(إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالنَّارِ فِيهِمَا) لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا لِكَثْرَتِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مَعَ التَّقْيِيدِ فِيهِمَا مِنْ زِيَادَتِي، وَبِالتَّقْيِيدِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ.
(بَابُ الْأَحْدَاثِ) جَمْعُ حَدَثٍ وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُنَا الْأَصْغَرُ غَالِبًا وَهُوَ لُغَةً: الشَّيْءُ الْحَادِثُ. وَشَرْعًا: يُطْلَقُ عَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَعَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ، وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي، وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِأَسْبَابِ الْحَدَثِ يَقْتَضِي تَفْسِيرَ الْحَدَثِ بِغَيْرِ الثَّانِي إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْإِضَافَةَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا جَعَلَ الْفِعْلَ تَابِعًا لِلِاسْتِعْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّبَّةِ وَلِمَ حَرَّمَ الْفِعْلَ مُطْلَقًا دُونَ الِاسْتِعْمَالِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يَجُرُّ إلَى كَثْرَةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَمُنِعَ حَسْمًا لِلْبَابِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي التَّضْبِيبِ ح ل إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّمْوِيهَ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ بِخِلَافِ التَّضْبِيبِ.
(فَرْعٌ)
يَحِلُّ فَتْحُ الْفَمِ لِلْمَاءِ النَّازِلِ مِنْ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ وَإِنْ قَصَدَهُ أَيْ: إلَّا إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ ز ي (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ) أَيْ: مُتَمَوِّلٌ: وَأَمَّا الْخَاتَمُ فَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ كَالْمُمَوَّهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَمُوِّهَ بِفِضَّةٍ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ وَمَوَّهَ بِذَهَبٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا قَرَّرَهُ شَبْشِيرِيٌّ ع ش وَلَوْ شَكَّ هَلْ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْحُرْمَةُ، وَلَا يُشْكِلُ بِالضَّبَّةِ عِنْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ هَذَا أَضْيَقُ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْفِعْلِ مُطْلَقًا، وَيُحْتَمَلُ الْحِلُّ، وَمَحَلُّ هَذَا الثَّانِي فِي الْأُولَى أَمَّا الثَّانِيَةِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ فِيهَا بِالْحُرْمَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ حَرِّرْهُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِالثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَلَا عَكْسُهُ وَالْأَوْلَى هِيَ قَوْلُهُ نَحْوَ نُحَاسٍ.
[بَابُ الْأَحْدَاثِ]
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِنَّمَا بَوَّبْت الْكُتُبَ لِأَنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ بَابًا وَشَرَعَ فِي آخَرَ كَانَ أَنْشَطَ وَأَبْعَثَ كَالْمُسَافِرِ إذَا قَطَعَ مَسَافَةً، وَشَرَعَ فِي أُخْرَى وَلِذَلِكَ جُعِلَ الْقُرْآنُ سُوَرًا، وَقَالَ السَّيِّدُ الصَّفَوِيُّ: لِأَنَّهُ أَسْهَلُ فِي وِجْدَانِ الْمَسَائِلِ وَالرُّجُوعِ لَهَا وَأَدْعَى لِحُسْنِ التَّرْتِيبِ وَالنَّظْمِ وَإِلَّا لَرُبَّمَا تُذْكَرُ مُنْتَشِرَةً فَتَعْسُرُ مُرَاجَعَتُهَا بِرْمَاوِيٌّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلِتَقَدُّمِ السَّبَبِ طَبْعًا الْمُنَاسِبُ لَهُ تَقْدِيمُهُ وَضْعًا كَانَ تَقْدِيمُهَا هُنَا عَلَى الْوُضُوءِ أَظْهَرَ مِنْ عَكْسِهِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ مُحْدِثًا أَيْ: لَهُ حُكْمُ الْمُحْدِثِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَعْرِفَ أَوَّلًا الْوُضُوءَ، ثُمَّ نَوَاقِضَهُ وَلِذَا لَمَّا لَمْ يُولَدْ جُنُبًا اتَّفَقُوا عَلَى تَقْدِيمِ مُوجِبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ. اهـ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ: فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ لَا فِي نِيَّةِ النَّاوِي وَقَوْلُهُ كَمَا هُنَا أَيْ: كَالتَّعْبِيرِ الَّذِي فِي التَّرْجَمَةِ، فَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْأَكْبَرِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ التَّبَادُرَ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَقِيقَةِ. ح ل (قَوْلُهُ غَالِبًا) فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَكْبَرِ فِي نِيَّةِ غُسْلِ الْجُنُبِ لِقَرِينَةِ حَالِهِ ق ل وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ الْغَالِبِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطَّهَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ رَفْعُ حَدَثٍ إلَخْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَكْبَرَ وَالْأَصْغَرَ (قَوْلُهُ اعْتِبَارِيٍّ) أَيْ: اعْتَبَرَ الشَّارِعُ وُجُودَهُ لَا أَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ الَّتِي لَا وُجُودَ لَهَا فِي الْخَارِجِ لِمَا قِيلَ: إنَّ أَهْلَ الْبَصَائِرِ تُشَاهِدُهُ ظُلْمَةً عَلَى الْأَعْضَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَعْضَاءِ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمُرَجَّحِ، وَقِيلَ: يَقُومُ بِأَعْضَاءِ الْبَدَنِ، وَيَرْتَفِعُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ ق ل وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُغْسَلُ وُجُوبًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهُوَ فِي الرَّأْسِ جُزْءٌ مُبْهَمٌ، وَيَتَعَيَّنُ بِوُقُوعِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَدُخُولِ الْمَنْدُوبِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ اسْمِ الْوُضُوءِ لَهُ، وَقِيلَ: بِجَمِيعِهَا فَيَدْخُلُ الْمَنْدُوبُ فِيهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ) أَيْ: وَغَيْرَهَا، وَخَصَّهَا لِأَنَّهَا الْمُعْظَمُ. (قَوْلُهُ يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ) أَيْ: لَوْ كَانَ أَوْ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَيَشْمَلُ الْحَدَثَ الثَّانِيَ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: الْأَسْبَابِ بِوَاسِطَةِ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ أَوْ الْمُرَادُ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي جَعْلِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَيْهِ مَعَ جَعْلِهِ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِهِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: حَيْثُ قَالَ: يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ جُزْءًا مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَعِبَارَةُ ق ل أَمَّا تَرَتُّبُ الْمَنْعِ عَلَى الْأَسْبَابِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا عَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا مُتَقَارِنَانِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّرَتُّبِ تَوَقُّفُهُ عَلَيْهِ. اهـ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ مُتَأَخِّرٌ عَمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالتَّرَتُّبِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّرَتُّبِ وَالتَّوَقُّفِ عَدَمُ الِانْفِرَادِ لِوُجُودِ التَّلَازُمِ بَيْنَ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَالْمَنْعِ. اهـ ح ف.
وَلَمْ يَقُلْ: حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ وَالْمُرَخِّصُ فَقْدُ الطَّهُورَيْنِ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي) أَيْ: بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ هِيَ خُرُوجُ إلَخْ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَسْبَابَ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْحَدَثُ ظَاهِرٌ فِي الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ، وَالْمَنْعِ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَأَمَّا إطْلَاقُهُ عَلَى الْأَسْبَابِ قَالَ سم: ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ حَقِيقِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَجَازِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا ع ش: إنَّهُ صَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute