للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلِلْقَاضِي تَعْرِيضٌ بِرُجُوعٍ) عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا يُصَرِّحُ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ارْجِعْ عَنْهُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلَهُ التَّعْرِيضُ بِالْإِنْكَارِ أَيْضًا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (وَلَا قَطْعَ إلَّا بِطَلَبٍ) مِنْ مَالِكٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (فَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ لِغَائِبٍ) أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ لِسَفِيهٍ فِيمَا يَظْهَرُ (لَمْ يُقْطَعْ حَالًا) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ (أَوْ) أَقَرَّ (بِزِنًا بِأَمَتِهِ) أَيْ الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَقَالَ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا (حُدَّ حَالًا) ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّلَبِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنَا

(وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَوْ بِهِ مَعَ يَمِينٍ (الْمَالُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْغَصْبُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ دُونَهُمَا

(وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) إنْ بَقِيَ (أَوْ بَدَلَهُ) إنْ لَمْ يَبْقَ، لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ»

(وَتُقْطَعُ) بَعْدَ الطَّلَبِ (يَدُهُ الْيُمْنَى) قَالَ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وَقُرِئَ شَاذًّا " فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا " وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ فَلِلْقَاضِي تَعْرِيضٌ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُنْدَبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِمْ الْجَوَازَ بِالْقَاضِي حُرْمَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ شَرْحُ م ر وَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لِلشُّهُودِ بِالتَّوَقُّفِ فِي حَدِّ اللَّهِ إنْ رَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي السِّتْرِ وَإِلَّا فَلَا س ل (قَوْلُهُ: تَعْرِيضٌ بِرُجُوعٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ ز ي فَيَقُولُ لَهُ لَعَلَّكَ قَبَّلْت لَعَلَّكَ فَاخَذْتَ أَخَذْتَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ غَصَبْتَ انْتَهَبْتَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْتَهُ مُسْكِرٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مَا أَخَالُك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى الْقِيَاسِ ح ل أَيْ مَا أَظُنُّك قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَرِيحُ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّعْرِيضَ لِإِنْكَارِ الْمَالِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ بَلْ الْمُرَادُ نَفْيُ نَفْسِ السَّرِقَةِ وَثُبُوتُ الْأَخْذِ بِغَيْرِهَا كَغَصْبٍ أَوْ أَخْذٍ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ق ل بِتَصَرُّفٍ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِنْكَارِ) أَيْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَوْ بَعْدَهُ س ل وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْرِيضِ بِالْإِنْكَارِ التَّعْرِيضُ بِإِنْكَارِ خُصُوصِ السَّرِقَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالْمَالِ بِأَنْ يَقُولَ لَعَلَّكَ أَخَذَتْهُ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: بَيِّنَةٌ) أَيْ بِالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِطَلَبٍ) أَيْ لِلْمَالِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَثُبُوتِ سَرِقَتِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ يُقْطَعُ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ طَلَبَهُ لِلْمَالِ يُثْبِتُ سَرِقَتَهُ أَيْ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ.

وَإِذَا ثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا لَا إشْكَالَ ح ل وسم فَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لَيْسَ ظَاهِرًا لِإِمْكَانِ إبْرَائِهِ مِنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا هـ. أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى ثُبُوتِ السَّرِقَةِ وَالْمَالِ وَإِنْ أُبْرِئَ مِنْهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطَّلَبِ خُصُوصُ الْإِيفَاءِ كَمَا قَالَهُ سم أَيْ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ دَعْوَى الْمَالِكِ الْمَالَ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِكٍ) أَوْ وَكِيلِهِ وَعَلَّلُوا اشْتِرَاطَ الطَّلَبِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْإِبَاحَةِ فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ سم.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِسَفِيهٍ) أَعَادَ الْعَامِلَ مَعَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ سَفِيهٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ بَحَثَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ أَسْقَطَ الْعَامِلَ لَرَجَعَ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعُ حَالًا) لَكِنْ يُحْبَسُ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ وَكَمَالِ غَيْرِهِ كَمَا فِي بِرْمَاوِيٍّ وَانْظُرْ حُكْمَ الْمَالِ هَلْ يَبْقَى عِنْدَهُ أَوْ يَأْخُذُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَوَكِيلُ الْغَائِبِ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْغَائِبُ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَالَ) أَيْ الْمُقِرُّ

(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) مَحَلُّ ثُبُوتِ الْمَالِ إذَا شَهِدُوا بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فَلَوْ شَهِدُوا حِسْبَةً لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِمْ الْمَالُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ مُنَصَّبَةٌ إلَى الْمَالِ وَشَهَادَةُ الْحِسْبَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ س ل (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ إنْ غَصَبَ زَيْدٌ دَابَّتِي فَزَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ ثُمَّ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) أَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ

. (قَوْلُهُ: رَدُّ مَا سَرَقَ) أَيْ وَأُجْرَةُ مُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلَهُ إنْ لَمْ يَبْقَ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ قُطِعَ لَمْ يَغْرَمْ فَإِنْ غَرِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَالْقَطْعُ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ. وَلَوْ أَعَادَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ إلَى الْحِرْزِ لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ وَلَا الضَّمَانُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَسْقُطَانِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا ضَمَانَ، وَيُقْطَعُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَوْ قِيلَ بِالْعَكْسِ لَكَانَ مَذْهَبًا لِدَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ س ل

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الطَّلَبِ) فَلَوْ قَطَعَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ الطَّلَبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ عَلَى الْأَصَحِّ م ر شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: يَدُهُ الْيُمْنَى) مَحَلُّ قَطْعِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ شَلَّاءَ وَإِلَّا رُوجِعَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا يَنْقَطِعُ الدَّمُ وَتَنْسَدُّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ قُطِعَتْ وَاكْتُفِيَ بِهَا وَإِلَّا لَمْ تُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ الرُّوحِ وَيَكُونُ السَّارِقُ كَفَاقِدِهَا فَيَعْدِلُ إلَى مَا بَعْدَهَا س ل وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهَا لَوْ شُلَّتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَلَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ فَإِنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ بِالسَّرِقَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا.

فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا سَقَطَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الشَّلَلَ مَوْجُودٌ ابْتِدَاءً فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْقَطْعُ بِهَا بَلْ بِمَا بَعْدَهَا سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى مِعْصَمٍ كَفَّانِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ مِنْ الزَّائِدَةِ قُطِعَا كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>