وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي، لِأَنَّ الْخَرْصَ وِلَايَةٌ فَلَا يَصْلُحُ لَهَا مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ وَاكْتُفِيَ بِالْوَاحِدِ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ فَكَانَ كَالْحَاكِمِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصًا أَوَّلَ مَا تَطِيبُ الثَّمَرَةُ»
(وَ) شُرِطَ (تَضْمِينٌ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَيْ تَضْمِينُ الْحَقِّ (لِمُخْرَجٍ) مِنْ مَالِكٍ أَوْ نَائِبِهِ وَخَرَجَ بِالثَّمَرَةِ الزَّرْعُ فَلَا خَرْصَ فِيهِ لِاسْتِتَارِ حَبِّهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَالِبًا رَطْبًا بِخِلَافِ الثَّمَرِ وَبِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ وَلَا يَنْضَبِطُ الْمِقْدَارُ لِكَثْرَةِ الْعَاهَاتِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَأَفَادَ ذِكْرُ كُلٍّ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ شَيْئًا خِلَافًا لِقَوْلٍ قَدِيمٍ إنَّهُ يُبْقِي لَهُ نَخْلَةً أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهَا أَهْلُهُ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا مِنْ الْمَخْرُوصِ لِيُفَرِّقَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا دَخْلَ لِلْخَرْصِ فِي نَخِيلِ الْبَصْرَةِ لِكَثْرَتِهَا وَلِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا لِلْمُجْتَازِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ (وَقَبُولٌ) لِلتَّضْمِينِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ضَمَّنْتُك حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ بِكَذَا فَيَقْبَلُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ (تَصَرُّفٌ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا خَرَصَ بَيْعًا وَغَيْرَهُ لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ عَنْ الْعَيْنِ فَإِنْ انْتَفَى الْخَرْصُ أَوْ التَّضْمِينُ أَوْ الْقَبُولُ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ بَلْ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ لَا مُعَيَّنًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَإِنَّمَا جَمَعَ الشَّهَادَاتِ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي) مِنْهُ عَدَمُ ارْتِكَابِهِ لِخَارِمِ مُرُوءَةٍ وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَصْلِيَّةٌ وَلَا فَرْعِيَّةٌ وَلَا سِيَادَةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَا يَصْلُحُ إلَخْ اط ف وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ نَاطِقًا بَصِيرًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّمَاعُ أَوْ لَا؟ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَاتِ اشْتِرَاطهُ فَرَاجِعْهُ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ تَضْمِينٌ) وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُ الثِّمَارِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سُرِقَتْ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْجَرِينِ قَبْلَ الْجَفَافِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ أَوْ دُونَهُ أَخْرَجَ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ فَإِنْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: أَيْ تَضْمِينُ الْحَقِّ) كَأَنْ يَقُولَ الْخَارِصُ ضَمَّنْتُك حَقَّ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ بِكَذَا تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِمُخْرِجٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا أَيْ بِقَدْرِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ زِيَادَةً عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ ضَمِنَهُ وَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُعْسِرًا حَالَ التَّضْمِينِ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ح ل (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقَبُولُ (قَوْلُهُ: وَبِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ) نَعَمْ إنْ بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ دُونَ آخَرَ فَالْأَقْيَسُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ جَوَازُ خَرْصِ الْكُلِّ م ر
قَالَ سم: فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ وَانْظُرْ لَوْ بَدَا صَلَاحُ حَبَّةٍ مِنْ نَوْعٍ فَهَلْ يَجُوزُ خَرْصُهُ؟ أَقُولُ: الْقِيَاسُ جَوَازُ الْخَرْصِ حِينَئِذٍ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُ حَبَّةٍ فِي بُسْتَانٍ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ الْكُلِّ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْخَارِصُ لَا يَتْرُكُ أَيْ بِلَا خَرْصٍ (قَوْلُهُ: يَأْكُلُهَا أَهْلُهُ) فِيهِ أَنَّهُ بَعْدَ الْخَرْصِ يَجُوزُ لَهُ وَلِأَهْلِهِ أَكْلُ الْجَمِيعِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إبْقَاءِ مَا ذُكِرَ فَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ» حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعَهُ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَرْكِهِمْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ لِيُفَرِّقَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ لَا عَلَى تَرْكِ بَعْضِ الْأَشْجَارِ مِنْ غَيْرِ خَرْصٍ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ الطَّالِبَةِ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إذْ فِي قَوْلِهِ فَخُذُوا وَدَعُوا إشَارَةٌ لِذَلِكَ أَيْ إذَا خَرَصْتُمْ الْكُلَّ فَخُذُوا بِحِسَابِ الْخَرْصِ وَاتْرُكُوا لَهُ شَيْئًا مِمَّا خُرِصَ فَجُعِلَ التَّرْكُ بَعْدَ الْخَرْصِ فَيَكُونُ الْمَتْرُوكُ لَهُ قَدْرًا يَسْتَحِقُّهُ الْفُقَرَاءُ لِيُفَرِّقَهُ هُوَ (قَوْلُهُ: لِكَثْرَتِهَا) أَيْ وَكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِي خَرْصِهَا م ر (قَوْلُهُ: وَلِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ إنْتَاجِ هَذَا الدَّلِيلِ لِلْمُدَّعَى وَأَيْضًا الْإِبَاحَةُ لَا تَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ فَالْإِبَاحَةُ الْمَذْكُورَةُ رُبَّمَا تُنْتِجُ الْخَرْصَ لَا عَدَمَهُ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ ضَعِيفًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَبُولٌ) أَيْ فَوْرًا وَيُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَيَقْبَلُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ضَمَّنْتُك حَقَّ الْمُسْتَحَقِّينَ إلَخْ) أَوْ خُذْهُ بِكَذَا تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ أَقْرَضْتُك نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ الرُّطَبِ بِمَا يَجِيءُ مِنْهُ مِنْ التَّمْرِ وَكُلٌّ كَافٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَصَرُّفٌ فِي الْجَمِيعِ) وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ جَوَازُ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ وَأَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَحْسَبُ عَلَيْهِ وَكَذَا مَا يُهْدِيهِ فِي أَوَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَيَبْقَى حَقُّ الْفُقَرَاءِ بِحَالِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا) ثُمَّ إنْ اقْتَصَرَ فِي تَصَرُّفِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَأْثَمْ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي الْجَمِيعِ أَثِمَ وَكَذَا فِي بَعْضِ مُعَيَّنٍ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ سم لَا يَأْثَمُ وَلَوْ بَاعَهُ لِشَافِعِيٍّ شَخْصٌ مَذْهَبُهُ لَا يَرَى تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ فَهَلْ لِشَافِعِيٍّ أَخْذُهُ مِنْهُ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمُخَالِفِ أَوْ لَيْسَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute