للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَهُ بِلَا مُعَارِضٍ شَهَادَةٌ بِنَسَبٍ) ، وَلَوْ مِنْ أُمٍّ أَوْ قَبِيلَةٍ (وَمَوْتٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ وَنِكَاحٍ بِتَسَامُعٍ) أَيْ: اسْتِفَاضَةٍ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ كَذِبُهُمْ) أَيْ: تَوَاطُؤُهُمْ عَلَيْهِ لِكَثْرَتِهِمْ فَيَقَعَ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ وَحُرِّيَّتُهُمْ وَذُكُورَتُهُمْ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ كَذَا بَلْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَ مِنْ النَّاسِ.

وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِالتَّسَامُعِ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَإِنْ تَيَسَّرَتْ مُشَاهَدَةُ أَسْبَابِ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ فَتَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَتَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِهِ، أَمَّا شُرُوطُهُ وَتَفَاصِيلُهُ فَبَيَّنْت حُكْمَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (وَلَهُ) بِلَا مُعَارِضٍ شَهَادَةٌ (بِمِلْكٍ) بِهِ أَيْ: بِالتَّسَامُعِ مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ بِيَدٍ وَتَصَرَّفَ تَصَرُّفَ مُلَّاكٍ) كَسُكْنَى وَهَدِّهِ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ (مُدَّةً طَوِيلَةً عُرْفًا) فَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَلَا بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ غَاصِبٍ وَلَا بِهِمَا مَعًا بِدُونِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ كَأَنْ تَصَرَّفَ مَرَّةً أَوْ تَصَرَّفَ مُدَّةً قَصِيرَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَصِّلُ الظَّنَّ (أَوْ بِاسْتِصْحَابٍ) ؛ لِمَا سَبَقَ مِنْ نَحْوِ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ وَلَا يُصَرِّحُ فِي شَهَادَتِهِ بِالِاسْتِصْحَابِ فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ وَظَهَرَ فِي ذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ لَمْ يُقْبَلْ وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِصْحَابِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بِلَا مُعَارِضٍ مَا لَوْ عُورِضَ كَأَنْ أَنْكَرَ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ النَّسَبَ أَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ فَتَمْتَنِعُ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ وَقَوْلِي عُرْفًا مِنْ زِيَادَتِي.

[تَنْبِيهٌ] صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ عَتِيقُهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَوْ وَقْفُهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ وَلَدَتْ فُلَانًا أَوْ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ فُلَانًا أَوْ أَنَّهُ وَقَفَ كَذَا أَوْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا؛ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ الْإِبْصَارُ وَبِالْقَوْلِ الْإِبْصَارُ وَالسَّمْعُ، وَلَوْ تَسَامَعَ سَبَبَ الْمِلْكِ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ إرْثًا فَتَجُوزَ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ وَمِمَّا يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا وِلَايَةُ الْقَضَاءِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَالرُّشْدُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهَا التَّذْكِيرَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ الْكِتَابَةَ بِالصِّفَةِ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُقَابِلَ حِلْيَتَهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَرَضُ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْحِلْيَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ غَائِبًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُهُ قَالَ وَتَنْزِيلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يَأْبَاهُ جَعْلُهُمْ الْحِلْيَةَ فِي الْمَجْهُولِ كَالِاسْمِ وَالنَّسَبِ فِي الْمَعْرُوفِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ بِلَا مُعَارِضٍ شَهَادَةٌ بِنَسَبٍ) أَيْ: لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ إذْ شَهَادَةُ الْوِلَادَةِ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَسُومِحَ بِذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبِيلَةٍ) أَيْ: لِيَسْتَحِقَّ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِهَا مَثَلًا م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: اسْتِفَاضَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمُتَوَاتِرِ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ هُوَ الَّذِي بَلَغَتْ رُوَاتُهُ مَبْلَغًا أَحَالَتْ الْعَادَةُ تَوَاطُأَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْمُسْتَفِيضُ الَّذِي لَا يَنْتَهِي إلَى ذَلِكَ بَلْ أَفَادَ الْأَمْنَ مِنْ التَّوَاطُؤِ عَلَى الْكَذِبِ وَالْأَمْنُ مَعْنَاهُ الْوُثُوقُ وَذَلِكَ بِالظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ اهـ دَمِيرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ التَّهْمِ) وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ التَّكْلِيفُ فَرَاجِعْهُ ع ش وَجَزَمَ بِاشْتِرَاطِهِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ إلَخْ) حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الِارْتِيَابِ، أَمَّا لَوْ بَتَّ شَهَادَتَهُ، ثُمَّ قَالَ سَنَدِي الِاسْتِفَاضَةُ فَيُقْبَلُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الِاسْتِصْحَابِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ ز ي مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: أَسْبَابِ بَعْضِهَا) كَالْمَوْتِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ) عِبَارَةُ م ر لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ فَإِذَا طَالَتْ عَسُرَ إثْبَاتُ ابْتِدَائِهَا (قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ بِهَا مُنْفَرِدَةً لَمْ تَثْبُتْ بِذَلِكَ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا تَثْبُتُ لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا تَبَعًا بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَ الرِّيعُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا صُرِفَ فِي مَصَالِحِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ الْمَنْقُولُ وَاعْتَمَدَهُ م ر سم مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: وَبَيْعٍ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَفُسِخَ بَعْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ يُزِيلُ الْمِلْكَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مُدَّةً طَوِيلَةً) ؛ لِأَنَّ امْتِدَادَ الْأَيْدِي وَالتَّصَرُّفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْمِلْكُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا بِهِمَا) أَيْ: الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: وَظَهَرَ فِي ذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ) فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَأَنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةِ كَلَامِهِ قُبِلَ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ) نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَعْنٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِ قَائِلِهِ م ر. (قَوْلُهُ: لَا أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ إلَخْ) لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَشَاهِدُهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَسَامَعَ) أَيْ: اشْتَهَرَ سَبَبُ الْمِلْكِ عِبَارَةُ م ر وَصُورَةُ اسْتِفَاضَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَسْتَفِيضَ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِسَبَبٍ فَإِنْ اسْتَفَاضَ سَبَبُهُ كَالْبَيْعِ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّسَامُعِ إلَّا الْإِرْثُ.

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِالسَّبَبِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمِلْكِ) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ بِهِ بِأَنْ صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>