(وَشُرِطَ لَهُ) أَيْ لِلتَّقْدِيمِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: (تَرْتِيبٌ:) بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى، لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ فَلَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ وَيُعِيدُهَا بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ الْجَمْعَ.
(وَ) ثَانِيهَا: (نِيَّةُ جَمْعٍ) لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا أَوْ عَبَثًا (فِي أُولَى) وَلَوْ مَعَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ لَكِنْ أَوَّلُهَا أَوْلَى.
(وَ) ثَالِثُهَا: (وَلَاءٌ) بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ (عُرْفًا) لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالَى بَيْنَهُمَا وَتَرَكَ الرَّوَاتِبَ بَيْنَهُمَا وَأَقَامَ الصَّلَاةَ بَيْنَهُمَا» فَيَضُرُّ فَصْلٌ طَوِيلٌ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَسَهْوٍ وَإِغْمَاءٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِعَادَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةَ الْأُولَى، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ظَنُّ ذَلِكَ فَجَازَ، وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُ الْأُولَى مَعَ التَّأْخِيرِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ فِي الطُّهْرِ لَوْ فَعَلَتْهَا. اهـ. ع ش م ر
(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ لَهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ فِي الْمَتْنِ قَوْلُهُ: تَرْتِيبٌ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ لَكِنَّ حَلَّهُ فِي شَرْحِهِ مُشْكِلٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَائِبَ الْفَاعِلِ أَرْبَعَةُ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ كَالْفَاعِلِ فَكَيْفَ جَعَلَهُ مَحْذُوفًا، وَجَعَلَ تَرْتِيبٌ خَبَرًا لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَحَدُهَا وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ لَمْ يَجْعَلْ أَرْبَعَةُ نَائِبَ فَاعِلٍ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِهَا فَهِيَ نَائِبُ فَاعِلٍ الْآنَ، وَتَرْتِيبٌ نَائِبُ فَاعِلٍ قَبْلُ فَلَا مَحْذُورَ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) وَيُزَادُ خَامِسٌ وَهُوَ بَقَاءُ وَقْتِ الْأُولَى يَقِينًا إلَى تَمَامِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يَقِينًا، أَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ بَطَلَتْ لِبُطْلَانِ الْجَمْعِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ الشَّيْخُ س ل وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْ التَّجْرِيدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِإِدْرَاكِ دُونِ الرَّكْعَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَالرَّكْعَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ: ع ش أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِوُقُوعِ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ فَلَمَّا اكْتَفَى بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ فِي الْوَقْتِ، وَوَجَّهَهُ س ل بِأَنَّ لِلثَّانِيَةِ وَقْتَ عُذْرٍ، وَوَقْتًا أَصْلِيًّا فَبِخُرُوجِ وَقْتِ الْعُذْرِ لَهَا يَدْخُلُ الْوَقْتُ الْأَصْلِيُّ لَكِنْ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ ح ف وَيُزَادُ أَيْضًا سَادِسٌ وَهُوَ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى لِتَخْرُجَ الْمُتَحَيِّرَةُ فَإِنَّ الْأُولَى لَهَا لَيْسَتْ مَظْنُونَةَ الصِّحَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي الْحَيْضِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ) أَيْ: لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ نَوْعِهَا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَأَطْلَقَ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ، أَوْ ذَكَرَ الْأَدَاءَ وَأَرَادَ الْأَدَاءَ اللُّغَوِيَّ وَقَعَتْ عَنْهَا. اهـ. ع ش وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف
(قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ جَمْعٍ فِي أُولَى) فَإِنْ قُلْت كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا، أَوْ عَبَثًا لِأَنَّ التَّقْدِيمَ إنَّمَا هُوَ لِلثَّانِيَةِ. أَجِيبَ بِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى، وَلَا يَحْصُلُ الضَّمُّ الْمَذْكُورُ إلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ فِي الْأُولَى لِتَصِيرَ الصَّلَاتَانِ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ تَدَبَّرْ فَلَوْ نَوَى الْجَمْعَ فِيهَا ثُمَّ رَفَضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَنَوَى وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَكْفِي لِوُجُودِ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَهُوَ الْأُولَى كَمَا فِي م ر وع ش عَلَيْهِ. وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى ثُمَّ رَفَضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ عَنْ قُرْبٍ، وَنَوَاهُ فَقَالَ: م ر يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ وَخَالَفَهُ مُحَشِّيَاهُ وَاعْتَرَضَا عَلَيْهِ وَاسْتَوْجَهَا مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْجَمْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا) أَيْ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ بِتَمَامِهِ يَتَبَيَّنُ الْخُرُوجُ مِنْ أَوَّلِهِ لِوُقُوعِهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ الْخُرُوجِ إذْ لَا يَتِمُّ خُرُوجُهُ مِنْهَا حَقِيقَةً إلَّا بِتَمَامِ التَّسْلِيمَةِ وَلِهَذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ حِينَئِذٍ وَعُدَّتْ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى مِنْهَا وَإِنْ تَبَيَّنَ الْخُرُوجُ بِأَوَّلِهَا، وَعَلَى مَنْعِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ حِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مُمْكِنٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ ثَمَّ حُصُولَ الْجَمَاعَةِ وَفَضْلِهَا وَهُوَ يَخْتَلُّ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ حِينَئِذٍ وَالْغَرَضُ هُنَا حُصُولُ نِيَّةِ الْجَمْعِ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَهُوَ حَاصِلٌ بِمَا ذُكِرَ. اهـ بَابِلِيٌّ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْغَرَضِ) وَهُوَ تَمْيِيزُ التَّقْدِيمِ الْمَشْرُوعِ عَنْ التَّقْدِيمِ عَبَثًا وَقَوْلُهُ: بِذَلِكَ أَيْ: بِوُقُوعِ النِّيَّةِ فِي الْأُولَى وَلَوْ مَعَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا، وَغَرَضُهُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ وُقُوعُ النِّيَّةِ فِي تَحَرُّمِ الْأُولَى كَمَا فِي م ر.
(قَوْلُهُ: لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَيْ: بِنَمِرَةَ فَهُوَ جَمْعُ تَقْدِيمٍ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَيَضُرُّ فَصْلٌ طَوِيلٌ) بِأَنْ يَكُونَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَمَا فِي م ر أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ سم مِنْ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُمَا فِي زَمَنٍ قَصِيرٍ أَيْ: وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ الْوَسَطَ الْمُعْتَدِلَ، أَوْ مَا هُوَ غَالِبُ النَّاسِ لِسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ لَمْ يَضُرَّ. ع ش
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute