للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا (وَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ إلَّا مَالٌ أَوْ مَا قُصِدَ بِهِ مَالٌ) رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَمْوَالِ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ مَا قُصِدَ بِهِ مَالٌ. .

(وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) ، وَلَوْ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ وَقِيَامِهِمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ (وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا (فِي حَلِفِهِ صِدْقَ شَاهِدِهِ) وَاسْتِحْقَاقَهُ؛ لِمَا ادَّعَاهُ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا قَالَ الْإِمَامُ، وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى تَصْدِيقِ الشَّاهِدِ فَلَا بَأْسَ وَاعْتُبِرَ تَعَرُّضُهُ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ شَاهِدِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالشَّهَادَةَ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَتَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ (وَإِنَّمَا يَحْلِفُ بَعْدَ شَهَادَتِهِ وَتَعْدِيلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ قَوِيَ جَانِبُهُ وَجَانِبُ الْمُدَّعِي فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَقْوَى حِينَئِذٍ وَفَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ بِقِيَامِهِمَا مَقَامَ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قَطْعًا وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ (وَلَهُ تَرْكُ حَلِفِهِ) بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ (وَتَحْلِيفُ خَصْمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ، وَيَمِينُ الْخَصْمِ تُسْقِطُ الدَّعْوَى (فَإِنْ نَكَلَ) خَصْمُهُ عَنْ الْيَمِينِ (فَلَهُ) أَيْ: لِلْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ) كَمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ الَّتِي تَرَكَهَا لِأَنَّ تِلْكَ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِالشَّاهِدِ، وَهَذِهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِنُكُولِ الْخَصْمِ وَلِأَنَّ تِلْكَ لَا يُقْضَى بِهَا إلَّا فِي الْمَالِ، وَهَذِهِ يُقْضَى بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ فَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى. .

(وَلَوْ قَالَ) رَجُلٌ (لِمَنْ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) يَسْتَرِقُّهُمَا (هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِذَا فِي مِلْكِي مِنِّي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (ثَبَتَ الْإِيلَادُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ وَقَوْلِي مِنِّي مِنْ زِيَادَتِي (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ) فَلَا يَثْبُتَانِ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ عِتْقُ الْأُمِّ فَيَبْقَى الْوَلَدُ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ بِيَدِهِ (غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ (كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (وَصَارَ حُرًّا) بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ (وَلَوْ ادَّعَوْا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ وَيَمِينٍ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ إلَخْ) هَلَّا ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِأَنْ يَقُولَ هُنَاكَ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ وَيُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ هَذَا هُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ هُنَا لِأَجْلِ الْحَصْرِ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَيَذْكُرُ فِي حَلِفِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَالٌ) فَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدًا بِإِقْرَارِ زَوْجِهَا بِالدُّخُولِ كَفَى حَلِفُهَا مَعَهُ وَيَثْبُتُ الْمَهْرُ أَوْ أَقَامَهُ هُوَ عَلَى إقْرَارِهَا بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَلِفُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ ثُبُوتُ الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَلَيْسَا بِمَالٍ شَرْحُ م ر. .

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْيَمِينَ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ هُوَ كَيَمِينِ الرَّدِّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: حُجَّتَانِ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ هُنَا شَطْرُ حُجَّةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَالنَّوْعِ) الْمُنَاسِبُ كَالْجِنْسِ (قَوْلُهُ مَنْ قَوِيَ جَانِبُهُ) أَيْ: بِلَوْثٍ أَوْ يَدٍ أَوْ إقَامَةِ شَاهِدٍ أَوْ نُكُولٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُدَّعِي تَرْكُ حَلِفِهِ أَيْ: حَلِفِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُدَّعِيَ ع ن وع ش وَقِيلَ الضَّمِيرُ لِلْخَصْمِ. (قَوْلُهُ وَيَمِينُ الْخَصْمِ) أَيْ: طَلَبُ يَمِينِهِ تُسْقِطُ الدَّعْوَى أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ فَإِنْ حَلَفَ الْخَصْمُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي الْحَلِفُ حِينَئِذٍ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ يَمِينِ خَصْمِهِ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْحَلِفِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ سُمِعَتْ ح ل، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ حَلَفَ خَصْمُهُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ شَاهِدٍ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ انْتَقَلَتْ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبِ خَصْمِهِ إلَّا أَنْ يَعُودَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى وَيُقِيمُ الشَّاهِدَ وَحِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ مَعَهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، لَكِنْ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْهِمُ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ مِنْهُ بِمَجْلِسٍ آخَرَ اهـ. (قَوْلُهُ: تُسْقِطُ الدَّعْوَى) أَيْ: لَا الْحَقَّ فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ ثَبَتَ حَقُّهُ كَمَا فِي ح ل وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ فِي الدَّعْوَى لِلْحُضُورِ أَوْ لِلْعَهْدِ أَيْ: الدَّعْوَى الَّتِي فِيهَا يَمِينُ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ: يَمِينَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) أَيْ: وَالدَّعْوَى بَاقِيَةٌ فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُقِيمَ شُهُودًا فِي ثُبُوتِ حَقِّهِ ع ن. .

. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْإِيلَادُ) يَعْنِي مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِيلَادِ الْمُقْتَضِي لِعِتْقِهَا بِالْمَوْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ وَصَرَّحَ بِهِ م ر أَيْضًا فَلَوْ قَالَ ثَبَتَتْ الْمَالِيَّةُ لِيُنَاسِبَ مَا عَلَّلَ بِهِ كَانَ أَوْلَى وَقَالَ الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْإِيلَادُ أَيْ: بِاللَّازِمِ لِأَنَّ الْإِيلَادَ لَازِمٌ لِلْمِلْكِ. (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ عِتْقُ الْأُمِّ) أَيْ: لِأَنَّ عِتْقَهَا إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَبْقَى الْوَلَدُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحِلُّهُ إذَا أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ أَوْ أَطْلَقَ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَنَّ الزَّوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْوَلَدُ مِنْهَا أَيْ: الزَّوَائِدِ وَهُوَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَدْ بَانَ انْقِطَاعُ حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ يَدِهِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ سم. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي بَابِهِ) فَيَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا فَلَا يَثْبُتُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا وَيُصَدِّقُهُ فَيَثْبُتُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ ز ي وَالْمَحَلِّيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَابِعٌ) لِدَعْوَاهُ الْمِلْكَ الصَّالِحَةِ حُجَّتَهُ لِإِثْبَاتِهِ ع ن قَالَ ز ي وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا يَدَّعِي مِلْكًا وَحُجَّتُهُ تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِهِ وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَهُنَاكَ قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَى مِلْكِ الْأُمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>