(وَ) شَرْطُهَا (فَقْدُ عَيْبٍ) فِي الْأُضْحِيَّةِ (يُنْقِصُ مَأْكُولًا) مِنْهَا مِنْ لَحْمٍ وَشَحْمٍ وَغَيْرِهِمَا فَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ قَرْنٍ وَمَكْسُورَتُهُ كَسْرًا لَمْ يُنْقِصْ الْمَأْكُولَ وَمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَمَخْرُوقَتُهَا وَفَاقِدَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ وَمَخْلُوقَةٌ بِلَا أَلْيَةٍ أَوْ ضَرْعٍ أَوْ ذَنَبٍ لَا مَخْلُوقَةٌ بِلَا أُذُنٍ وَلَا مَقْطُوعَتُهَا وَلَوْ بَعْضُهَا وَلَا تَوْلَاءُ وَهِيَ الَّتِي تَسْتَدْبِرُ الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا قَلِيلًا فَتُهْزَلُ وَلَا عَجْفَاءُ وَهِيَ ذَاهِبَةُ الْمُخِّ مِنْ شِدَّةِ هُزَالِهَا وَلَا ذَاتُ جَرَبٍ وَلَا بَيِّنَةُ مَرَضٍ أَوْ عَوَرٍ أَوْ عَرَجٍ وَإِنْ حَصَلَ عِنْدَ اضْطِجَاعِهَا لِلتَّضْحِيَةِ بِاضْطِرَابِهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْعَجْفَاءُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَنَعَ التَّضْحِيَةَ بِالْحَامِلِ وَصَحَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْإِجْزَاءَ وَلَا يَضُرُّ قَطْعُ فَلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ كَفَخِذٍ وَقَوْلِي مَأْكُولًا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لَحْمًا
(وَ) شَرْطُهَا (نِيَّةٌ) لَهَا (عِنْدَ ذَبْحٍ أَوْ) قَبْلَهُ عِنْدَ (تَعْيِينِ) لِمَا يُضَحِّي بِهِ كَالنِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ سَوَاءٌ أَكَانَ تَطَوُّعًا أَمْ وَاجِبًا بِنَحْوِ جَعَلْته أُضْحِيَّةً أَوْ بِتَعْيِينِهِ لَهُ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ (لَا فِيمَا عَيَّنَ) لَهَا (بِنَذْرٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ نِيَّةٌ (وَإِنْ وَكَّلَ بِذَبْحٍ كَفَتْ نِيَّتُهُ) فَلَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْوَكِيلِ بَلْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُضَحٍّ لَمْ يَضُرَّ
(وَلَهُ تَفْوِيضُهَا لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) وَكِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى جَذَعَةِ الضَّأْنِ مَعَ أَنَّهَا مُؤَخَّرَةٌ عَنْهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَفِي التَّأْوِيلِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِمْ الْآتِي: ثُمَّ ضَأْنٌ، ثُمَّ مَعْزٌ. اهـ. فَالْأَوْلَى حَمْلُ الْمُسِنَّةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمُسِنَّةِ مِنْ الضَّأْنِ فَالَّتِي لَهَا سَنَةٌ يُسَنُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى الَّتِي أَجْذَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، وَقَالَ الْبَرْمَاوِيُّ: وَالثَّنِيَّةُ مِنْ الْمَعْزِ الَّتِي لَهَا سَنَتَانِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الَّتِي أَجْذَعَتْ مِنْ الضَّأْنِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ لَحْمًا، وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الضَّأْنِ عَلَى الْمَعْزِ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا، وَعَلَى هَذَا لَا إشْكَالَ فَلْيُحَرَّرْ.
وَتَفْسِيرُ الْعُلَمَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ تَفْسِيرٌ لُغَوِيٌّ كَمَا قَالَهُ ق ل لِذَا تَبَرَّأَ مِنْهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُرَادٍ هُنَا
. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا فَقْدُ عَيْبٍ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا نَاقِصَةً، وَتُعْتَبَرُ سَلَامَتُهَا، وَقْتَ الذَّبْحِ؛ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إيجَابٌ، وَإِلَّا فَوَقْتَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهَا نَاقِصَةً كَأَنْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِمَعِيبَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ، أَوْ قَالَ: جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا، وَلَا تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً، وَإِنْ اخْتَصَّ ذَبْحُهَا بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَجَرَتْ مَجْرَاهَا فِي الصَّرْفِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِهَذَا، وَهُوَ سَلِيمٌ، ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ صَحَّتْ بِهِ، وَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ قَضِيَّتُهُ إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ نَذْرِهَا سَلِيمَةً، ثُمَّ تَتَعَيَّبُ، وَبَيْنَ نَذْرِ التَّضْحِيَةِ بِالنَّاقِصَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا سَلِيمَةً خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ فَحُكِمَ بِأَنَّهَا ضَحِيَّةٌ، وَهِيَ سَلِيمَةٌ بِخِلَافِ الْمَعِيبَةِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا إلَّا نَاقِصَةً فَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا صِفَةُ الْكَمَالِ بِحَالٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فِي الْأُضْحِيَّةِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُضْحِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ قَرْنٍ) ، وَكَذَا فَاقِدُ ذَكَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:، وَمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ) أَيْ: إذَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ بِالشَّقِّ س ق. (قَوْلُهُ: وَمَخْرُوقَتُهَا) أَيْ: مَثْقُوبَتُهَا. (قَوْلُهُ: وَفَاقِدَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ) إلَّا إنْ أَثَّرَ نَقْصًا فِي الِاعْتِلَافِ. اهـ. ز ي. وَلَا تُجْزِئُ فَاقِدَةُ كُلِّ الْأَسْنَانِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا أَسْنَانٍ م ر. وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ فَقْدَ جَمِيعِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ بِخِلَافِ فَقْدِ الْجَمِيعِ خِلْقَةً فَلْيُحَرَّرْ سم.
(قَوْلُهُ: لَا مَخْلُوقَةٌ بِلَا أُذُنٍ) ، وَفَارَقَتْ الْمَخْلُوقَةَ بِلَا ضَرْعٍ، أَوْ أَلْيَةٍ، أَوْ ذَنَبٍ بِأَنَّ الْأُذُنَ عُضْوٌ لَازِمٌ لِلْحَيَوَانِ غَالِبًا، وَالذَّكَرُ لَا ضَرْعَ لَهُ، وَالْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ ز ي، وَيَرِدُ عَلَيْهِ الذَّنَبُ فَإِنَّهُ لَازِمٌ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: فَتُهْزَلُ) عَلَى، وَزْنِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْفَاعِلَ أَيْ: يَقُومُ بِهَا الْهُزَالُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ فَتَهْزِلُ بِفَتْحِ التَّاءِ، وَكَسْرِ الزَّايِ مِنْ بَابِ فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ يَفْعِلُ بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي مُقَدَّمَةِ الْأَدَبِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ، وَهَذَا خِلَافُ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ هَزَلَ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ فَتَنَبَّهْ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاهِبَةُ الْمُخِّ) ، وَيُقَالُ: لَهُ النِّقْيُ بِكَسْرِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْقَافِ، وَتَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ: وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ يَشْمَلُ غَيْرَ الرَّأْسِ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَفِي سم قَوْلُهُ: وَالْعَجْفَاءُ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ الَّتِي لَا تَنْقَى أَيْ: لَا نِقْيَ لَهَا، وَهُوَ مُخُّ الْعِظَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَا ذَاتُ جَرَبٍ) ، وَلَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ، وَقَيَّدَ مَا بَعْدَهُ بِالْبَيِّنِ فَاقْتَضَى إطْلَاقَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيِّنِ، وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: أَوْ عَوَرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَ بَيِّنٍ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ خ ط عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: فَإِنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ لِلْعَوَرِ بِالْبَيِّنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ الْعَوْرَاءِ عَلَى ذَهَابِ الْبَصَرِ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ. أُجِيبُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: أَصْلُ الْعَوَرِ بَيَاضٌ يُغَطِّي النَّاظِرَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَتَارَةً يَكُونُ يَسِيرًا فَلَا يَضُرُّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْبَيِّنِ كَمَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي. اهـ. أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ فِي الْحَدِيثِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ، وَأَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِلْمُشَاكَلَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَرَجٍ) أَيْ: بِحَيْثُ تَتَخَلَّفُ بِسَبَبِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَرْعَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَنْعُ التَّضْحِيَةِ بِالْحَامِلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُنْقِصُ لَحْمَهَا، وَإِنَّمَا عَدُّوهَا كَامِلَةً فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهَا النَّسْلُ دُونَ طِيبِ اللَّحْمِ. وَأَلْحَقَ الزَّرْكَشِيُّ بِالْحَامِلِ قَرِيبَةَ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ لِنَقْصِ لَحْمِهَا، وَرَدَّهُ حَجّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَمْلَ يُفْسِدُ الْجَوْفَ، وَيُصَيِّرُ اللَّحْمَ رَدِيئًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَبِالْوِلَادَةِ زَالَ هَذَا الْمَحْذُورُ س ل
. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ عِنْدَ تَعْيِينٍ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي جَعْلِهِ التَّعْيِينَ يُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هِيَ قَصْدُ الذَّبْحِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِالتَّعْيِينِ سم مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: أَمْ وَاجِبًا) ، وَفَارَقَتْ الْمَنْذُورَةَ الْآتِيَةَ بِأَنَّ صِيغَةَ الْجَعْلِ لِجَرَيَانِ