للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ (حُرًّا أَوْ مُبَعَّضًا) مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا فَلَا تَجِبُ عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا بِخِلَافِ مِنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ لَهُ (وَتُوَقِّفَ فِي مُرْتَدٍّ) لَزِمَتْهُ فِي رِدَّتِهِ كَمِلْكِهِ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا

(وَتَجِبُ فِي مَالِ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ لِشُمُولِ الْخَبَرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ آنِفًا لِمَالِهِ وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْهُ وَلِيُّهُ وَلَا تَجِبُ فِي مَالٍ وَقْفٍ لِجَنِينٍ إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ وَقَوْلِي مَحْجُورٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

: تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ كَذَا نَقَلَهُ الْأُجْهُورِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ لِلسُّيُوطِيِّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ كَمَالِكٍ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَاعْتَمَدَ الْبِرْمَاوِيُّ عَدَمَ وُجُوبِهَا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَيْضًا فَيَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ إلَخْ) هَذِهِ حِكَايَةٌ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ بِالْمَعْنَى وَلَفْظُهُ فِيمَا سَبَقَ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ لِأَنَسٍ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَتَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ الْمُكَاتَبِ قُلْت: وَيَجُوزُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مِلْكِ الرَّقِيقِ فَالْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَظْهَرِ وَالثَّانِي لِمُقَابِلِهِ لَا يُقَالُ هُوَ لَا يَتَعَرَّضُ لِلضَّعِيفِ لِأَنَّا نَقُولُ يَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ أَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاجِحِ وَمُقَابِلِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا) فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ صَارَ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَابْتِدَاءُ حَوْلِهِ مِنْ حِينَئِذٍ وَإِنْ عَتَقَ ابْتَدَأَ حَوْلَهُ مِنْ حِينِ عِتْقِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَتُوُقِّفَ فِي مُرْتَدٍّ) أَيْ تُوُقِّفَ لُزُومُ أَدَائِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ فِي رِدَّتِهِ) أَيْ بِأَنْ وَجَبَتْ حَالَ الرِّدَّةِ، بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَمْ قُتِلَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ، وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لِأَنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ، وَيُجْزِئُهُ أَيْضًا فِي الْأُولَى إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ.

وَقَوْلُهُ: بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ صَادِقٌ بِمَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ جَمِيعُ الْحَوْلِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَائِهِ وَاسْتَمَرَّ إلَى تَمَامِهِ وَلَمْ يُقْتَلْ وَبِالصُّورَتَيْنِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ وَقَوْلُهُ: إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِلْإِسْلَامِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا دَفَعَهُ وَيَسْتَرِدُّ مِنْ الْقَابِضِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْقَابِضُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ أَمْ لَا. قَالَ حَجَرٌ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَجَّلَةِ بِأَنَّ الْمُخْرِجَ هُنَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِخْرَاجِ بِخِلَافِ الْمُعَجَّلَةِ فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِخْرَاجِ فِي الْجُمْلَةِ فَحَيْثُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَابِضُ بِأَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ لَا تُسْتَرَدُّ مِنْهُ. اهـ بِالْمَعْنَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ إنَّهُ حَيْثُ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَالَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ فَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ فَيَضْمَنُهُ آخِذُهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَأَمَّا فِي الْمُعَجَّلَةِ فَالْمُخْرِجُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَتَصَرُّفُهُ فِي مِلْكِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُعَجَّلُ أَنَّهُ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَوْ زَكَاةٌ غَيْرُ مُعَجَّلَةٍ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَالْحَادِثُ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَمِلْكِهِ) أَيْ كَمَا يُوقَفُ مِلْكُهُ

(قَوْلُهُ: وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْهُ وَلِيُّهُ) فَإِذَا أَخَّرَ إخْرَاجَ زَكَاةِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَصَى قَالَهُ فِي التَّجْرِيدِ قَالَ الشَّيْخُ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ فَتَلِفَ الْمَالُ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِمْ حَتَّى تَلِفَ الْمَالُ صَارَ مُقَصِّرًا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّهِمْ وَلَا يَضْمَنُ الْبَاقِيَ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ يُوجِبُ ضَمَانَهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ قَالَ ح ل وَم ر: وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ يَرَى الْوُجُوبَ كَشَافِعِيٍّ وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ حَنَفِيًّا لَا يَرَى الْوُجُوبَ إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ الْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَا يَرَى وُجُوبَ ذَلِكَ كَحَنَفِيٍّ أَيْ وَلَمْ يُلْزِمْهُ حَاكِمٌ بِالْإِخْرَاجِ، فَالِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَ الزَّكَاةَ وَأَنْ يَحْبِسَهَا إلَى أَنْ يَكْمُلَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَمُلَ أَخْبَرَهُ بِهَا وَلَا يُخْرِجُهَا لِئَلَّا يُغَرِّمَهُ لَهَا الْحَاكِمُ إذَا رَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ فِي مَالٍ وُقِفَ لِجَنِينٍ) أَيْ لِأَجْلِ جَنِينٍ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ أَخْبَرَ بِحَيَاتِهِ مَعْصُومٌ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى انْفِصَالِهِ حَيًّا وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ إذْ لَا وُثُوقَ إلَخْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ حَتَّى لَوْ مَكَثَ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>