مِنْ مَالِهِ زَكَاةَ مُوَلِّيهِ الْغَنِيِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ مُوَلِّيهِ كَوَلَدٍ رَشِيدٍ وَأَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفِطْرَةِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ
(وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرَانِ أَوْ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي رَقِيقٍ لَزِمَ كُلَّ مُوسِرٍ قَدْرُ حِصَّتِهِ) لَا مِنْ وَاجِبِهِ كَمَا وَقَعَ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الرَّقِيقِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي وَتَعْبِيرِي بِالرَّقِيقِ وَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ وَنِصْفِ صَاعٍ.
[دَرْسٌ] (بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ) مِمَّا
اتَّصَفَ بِوَصْفٍ كَمَغْصُوبٍ وَضَالٍّ (تَلْزَمُ) زَكَاةُ الْمَالِ (مُسْلِمًا)
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَمَّا مُوَلِّيهِ الْفَقِيرُ فَيَجِبُ عَلَى الْأَصْلِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْأَصْلِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ أَوْ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ ح ف (قَوْلُهُ: رَشِيدٍ) أَيْ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَصْلِهِ أَمَّا السَّفِيهُ فَكَالصَّغِيرِ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِتَمْلِيكِهِ وَأَمَّا لَوْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ، لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يَجُزْ جَزْمًا، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ فَلَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِدُونِ إذْنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ ع ش: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ، لِأَنَّهَا إلَخْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ أَهْلُ الزَّكَاةِ مِنْ دَفْعِهَا وَظَفِرَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا وَلَا يُجْزِئُ إذَا أَخَذَهَا
(قَوْلُهُ: أَوْ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ إلَخْ) مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَجَمِيعُهَا عَلَى الْمُوسِرِ إنْ وَقَعَ زَمَنُ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَوْبَةِ الْمُعْسِرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُبَعَّضِ الْمُعْسِرِ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَالَ ق ل: لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَا مِنْ وَاجِبِهِ) أَيْ وَاجِبِ كُلِّ مُوسِرٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا وَقَعَ لَهُ فِي الْأَصْلِ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْأَوْلَى تَأْوِيلُ عِبَارَتِهِ بِحَمْلِهَا عَلَى مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اُعْتُبِرَ قُوتُ بَلَدِ الْمُؤَدِّي وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ هُنَا فِي رَقِيقٍ غَيْرِ مُكَلَّفٍ فَيَجُوزُ تَبْعِيضُ الصَّاعِ حِينَئِذٍ. اهـ وَقَوْلُهُ: بَلَدِ الْمُؤَدِّي أَيْ، لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا يُلَاقِي الْمُؤَدِّيَ ابْتِدَاءً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا وَادَّعَى الْقَطْعَ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنَاقَشَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ مُلَاقَاةِ الْوُجُوبِ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ إذَا كَانَ لَا يَسْتَقِرُّ وَالْمَحْذُورُ إنَّمَا هُوَ مُلَاقَاةُ مَا يَسْتَقِرُّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَلَّ شَوَّالٌ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ نِسْبَتُهَا فِي الْقُرْبِ إلَى بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعْتَبَرُ قُوتُ بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي بَلَدٍ لَا قُوتَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ بَلْدَتَيْ السَّيِّدَيْنِ مِنْ الْأَقْوَاتِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَصْوِيرٍ صَحِيحٍ لَا يُعْدَلُ إلَى تَغْلِيطِهِمْ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا صَحَّحَهُ هُنَا وَمَا صَحَّحَهُ أَوَّلًا مِنْ كَوْنِ الْأَصَحِّ اعْتِبَارَ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ. اهـ
[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ]
(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ) أَيْ بَابٌ فِي شُرُوطِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُ دَيْنٌ وُجُوبَهَا إلَى آخِرِ الْبَابِ وَقَيَّدَ بِالْمَالِ، لِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ فِي قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا اتَّصَفَ بِوَصْفٍ إلَخْ) لَمَّا وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ أَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ، لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مِمَّا اتَّصَفَ بِوَصْفٍ أَيْ فَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي يُتَوَهَّمُ مِنْهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا تَكْرَارَ، وَقَالَ ح ل: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بَيَانَ الْأَعْيَانِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَنَقْدٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ مِنْ حَيْثُ اتِّصَافُهُ بِوَصْفٍ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ: تَلْزَمُ مُسْلِمًا حُرًّا) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَهِيَ خَمْسَةٌ ذَكَرَ مِنْهَا صَرِيحًا الْإِسْلَامَ وَالْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ مِنْهَا تَلْوِيحًا ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ وَصَرَّحَ بِهَا الرَّمْلِيُّ وَهِيَ قُوَّةُ الْمِلْكِ وَتَيَقُّنُ وُجُودِ الْمَالِكِ وَتَعَيُّنُ الْمَالِكِ فَذَكَرَ الْأَوَّلَ تَلْوِيحًا فِي مَسْأَلَةِ الْمُكَاتَبِ وَذَكَرَ الثَّانِيَ تَلْوِيحًا فِي مَسْأَلَةِ الْجَنِينِ حَيْثُ قَالَ: إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ، وَذَكَرَ الثَّالِثَ تَلْوِيحًا فِي مَسْأَلَةِ الْغَنِيمَةِ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْمُرَادُ مُسْلِمًا غَيْرَ نَبِيٍّ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: ٣١] فَالْمُرَادُ بِهَا زَكَاةُ الْبَدَنِ وَالْمُرَادُ بِهَا زَكَاةُ النَّفْسِ عَنْ الرَّذَائِلِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِمَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الْآيَةَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ فِيهَا الْإِكْثَارُ مِنْ الْخَيْرِ لَا زَكَاةُ الْفِطْرِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى جَعْلِهِ عَدَمَ الزَّكَاةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْأَعْلَامِ