للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَسَطِ وَاسْتِمَاعِهَا) أَيْ: الْآلَاتِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ وَهِيَ مُطْرِبَةٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّشْبِيهُ بِمَنْ يَعْتَادُ اسْتِعْمَالَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ، وَذِكْرُ اسْتِمَاعِ الْكُوبَةِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا رَقْصٍ) فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا مَكْرُوهٍ بَلْ مُبَاحٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ» وَالزَّفْنُ الرَّقْصُ وَلِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ (إلَّا بِتَكَسُّرٍ) فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمُخَنَّثِينَ. .

(وَلَا إنْشَاءُ مُشْعِرٍ وَإِنْشَادِهِ وَاسْتِمَاعِهِ) فَكُلٌّ مِنْهَا مُبَاحٌ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغَى إلَيْهِمْ مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَذِكْرُ اسْتِمَاعِهِ مِنْ زِيَادَتِي (إلَّا بِفُحْشٍ) كَهَجْوٍ لِمَعْصُومٍ (أَوْ تَشْبِيبٍ بِمُعَيَّنٍ مِنْ أَمْرَدَ أَوْ امْرَأَةٍ غَيْرِ حَلِيلَةٍ) وَهُوَ ذِكْرُ صِفَاتِهِمَا مِنْ طُولٍ وَقِصَرٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ بِخِلَافِ تَشْبِيبِهِ بِمُبْهَمٍ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ، وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ، أَمَّا حَلِيلَتُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَلَا يَحْرُمُ التَّشْبِيبُ بِهَا نَعَمْ إنْ ذَكَرَهَا بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ، وَذِكْرُ الْأَمْرَدِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْحَلِيلَةِ مِنْ زِيَادَتِي. .

(وَالْمُرُوءَةُ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ عُرْفًا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ (فَيُسْقِطُهَا أَكْلٌ وَشُرْبٌ وَكَشْفُ رَأْسٍ وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً حَيْثُ) أَيْ: بِمَكَانٍ (لَا يُعْتَادُ) لِفَاعِلِهَا كَأَنْ يَفْعَلَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ غَيْرُ سُوقِيٍّ فِي سُوقٍ، وَلَمْ يَغْلِبْهُ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِينَ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ وَيَفْعَلُ الرَّابِعَ فَقِيهٌ فِي بَلَدٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُ لُبْسَ ذَلِكَ فِيهِ وَقَوْلِي: وَشُرْبٌ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِكَشْفِ الرَّأْسِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَشْيِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالتَّقْيِيدُ فِي هَذِهِ بِحَيْثُ لَا يُعْتَادُ مِنْ زِيَادَتِي وَفِي الْأَكْلِ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالسُّوقِ وَكَكَشْفِ الرَّأْسِ كَشْفُ الْبَدَنِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْعَوْرَةِ، أَمَّا ذَلِكَ فَمِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. .

(وَقُبْلَةُ حَلِيلَةٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (بِحَضْرَةِ النَّاسِ) الَّذِينَ يُسْتَحَى مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ (وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ) بَيْنَهُمْ (أَوْ) إكْثَارُ (لَعِبِ شِطْرَنْجٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ اسْتِمَاعِهِ أَوْ رَقْصٍ) بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَمْسَةِ إلَّا قَلِيلَ ثَانِيهَا فِي الطَّرِيقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْخَاتَمِ وَبِالْحَمَامِ حَيْثُ لَا مَالَ اهـ. (قَوْلُهُ وَاسْتِمَاعِهَا) بِالْجَرِّ. (قَوْلُهُ الشَّرَبَةِ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ جَمْعُ شَارِبٍ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيْسِرَ) هُوَ الْقِمَارُ وَهُوَ مَا يَكُونُ فِعْلُهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ وَأَنْ يَغْرَمَ صَغِيرَةً إنْ لَمْ يُؤْخَذْ مَالٌ وَإِلَّا فَكَبِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: الْمُخَنَّثُونَ) بِكَسْرِ النُّونِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْأَشْهَرِ عَبْدُ الْبَرِّ أَيْ: الْمُتَخَلِّقُونَ بِخُلُقِ النِّسَاءِ حَرَكَةً وَهَيْئَةً شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ) وَجَوَازُ نَظَرِهَا لَهُمْ إمَّا لِصِغَرِهَا أَوْ لِكَوْنِهِمْ مَسْتُورِينَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيَزْفِنُونَ) بَابُهُ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. .

. (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهَا مُبَاحٌ) إلَّا إذَا اشْتَمَلَ عَلَى كَذِبٍ مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا حَرُمَ وَإِنْ قَصَدَ إظْهَارَ الصَّنْعَةِ لِإِيهَامِ الصِّدْقِ ح ل وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ حَيْثُ أَكْثَرَ مِنْهُ س ل. (قَوْلُهُ: لِمَعْصُومٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا لَا حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا س ل وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ غَيْرُهُ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ إذَا هَجَاهُ بِمَا تَظَاهَرَ أَيْ: تَجَاهَرَ بِهِ مِنْ بِدْعَةٍ وَفِسْقٍ كَمَا تَجُوزُ غَيْبَتُهُ حِينَئِذٍ ز ي. (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ) وَحَرُمَ إنْ تَأَذَّتْ الْحَلِيلَةُ ع ش. .

. (قَوْلُهُ: وَالْمُرُوءَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُرُوءَةُ آدَابٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْمِلُ مُرَاعَاتُهَا الْإِنْسَانَ عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهِيَ لُغَةً الِاسْتِقَامَةُ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ. اهـ. ز ي وَعَرَّفَهَا النَّوَوِيُّ بِأَنْ يَتَخَلَّقَ الْإِنْسَانُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ. (قَوْلُهُ: قَبَاءً) هُوَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ وَأَمَّا الْقَبَاءُ الْمَشْهُورُ الْآنَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ فَقَدْ صَارَ شِعَارَ الْفُقَهَاءِ وَنَحْوِهِمْ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَنْسُوَةً) وَهِيَ غِشَاءٌ يُبَطَّنُ يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ وَحْدَهُ كَالْكُوفِيَّةِ وَزِيُّ أَهْلِ الْيَمَنِ وَجَمْعُهَا قَلَانِسُ عَبْدُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَفْعَلَ الثَّلَاثَةَ إلَخْ) وَهَلْ تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ حَرَامٌ مُطْلَقًا أَوْ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا أَوْ يُفَصَّلُ أَقْوَالٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ شَهَادَةٌ حَرُمَ بِأَنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا الشَّهَادَةَ وَإِلَّا فَلَا بَابِلِيٌّ وَيَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى أَوْجُهٍ أَوْجَهُهَا حُرْمَتُهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا رَدُّ شَهَادَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَصَدَ؛ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّسَبُّبُ فِي إسْقَاطِ مَا تَحْمِلُهُ وَصَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَكْلِ بِهِ) أَيْ: بِحَيْثُ لَا يُعْتَادُ إلَخْ؛ لِأَنَّ حَيْثُ بِمَعْنَى مَكَان. .

. (قَوْلُهُ: وَقُبْلَةُ حَلِيلَةٍ) أَيْ: مِنْ نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَلَا وَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا شَرْحُ م ر وَعَدَّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ذَلِكَ حِكَايَةَ مَا يَتَّفِقُ لَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي الْخَلْوَةِ وَجَزَمَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَةِ هَذَا وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِتَحْرِيمِهِ. اهـ. ز ي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَأَذَّتْ بِذَلِكَ وَحُمِلَ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَأَذَّ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ النَّاسِ) وَلَوْ مَحَارِمَ لَهَا أَوْ لَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ) أَيْ: بِقَصْدِ إضْحَاكِهِمْ ح ل لِخَبَرِ «مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ كَبِيرَةٌ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلِمَةٍ فِي الْغَيْرِ بِبَاطِلٍ يُضْحِكُ بِهَا أَعْدَاءَهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيذَاءِ مَا يُعَادِلُ مَا فِي كَبَائِرَ كَثِيرَةٍ مِنْهُ حَجّ قَالَ فِي شَرْحِ م ر وَتَقْيِيدُ الْإِكْثَارِ بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>