وَالصَّغِيرَةُ (كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (وَ) لَعِبٍ (بِشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا (إنْ شُرِطَ) فِيهِ (مَالٌ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ قِمَارٌ وَفِي الثَّانِي مُسَابَقَةٌ عَلَى غَيْرِ آلَةِ الْقِتَالِ فَفَاعِلُهَا مُتَعَاطٍ لِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَكُلٌّ مِنْهَا حَرَامٌ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الثَّانِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْرَطْ فِيهِ مَالٌ (كُرِهَ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ صَرْفَ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي نَعَمْ إنْ لَعِبَهُ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ حَرُمَ (كَغِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (بِلَا آلَةٍ وَاسْتِمَاعِهِ) فَإِنَّهُمَا مَكْرُوهَانِ؛ لِمَا فِيهِمَا مِنْ اللَّهْوِ، أَمَّا مَعَ الْآلَةِ فَمُحَرَّمَانِ وَتَعْبِيرِي بِالِاسْتِمَاعِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالسَّمَاعِ (لَا حِدَاءٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْمَدِّ وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رِجْزٍ وَغَيْرِهِ (وَدُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا؛ لِمَا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَعُرْسٍ وَخِتَانٍ وَعِيدٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ (وَلَوْ بِجَلَاجِلَ) وَالْمُرَادُ بِهَا الصُّنُوجُ جَمْعُ صَنْجٍ وَهُوَ الْحُلُقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرُ الْعِرَاضُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ (وَاسْتِمَاعِهِمَا) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ؛ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ تَنْشِيطِ الْإِبِلِ لِلسَّيْرِ وَإِيقَاظِ النُّوَّامِ وَفِي الثَّانِي مِنْ إظْهَارِ السُّرُورِ وَوَرَدَ فِي حِلِّهِمَا أَخْبَارٌ بَلْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِسَنِّ الْأَوَّلِ وَالْبَغَوِيُّ بِسَنِّ الثَّانِي، وَحِلُّ اسْتِمَاعِهِمَا تَابِعٌ لِحِلِّهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اسْتِمَاعِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي. .
(وَكَاسْتِعْمَالِ آلَةٍ مُطْرِبَةٍ كَطُنْبُورِ) بِضَمِّ الطَّاءِ (وَعُودٍ وَصَنْجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُسَمَّى الصُّفَّاقَتَيْنِ وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى (وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ مَا يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ (وَيَرَاعٍ) وَهُوَ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ فَكُلُّهَا صَغَائِرُ لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّ الْيَرَاعِ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ بِتَحْرِيمِهِ (وَكُوبَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ (وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُقَدَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَعَاصِي أَكْثَرَ مِنْ الطَّاعَاتِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا قَالَ م ر وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ صَغِيرَةٍ تَابَ مِنْهَا مُرْتَكِبُهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ لِإِذْهَابِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَثَرَهَا رَأْسًا اهـ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ وَمِثْلُ التَّوْبَةِ مِنْهَا وُقُوعُ كُلِّ مُكَفِّرٍ لَهَا. (قَوْلُهُ: كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ) وَهُوَ الطَّاوِلَةُ الْمَعْرُوفَةُ قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَهُ الْفُرْسُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ نُصَيْرِ بْنِ الْبُرْهَانِ الْأَكْبَرِ وَلَعِبَ بِهِ وَجَعَلَهُ حِيَلًا لِلْمَكَاسِبِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ بِالْكَسْبِ وَالْحِيلَةِ وَإِنَّمَا تُنَالُ بِالْمَقَادِيرِ اهـ وَفَارَقَ الشِّطْرَنْجَ حَيْثُ يُكْرَهُ إنْ خَلَا عَنْ الْمَالِ بِأَنَّ مُعْتَمَدَهُ الْحِسَابُ الدَّقِيقُ وَالْفِكْرُ الصَّحِيحُ فَفِيهِ تَصْحِيحُ الْفِكْرِ وَنَوْعٌ مِنْ التَّدْبِيرِ، وَمُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ وَيُقَاسُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ فَالطَّابُ كَالنَّرْدِ وَالْمُنَقِّلَةُ كَالشِّطْرَنْجِ م ر وز ي (قَوْلُهُ: وَبِشِطْرَنْجٍ) أَعَادَ الْبَاءَ لِأَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي بَعْدَهُ خَاصٌّ بِهِ وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشِّطْرَنْجِ فَقَالَ إذَا سَلِمَ الْمَالُ مِنْ النُّقْصَانِ وَالصَّلَاةُ مِنْ النِّسْيَانِ فَذَاكَ أُنْسٌ بَيْنَ الْإِخْوَانِ قَالَهُ سَهْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ. (قَوْلُهُ: قِمَارٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ اللَّعِبُ الَّذِي فِيهِ تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْغُرْمِ وَالْغُنْمِ.
(قَوْلُهُ: مُتَعَاطٍ لِعَقْدٍ فَاسِدٍ) أَمَّا مَعَ أَخْذِ الْمَالِ فَكَبِيرَةٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ مَالٍ ز ي (قَوْلُهُ حَرُمَ) لِإِعَانَتِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حُرْمَةِ الْكَلَامِ مَعَ الْمَالِكِيِّ فِي وَقْتِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَأَوَّلُ مَا عُمِلَ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ مُهَابٍ وَأَوَّلُ مَنْ أَدْخَلَهُ بِلَادَ الْعَرَبِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ خَرَشِيٌّ فِي كَبِيرِهِ. (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ) وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشِّعْرِ وَيَحْرُمُ اسْتِمَاعُ غِنَاءِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ إنْ خِيفَ مِنْهُ فِتْنَةٌ وَلَوْ نَحْوَ نَظَرٍ مُحَرَّمٍ ز ي.
(قَوْلُهُ فَمُحَرَّمَانِ) ، وَعِبَارَةُ م ر وَمَتَى اقْتَرَنَ بِالْغِنَاءِ آلَةٌ مُحَرَّمَةٌ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ ع ش قَالَ الْغَزَالِيُّ الْغِنَاءُ إنْ قُصِدَ بِهِ تَرْوِيحُ الْقَلْبِ عَلَى الطَّاعَةِ فَهُوَ طَاعَةٌ أَوْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ لِمَا هُوَ سَبَبٌ) أَيْ: يُضْرَبُ لِمَا هُوَ سَبَبٌ. (قَوْلُهُ: دَاخِلَ الدُّفِّ) أَيْ: دُفِّ الْعَرَبِ وَقَوْلُهُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ أَيْ: دُفِّ الْعَجَمِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَدُفٍّ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّارِ ع ش وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّهُ مُضَرُ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. ح ل. .
. (قَوْلُهُ: وَكَاسْتِعْمَالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَلَعِبٍ ح ل. (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى الصُّفَّاقَتَيْنِ) كَالنُّحَاسَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَضْرِبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى يَوْمَ خُرُوجٍ لِمَحْمَلٍ وَنَحْوِهِ ع ش وَهُوَ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَرَاءُ الْمُسَمَّى بِالْكَاسَاتِ وَمِثْلُهُمَا قِطْعَتَانِ مِنْ صِينِيٍّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَخَشَبَتَانِ كَذَلِكَ وَأَمَّا التَّصْفِيقُ بِالْيَدَيْنِ فَمَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ صُفْرٍ) أَيْ: نُحَاسٍ أَصْفَرَ ع ش.
(قَوْلُهُ يُقَالُ: لَهَا الشَّبَّابَةُ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْغَابِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالشَّبَّابَةُ هِيَ مَا لَيْسَ لَهُ بُوقٌ وَمِنْهَا الصَّفَّارَةُ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ وَكُوبَةٍ) وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ طَبْلٍ حَلَالٌ إلَّا الْكُوبَةَ الْمَذْكُورَةَ وَكُلُّ مِزْمَارٍ حَرَامٌ وَلَوْ مِنْ بِرْسِيمٍ أَوْ قِرْبَةٍ إلَّا مِزْمَارَ النَّفِيرِ لِلْحَاجِّ قَالَ ح ل وَكُلُّ مَا حَرُمَ حَرُمَ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهَلْ مِنْ الْحَرَامِ لَعِبُ الْبَهْلَوَانِ وَاللَّعِبُ بِالْحَيَّاتُ الرَّاجِحُ الْحِلُّ حَيْثُ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَيَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَا يَحِلُّ اللَّعِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute