أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) مِمَّا لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَتَطَهُّرٍ وَتَطَيُّبٍ وَتَزَوُّجٍ وَوَطْءٍ وَغَصْبٍ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا (فَاسْتَدَامَهَا) فَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُحْلَفِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ إذْ لَا مُسَاكَنَةَ وَأَمَّا فِيمَا عَدَاهَا فَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَتْ كَإِنْشَائِهَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَصُورَةُ حَلَفَ الْمُصَلِّي أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ يَكُونَ أَخْرَسَ وَيَحْلِفُ بِالْإِشَارَةِ (وَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ نَحْوِ لُبْسٍ) مِمَّا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ كَرُكُوبٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَسُكْنَى وَاسْتِقْبَالٍ وَمُشَارَكَةِ فُلَانٍ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَبِسْت شَهْرًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَإِذَا حَنِثَ بِاسْتِدَامَةِ شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَاسْتَدَامَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ الْأُولَى بِالِاسْتِدَامَةِ الْأُولَى وَتَعْبِيرِي فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ) هَذِهِ (الدَّارَ حَنِثَ بِدُخُولِهِ دَاخِلَ بَابِهَا) حَتَّى دِهْلِيزَهَا (وَلَوْ بِرِجْلِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا فَقَطْ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ دَاخِلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَدَّهَا وَقَعَدَ خَارِجَهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا فَقَطْ وَإِنْ أَطْلَقَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ بِهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ أَوْ يَدَهُ أَوْ دَخَلَ طَاقَا مَعْقُودًا قُدَّامَ الْبَابِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحِنْثِ وَلَكِنْ يَبْقَى فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ مِنْ؛ حَيْثُ إنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُسَاكَنَةِ، وَالْمَعْطُوفُ لَيْسَ مِنْهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ، أَوْ حَلَفَ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ حَلُّ الشَّارِحِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَصَلَاةٍ، وَصَوْمٍ) فِيهِ أَنَّهُمَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ؛ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: صَلَّيْت لَيْلَةً مَثَلًا، وَصُمْت شَهْرًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا نِيَّتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْعَقِدَانِ، إلَّا بِهَا فَقَوْلُهُ كَصَلَاةٍ، وَصَوْمٍ أَيْ: كَنِيَّةِ صَلَاةٍ، وَنِيَّةِ صَوْمٍ شَيْخُنَا، وَمِثْلُهُ فِي س ل لَكِنْ هَذَا لَا يَجْرِي فِي التَّطَيُّبِ، وَمَا بَعْدَهُ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّطَيُّبِ، وَضْعُ الطِّيبِ عَلَى الْبَدَنِ، وَهُوَ لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّطَهُّرِ الْفِعْلُ، أَوْ النِّيَّةُ، وَهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ، وَعِبَارَةُ سم وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ إشْكَالٍ؛ إذْ قَدْ يُقَالُ: صُمْت شَهْرًا، وَصَلَّيْت لَيْلَةً قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُحَقِّقُ لِلْعِبَادَةِ، وَاَلَّذِي بِهِ قِوَامُهَا هُوَ النِّيَّةُ؛ إذْ لَا اعْتِبَارَ بِهَا بِدُونِهَا، وَالنِّيَّةُ لَا تَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ أَطْلَقَ عَلَى الْعِبَادَةِ عَدَمَ التَّقْدِيرِ بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهَا. اهـ. وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِإِحْرَامِهِ بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ بَطَلَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا أُصَلِّي صَلَاةً فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، إلَّا بِتَمَامِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَغَصْبٍ) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: غَصَبَهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ غَصَبَهُ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا س ل وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَصْبَ الِاسْتِيلَاءُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ مَا دَامَ تَحْتَ يَدِهِ وَالْمُحَشِّي نَاظِرًا لِأَوَّلِ الِاسْتِيلَاءِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُهُ: لَا إنْ خَرَجَ حَالًا. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَإِنْشَائِهَا) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الدُّخُولِ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ لِدَاخِلٍ، وَالْخُرُوجُ عَكْسُهُ وَلَمْ يُوجَدَا فِي الِاسْتِدَامَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يَصِحُّ إلَخْ) وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَتْ الِاسْتِدَامَةُ كَالْإِنْشَاءِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ اسْتِدَامَةُ الدُّخُولِ دُخُولًا، وَكَذَا الْبَاقِي، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ؛ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: دَخَلْت شَهْرًا اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ الرُّكُوبِ فِيمَا يَأْتِي؛ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: رَكِبْت شَهْرًا مَعَ أَنَّهُ إذَا نَظَرَ لِلْمَصْدَرِ فَهُوَ لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ فِيهِمَا، أَوْ لِأَثَرِهِ أَيْ: الْكَوْنِ رَاكِبًا، وَالْكَوْنُ دَاخِلًا فَهُوَ يَتَقَدَّرُ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ هُنَا مَعَ بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ. اهـ. شَيْخُنَا قَالَ م ر: وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، أَوْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ، وَمَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، أَوْ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ. (قَوْلُهُ:، وَكَذَا الْبَقِيَّةُ) لِأَنَّ التَّزَوُّجَ قَبُولُ النِّكَاحِ، وَأَمَّا وَصْفُ الشَّخْصِ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَزَوِّجًا بِفُلَانَةَ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِمْرَارُهَا عَلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا) أَيْ: لِلصَّلَاةِ، أَوْ لِحُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهَا، وَهُوَ مَعْذُورٌ ع ن. (قَوْلُهُ: وَمُشَارَكَةُ فُلَانٍ) لَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ أَخَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَهِيَ مِلْكُ أَبِيهِمَا فَمَاتَ الْوَالِدُ، وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لَهُمَا، وَصَارَا شَرِيكَيْنِ فَهَلْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ ، وَهَلْ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ شَرِكَةٌ تُؤَثِّرُ أَمْ لَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُجَرَّدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ لَا يَحْنَثُ بِهِ، وَأَمَّا الِاسْتِدَامَةُ فَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا. اهـ. وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقْسِمَاهَا حَالًا فَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْفَوْرِيَّةُ لِعَدَمِ وُجُودِ قَاسِمٍ مَثَلًا عُذِرَ مَا دَامَ الْحَالُ كَذَلِكَ سم. (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا) مَحَلُّ الْحِنْثِ بِهَا فِي الْمُشَارَكَةِ إذَا لَمْ يُرِدْ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ، وَأَفْتَى بِهِ م ر (فَرْعٌ)
لَوْ حَلَفَ لَا يُرَافِقُهُ فِي طَرِيقٍ فَجَمَعَتْهُمَا الْمَعَدِّيَّةُ لَا حِنْثَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ قَوْمًا، وَتَقْذِفُ آخَرِينَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي مَا يُوَافِقُهُ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِالِاسْتِدَامَةِ الْأُولَى) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا لَبِسْت فَأَنْت طَالِقٌ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الِاسْتِدَامَةِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ، وَهِيَ لَابِسَةٌ، وَمَا قِيلَ كُلَّمَا قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِلِابْتِدَاءِ مَرْدُودٌ بِمَنْعِ ذَلِكَ س ل، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِرِجْلِهِ) أَيْ: وَلَوْ دَخَلَ مِنْ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْضًا خِلَافًا لِمَا يُفْتِي بِهِ بَعْضُ الْجَهَلَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا) بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ الْخَارِجَةَ لَا يَسْقُطُ ح ل وَلَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ، أَوْ جِذْعٍ فِي هَوَائِهَا، وَأَحَاطَ بِهِ بُنْيَانُهَا حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلَا إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ دَاخِلُهَا فَإِنْ ارْتَفَعَ بَعْضُ بَدَنِهِ عَنْ بُنْيَانِهَا لَمْ يَحْنَثْ س ل. (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَ طَاقًا إلَخْ) نَعَمْ إنْ جُعِلَ عَلَيْهِ بَابٌ حَنِثَ بِدُخُولِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُسَقَّفٍ س ل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute