إلَخْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَمُّلِ الْإِحَاطَةُ بِمَا سَتُطْلَبُ الشَّهَادَةُ مِنْهُ وَكَنَوْا عَنْ تِلْكَ الْإِحَاطَةِ بِالتَّحَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ أَعْلَى الْأَمَانَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ حَمْلُهَا وَالدُّخُولُ تَحْتَ وَرْطَتِهَا إلَى مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ فَفِيهِ مَجَازَانِ لِاسْتِعْمَالِ التَّحَمُّلِ وَالشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُمَا الْحَقِيقِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمَتْنِ: تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إلَخْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وحج وَالْمُرَادُ بِتَحَمُّلِ الْمَشْهُودِ بِهِ تَحَمُّلُ حِفْظِهِ وَأَدَائِهِ شَيْخُنَا وَقَالَ سم لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ الْأَدَاءِ وَمَعْنَى تَحَمُّلِهِ الْتِزَامُهُ قَالَ ح ل فِي كَلَامِ عَمِيرَةَ بَلْ الْمُرَادُ الثَّانِي أَيْ: الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْمَشْهُودِ بِهِ إلَّا بِتَأْوِيلِ تَحَمُّلِ حِفْظِهِ وَأَدَائِهِ (قَوْلُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) أَيْ: أَصَالَةً أَوْ عَنْ غَيْرِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْكِتَابُ) وَيُطْلَقُ عَلَى الضَّرْبِ قَالَ تَعَالَى {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: ٢٩] أَيْ: ضَرَبَتْهُ مِنْ بَابِ صَكَّ يَصُكُّ كَرَدَّ يَرُدُّ شَيْخُنَا وَتَفْسِيرُ الصَّكِّ بِالْكِتَابِ فِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ وَكِتَابَةُ الْكِتَابِ وَالْكِتَابُ لَا يُكْتَبُ؛ لِأَنَّ الْوَرَقَ لَا يُسَمَّى كِتَابًا إلَّا بَعْدَ الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَى إثْبَاتِهِ) أَيْ: إلَى إثْبَاتِ كُلِّ تَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى التَّحَمُّلِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) كَبَيْعِ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَيْ: إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ الْوَكِيلُ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ ع ش. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ شَأْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ ذَلِكَ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى غَيْرِ الْقَاضِي أَيْ: عَلَى الْمَشْهُودِ لَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّهُودِ وَالْقَاضِي فَالْقَاضِي لَيْسَ مُخَاطَبًا بِذَلِكَ مُطْلَقًا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا ح ل. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ) فَالْمَنْفِيُّ هُوَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ: الْمَنْفِيُّ هُوَ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ ز ي وَقَالَ ح ل لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ بَلْ يُسَنُّ مَا لَمْ يَكُنْ لِنَحْوِ صَبِيٍّ وَإِلَّا وَجَبَ عَيْنًا. (قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْأُولَى) أَيْ: تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْضُرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلَبْ مِنْهُ الِاسْتِمَاعَ وَالْإِصْغَاءَ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ح ل. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي) أَيْ: الطَّالِبُ لِلشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً) أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَى الشَّهَادَةِ بِزِنَا زَوْجَتِهِ م ر بِخِلَافِ غَيْرِ الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِأُجْرَةٍ) أَيْ: عَلَى الْمَكْتُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ إنْ دُعِيَ لَهُ) أَيْ: وَكَانَ عَلَيْهِ فِيهِ كُلْفَةُ مَشْيٍ أَوْ نَحْوِهِ س ل (قَوْلُهُ لَا فِي أَدَائِهِ) أَيْ: مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى شَوْبَرِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ وَفَارَقَ التَّحَمُّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُورِثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى فَأَكْثَرَ فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ وَكَسْبُ عُطْلٍ عَنْهُ فَيَأْخُذُ قَدْرَهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَذْهَبُ مَعَك إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى إلَّا بِكَذَا وَإِنْ كَثُرَ م ر وَقَوْلُهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ فِي الْأَدَاءِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قُوتُهُ مِنْ كَسْبِهِ أَدَاءُ شُغْلِهِ عَنْهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ مُدَّتَهُ أَيْ: الْأَدَاءِ لَا بِقَدْرِ كَسْبِهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا جَمْعًا) بِأَنْ طَلَبَ الْأَدَاءَ مِنْ جَمِيعِهِمْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ طَلَبَ الْأَدَاءَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ تَعَيَّنَ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ، وَكَذَا الْأَدَاءُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحَمُّلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُطْلَقًا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ لَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ إلَّا إنْ كَانُوا جَمْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute