للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مُؤَنُ غَيْرُ تَنْظِيفٍ) مِنْ نَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ، وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَسَلْطَنَتِهِ بِخِلَافِ مُؤَنِ تَنَظُّفِهَا لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا (فَلَوْ أَنْفَقَ) مَثَلًا (لِظَنِّ حَمْلٍ فَأَخْلَفَ) بِأَنْ بَانَتْ حَائِلًا (اسْتَرَدَّ مَا) أَنْفَقَهُ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا) لِتَبَيُّنِ خَطَأِ الظَّنِّ، وَتُصَدَّقُ فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا بِيَمِينِهَا إنْ كَذَّبَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ.

(، وَلَا مُؤْنَةَ) مِنْ نَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ (لِحَائِلٍ بَائِنٍ) ، وَلَوْ بِفَسْخٍ، أَوْ وَفَاةٍ لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا.

(، وَتَجِبُ لِحَامِلٍ) لِآيَةِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦] (لَهَا) أَيْ: لِنَفْسِهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ لَا لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ؛ وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَالْمُعْسِرِ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْسِرِ (لَا) لِحَامِلٍ مُعْتَدَّةٍ (عَنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) ، وَلَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ (، وَ) لَا عَنْ (فَسْخٍ بِمُقَارِنٍ) ؛ لِلْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ، وَالِانْفِسَاخِ بِعَارِضٍ كَرِدَّةٍ، وَرَضَاعٍ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) لَا عَنْ (وَفَاةٍ) لِخَبَرِ «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ؛ وَلِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْوَفَاةِ، وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ مُؤْنَتُهُ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِيمَا لَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا؛ لِأَنَّهَا، وَجَبَتْ قَبْلَ الْوَفَاةِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَائِنَ لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَأَمَّا إسْكَانُهَا فَتَقَدَّمَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ (، وَمُؤْنَةُ عِدَّةٍ كَمُؤْنَةِ زَوْجَةٍ) فِي تَقْدِيرِهَا، وَوُجُوبِهَا يَوْمًا فَيَوْمًا، وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ؛ وَلِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُؤْنَةٌ لِلزَّوْجَةِ لَا لِلْحَمْلِ كَمَا مَرَّ (، وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا) لَهَا (إلَّا بِظُهُورِ حَمْلٍ) لِيَظْهَرَ سَبَبُ الْوُجُوبِ، وَمِثْلُهُ اعْتِرَافُ الْمُفَارِقِ بِالْحَمْلِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ.

(فَصْلٌ)

فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ لَوْ (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (مَالًا، وَكَسْبًا لَائِقًا بِهِ بِأَقَلِّ نَفَقَةٍ، أَوْ كِسْوَةٍ، أَوْ بِمَسْكَنٍ) لِزَوْجَتِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: مُؤَنُ غَيْرُ تَنَظُّفٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُؤَنَ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ، وَمُؤَنُ التَّنَظُّفِ، وَاحِدٌ مِنْهَا فَمَا عَدَاهَا تِسْعَةٌ تَجِبُ لِلرَّجْعِيَّةِ.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ، وَالْحَامِلَ الْبَائِنَ غَيْرَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا يَجِبُ لَهُمَا الْمُؤَنُ سِوَى آلَةِ التَّنَظُّفِ، وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ، وَالْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا يَجِبُ لَهُمَا السُّكْنَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَسَلْطَنَتُهُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ عِ ش (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَنْفَقَ) أَيْ: عَلَى الرَّجْعِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَكَيْفَ يَقُولُ لِظَنِّ حَمْلٍ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا زِيَادَةً عَلَى عِدَّتِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ اسْتَرَدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ:، أَوْ أَسْكَنَ، أَوْ كَسَا (قَوْلُهُ: لِظَنِّ حَمْلٍ) ، وَلَوْ ادَّعَتْ سُقُوطَ الْحَمْلِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ع ش (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ حَبْسٌ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ ح ل. (قَوْلُهُ:، وَتُصَدَّقُ فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا) ، وَلَوْ خَالَفْت عَادَتَهَا م ر

(قَوْلُهُ:، وَتَجِبُ) أَيْ: الْمُؤَنُ الشَّامِلَةُ لِلنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ غَيْرُ آلَةِ التَّنْظِيفِ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: لِآيَةِ وَإِنْ كُنَّ إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا النَّفَقَةَ، وَلَيْسَ فِيهَا الْكِسْوَةُ، وَغَيْرُهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ إذَا أُطْلِقَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا الْمُؤَنُ فَتَشْمَلُ الْكِسْوَةَ، وَغَيْرَهَا كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْحَمْلِ) ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا، وَمَكَثَ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَامِلِ بِالنُّشُوزِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْكَنِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ح ل، وَع ش. (قَوْلُهُ: لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ) أَيْ:، وَهِيَ لَا تُقَدَّرُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَذِّرَةٌ بَلْ تُقَدَّرُ بِالْأَمْدَادِ بِحَسَبِ الْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ، وَالتَّوَسُّطِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: لَا لِحَامِلٍ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) بِأَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَحَمَلَتْ مِنْهَا، وَهِيَ عِصْمَةُ زَوْجِهَا فَلَا مُؤْنَةَ لَهَا لَا عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا عَلَى الْوَاطِئِ كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْمَوْضُوعِ، وَهُوَ الْحَامِلُ الْبَائِنُ، وَلَا يَصِحُّ تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ تُقَدَّمُ. ا. هـ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْفَسْخَ الْمَذْكُورَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَسْتَحِقُّ بِهِ مُؤْنَةً ح ل. (قَوْلُهُ:، وَالْقَرِيبُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمُؤْنَةَ لِلْحَمْلِ لَا لَهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا وَجَبَتْ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ كَانَتْ كَأَنَّهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إسْكَانُهَا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ، وَلَا مُؤْنَةَ لِحَائِلٍ بَائِنٍ أَيْ: بِغَيْرِ إسْكَانٍ. ا. هـ (قَوْلُهُ:، وَمُؤْنَةُ عِدَّةٍ) أَيْ: الْمُؤْنَةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِظُهُورِ حَمْلٍ) ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهَا لَهَا، وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْحَمْلِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ مِنْ أَوَّلِ الْعِدَّةِ ح ل.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ]

(قَوْلُهُ: لَوْ أَعْسَرَ إلَخْ) ، وَلَا يَمْنَعُ إعْسَارَهُ عَقَارٌ، أَوْ عَرَضٌ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُمَا شَرْحُ م ر، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُمَا بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَيَكُونُ كَالْمَالِ الْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَائِقًا بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُ اللَّائِقِ غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ شَرْحُ م ر وحج فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ بَدَلَ هَذَا الْقَيْدِ حَلَالًا إذْ هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ، وَخَرَجَ بِهِ الْحَرَامُ فَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَهَا الْفَسْخُ. ا. هـ (قَوْلُهُ: أَوْ كِسْوَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَفَقَةٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ، أَوْ بِأَقَلَّ كِسْوَةٍ، وَيُرَادُ بِأَقَلِّ الْكِسْوَةِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّرَاوِيلِ، وَالْمُكَعَّبِ فَإِنَّهُ لَا فَسْخَ بِذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ:، أَوْ بِمَسْكَنٍ) عَطْفٌ عَلَى بِأَقَلِّ فَلَا تُفْسَخُ إذَا وَجَدَ مَسْكَنًا، وَلَوْ غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا خِلَافًا لِمَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْ ع ب أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِ اللَّائِقِ ح ل، وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَعْسَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>