التَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَجْزُ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ الْوُجُوبِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ. (وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْوَلَاءَ؛ لِأَنَّهُ هَيْئَةٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالْهَيْئَةَ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ.
(فَإِنْ انْكَسَرَ) الشَّهْرُ (الْأَوَّلُ) بِأَنْ ابْتَدَأَ بِالصَّوْمِ فِي أَثْنَائِهِ (أَتَمَّهُ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ) لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْهِلَالِ.
(وَيَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَلَوْ كَانَ الْفَائِتُ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ الْيَوْمَ الَّذِي نُسِيَتْ النِّيَّةُ لَهُ لِلْآيَةِ (لَا) بِفَوْتِهِ (بِنَحْوِ حَيْضٍ وَجُنُونٍ) كَنِفَاسٍ وَإِغْمَاءٍ مُسْتَغْرِقٍ لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الصَّوْمَ وَلِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَخْلُو عَنْهُ ذَوَاتُ الْأَقْرَاءِ فِي الشَّهْرَيْنِ غَالِبًا وَأَلْحَقَ بِهِ النِّفَاسَ، وَالتَّأْخِيرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فِيهِ خَطَرٌ وَتَعْبِيرِي بِالْعُذْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَرَضِ وَنَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِي، وَذِكْرُ أَوْصَافِ الرَّقَبَةِ وَمُعْتِقِهَا وَالصَّوْمِ مِنْ زِيَادَتِي فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ.
(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ صَوْمٍ أَوْ وَلَاءٍ (لِمَرَضٍ يَدُومُ شَهْرَيْنِ ظَنًّا) أَيْ بِالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ أَوْ مِنْ قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ الْمَرَضِ الَّذِي لَا يُرْجَى زَوَالُهُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ يُوهِمُ إخْرَاجَ تِلْكَ (أَوْ لِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) تَلْحَقُهُ بِالصَّوْمِ أَوْ بِوَلَائِهِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْمَشَقَّةُ (بِشَبَقٍ) ، وَهُوَ شِدَّةُ الْغُلْمَةِ أَيْ شَهْوْةُ الْوَطْءِ (أَوْ خَوْفِ زِيَادَةِ مَرَضٍ مَلَّكَ فِي) كَفَّارَةِ (ظِهَارٍ وَجِمَاعٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَهْلَ زَكَاةٍ مُدًّا مُدًّا) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَرْكُ صَوْمِ رَمَضَانَ بِعُذْرِ الشَّبَقِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، وَالْمِسْكِينُ شَامِلٌ لِلْفَقِيرِ كَعَكْسِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي قَسْمِ الزَّكَاةِ وَاخْتِيرَ التَّعْبِيرُ بِالْمِسْكِينِ تَأَسِّيًا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَخَرَجَ بِأَهْلِ زَكَاةٍ غَيْرُهُ فَلَا يُجْزِئُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَلَوْ صَامَهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ صَوْمِهِمَا أَنَّ لَهُ مَالًا وَرِثَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِصَوْمِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَجْزُ وَقْتَ الْأَدَاءِ) فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ الْكَفَّارَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِي إذَا أَتَى بِهَا الْمُكَلَّفُ أَيْ: وَقْتَ كَانَتْ أَدَاءً إلَّا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَإِنَّ لَهَا وَقْتَ أَدَاءً وَهُوَ إذَا فُعِلَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ الْجِمَاعِ، وَوَقْتَ قَضَاءٍ وَهُوَ إذَا فُعِلَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ وَالْجِمَاعِ صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَائِدَةٌ: كَفَّارَةُ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ يَعْتَرِيهَا الْقَضَاءُ وَالْأَدَاءُ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ فَهِيَ أَدَاءٌ أَوْ بَعْدَهُ فَقَضَاءٌ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ) كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ ح ل
(قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ) وَيَقَعُ نَفْلًا ح ل (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) أَيْ: لِمَفْهُومِ الْآيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إلَخْ وَقِيلَ إنَّهَا عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَلَاءً وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا عَقِبَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ حَيْضٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهِيَ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حَيْضٌ. وَأُجِيبَ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَصَوَّرُ مِنْهَا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَجِمَاعِ رَمَضَانَ بِرْمَاوِيٌّ، وَمَحَلُّ عَدَمِ انْقِطَاعِ الْوَلَاءِ بِنَحْوِ الْحَيْضِ إذَا لَمْ تَخْلُ مُدَّةُ الصَّوْمِ عَنْ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَتْ تَخْلُو كَأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَطْهُرَ شَهْرَيْنِ وَتَحِيضَ فِي الثَّالِثِ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَرَّى شَهْرَيْ الطُّهْرِ، وَتَصُومَ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّ ذَلِكَ وَطَرَأَ الْحَيْضُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَا بِفَوْتِهِ بِنَحْوِ حَيْضٍ أَيْ: فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِثْلُهَا فِيمَا ذَكَرَ وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِأَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ عَنْ مُظَاهِرٍ مَيِّتٍ قَرِيبٍ لَهَا أَوْ بِإِذْنِ قَرِيبِهِ أَوْ بِوَصِيَّتِهِ انْتَهَتْ ب ر وَاعْتَرَضَ ع ش هَذَا التَّصْوِيرَ بِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّتَابُعُ لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى هُوَ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ النَّائِبِ عَنْهُ فِي الصَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي بَابِ الصَّوْمِ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ: مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا فَلَا يَرِدُ نَحْوُ يَوْمِ النَّحْرِ وَمَا إذَا كَانَ لَهَا عَادَةٌ تَخْلُو فِيهَا عَنْ نَحْوِ الْحَيْضِ شَهْرَيْنِ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ لِمَرَضٍ يَدُومُ شَهْرَيْنِ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُنْتَظَرْ زَوَالُ الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ لِلصَّوْمِ كَمَا يُنْتَظَرُ الْمَالُ الْغَائِبُ لِلْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ غَابَ مَالُهُ، لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً، وَيُقَالُ لِلْعَاجِزِ بِالْمَرَضِ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَلِأَنَّ حُضُورَ الْمَالِ مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ زَوَالِ الْمَرَضِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: لِمَرَضٍ يَدُومُ بِخِلَافِ الْمَالِ الْغَائِبِ إذَا عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ حَيْثُ لَمْ يُكَفِّرْ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ فِي أَسْبَابِ إحْضَارِهِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ الشَّخْصِ فَإِنْ أَخْلَفَ الظَّنُّ أَوْ زَالَ الْمَرَضُ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَمْ يُجْزِهِ الْإِطْعَامُ (قَوْلُهُ: قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ) أَيْ: وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: ضَبْطُ الْمَرَضِ الَّذِي يُبِيحُ الِانْتِقَالَ إلَى الْإِطْعَامِ بِقَوْلِهِ يَدُومُ شَهْرَيْنِ ظَنًّا. (قَوْلُهُ: شَدِيدَةٍ) أَيْ: لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ بِدَلِيلِ التَّمْثِيلِ بِالشَّبَقِ قَالَهُ شَيْخُنَا كحج ح ل. (قَوْلُهُ: مَلَّكَ) أَيْ: بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ ح ل (قَوْلُهُ: سِتِّينَ) مَفْعُولٌ أَوَّلٌ، وَأَهْلَ زَكَاةٍ صِفَةٌ لِلتَّمْيِيزِ وَمُدًّا مُدًّا مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَلَوْ حَذَفَ مُدًّا الثَّانِيَ لَاقْتَضَى تَمْلِيكَ الْجَمِيعِ مُدًّا وَاحِدًا وَهُوَ فَاسِدٌ وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا مَا قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ سِتِّينَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالسَّهْلِ وَالْوَعْرِ وَالْحُلْوِ وَالْمَالِحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ أَوْلَادِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute