للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَتَتَابُعِهِ بِرِدَّةٍ وَسُكْرٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ تَخْلُو مُدَّةُ اعْتِكَافٍ عَنْهُ غَالِبًا) بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَشَهْرٍ (وَجَنَابَةٍ) مُفْطِرَةٍ لِلصَّائِمِ، أَوْ غَيْرِ (مُفْطِرَةٍ) وَلَمْ يُبَادِرْ بِطُهْرِهِ وَإِنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِتَبَرُّزٍ، أَوْ نَحْوِهِ لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ (لَا) بِجَنَابَةٍ (غَيْرِ مُفْطِرَةٍ إنْ بَادَرَ بِطُهْرِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَادِرْ (وَلَا جُنُونٍ، وَإِغْمَاءٍ) لِلْعُذْرِ.

وَقَوْلِي لَا غَيْرِ مُفْطِرَةٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ وَقَوْلِي: نَحْوُ مَعَ إنْ بَادَرَ مِنْ زِيَادَتِي (وَيَجِبُ خُرُوجُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ مِنْ مَسْجِدٍ) ؛ لِأَنَّ مُكْثَهُ بِهِ مَعْصِيَةٌ إنْ (تَعَذَّرَ طُهْرُهُ فِيهِ بِلَا مُكْثٍ) وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ خُرُوجُهُ بَلْ يَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَادِرَ بِهِ كَيْ لَا يُبْطِلَ تَتَابُعَ اعْتِكَافِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالْغُسْلِ وَقَوْلِي بِلَا مُكْثٍ مِنْ زِيَادَتِي

(وَيُحْسَبُ) مِنْ الِاعْتِكَافِ (زَمَنُ إغْمَاءٍ) كَالنَّوْمِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الِاعْتِكَافَ كَجُنُونٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ لَا تَخْلُو الْمُدَّةُ عَنْهُ غَالِبًا لِمُنَافَاتِهِ لَهُ (وَلَا يَضُرُّ تَزَيُّنٌ) بِطِيبٍ وَلُبْسِ ثِيَابٍ وَتَرْجِيلُ شَعْرٍ (وَفِطْرٌ) بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ

(وَلَوْ نَذْر اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَائِمًا عَنْ رَمَضَانَ أَمْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ، أَوْ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا (لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

زَمَنُهُ مَحْسُوبًا ح ل أَيْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَيَنْقَطِعُ اسْتِمْرَارُهُ أَيْ فَإِذَا نَذَرَ شَهْرًا مَثَلًا مُبْهَمًا، ثُمَّ إنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَيْ الرِّدَّةِ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنَّ زَمَنَهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الشَّهْرِ فَإِذَا زَالَ بَنَى عَلَى مَا مَضَى. (قَوْلُهُ: كَتَتَابُعِهِ) أَيْ إذَا نَذَرَ شَهْرًا مَثَلًا مُتَتَابِعًا ثُمَّ إنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ انْقَطَعَ تَتَابُعُ الِاعْتِكَافِ فَإِذَا زَالَ اسْتَأْنَفَ الشَّهْرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ انْقِطَاعُ أَصْلِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِ أَصْلِ الِاعْتِكَافِ انْقِطَاعُ التَّتَابُعِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا كَزَمَنِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ زَمَنُهُ وَلَا يُقْطَعُ تَتَابُعُهُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَسُكْرٍ) أَيْ بِتَعَدٍّ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي فَيُشْبِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا) ضَبْطُ جَمِيعِ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَنَظَرَ فِيهِ آخَرُونَ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ وَالْعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةَ وَالْعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا إذْ هِيَ غَالِبُ الطُّهْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَهَا وَمَا دُونَهَا الْحَيْضُ وَلَا يَقْطَعُ مَا فَوْقَهَا مَعَ أَنَّ الضَّابِطَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ هُنَا: أَنْ لَا يَسَعَ زَمَنُ أَقَلِّ الطُّهْرِ الِاعْتِكَافَ لَا الْغَالِبَ الْمَفْهُومَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مَعْرُوضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعُذِرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبَ قَدْ يَنْخَرِمُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهَا إذَا زَادَتْ مُدَّةُ اعْتِكَافِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَلْزَمُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا وَإِنْ وَسِعَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَشَهْرٍ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْحَيْضِ دُونَ النِّفَاسِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ) فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَأْتِي فِي الْجِنَايَةِ الْآتِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَقْطَعُ التَّتَابُعَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَارَضَهُ وُجُودُ الْعُذْرِ فِيهَا تَأَمَّلْ فَالْعِلَّةُ نَاقِصَةٌ فَالْمُرَادُ لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ لِلْعُذْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا جُنُونٍ) لَمْ يَتَعَدَّ بِسَبَبِهِ فَلَا يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ وَلَا تَتَابُعَهُ أَيْ مَجْمُوعُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ. الْمَعْلُومُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ زَمَنُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ طُهْرُهُ فِيهِ بِلَا مُكْثٍ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا، أَوْ أَمْكَنَ مَعَ الْمُكْثِ؛ لِأَنَّ تَعَذَّرَ بِمَعْنَى لَمْ يُمْكِنْ فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ نَفْيِ الْمُقَيَّدِ مَعَ الْقَيْدِ وَنَفْيِ الْقَيْدِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِأَنْ أَمْكَنَ بِلَا مُكْثٍ كَأَنْ غَطَسَ بِبِرْكَةٍ فِيهِ وَهُوَ مَاشٍ أَوْ عَائِمٍ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ ز ي مَعَ زِيَادَةٍ

. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ زَمَنُ إغْمَاءٍ) أَيْ مَا دَامَ مَاكِثًا بِالْمَسْجِدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الِاعْتِكَافَ) أَيْ تَتَابُعَهُ وَإِلَّا فَالْجُنُونُ يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ زَمَنُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ كَجُنُونٍ) أَيْ وَجَنَابَةٍ غَيْرِ مُفْطِرَةٍ إنْ بَادَرَ بِطُهْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ) وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ بِرْمَاوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: يَوْمَ صَوْمِهِ) أَيْ بِتَمَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَمْ غَيْرِهِ) وَلَوْ نَفْلًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ مَعَهُ ح ل وَمِثْلُهُ فِي ق ل وَوَجْهُ ذَلِكَ تَحَقُّقُ كَوْنِهِ صَائِمًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إذْ لَوْ نَوَاهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَائِمٌ حَقِيقَةً جَمِيعَ نَهَارِهِ الْمُعْتَكِفِ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا) الْأَنْسَبُ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُهُ أَيْ الِاعْتِكَافِ عَنْ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ الْمُلْتَزَمُ رَشِيدِيٌّ فَالْمُرَادُ بِالْأَحَدِ الِاعْتِكَافُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَاهُ وَجَمَعَهُمَا) هَلَّا قَالَ لَزِمَهُ جَمْعُهُمَا وَلَا حَاجَةَ لِلْعَطْفِ.؟ وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ أَتَى بِذَلِكَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ لُزُومُهُمَا مَعًا وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ لُزُومُ الْجَمْعِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ الِاعْتِكَافُ) وَلَوْ لَحْظَةً ح ل. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَالَ) غَرَضُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ وَبَيْنَ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ صَائِمًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ الِاعْتِكَافُ فِي يَوْمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>