للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يُلْغَ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ، وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَبْقَى الدِّرْهَمَانِ مُسْتَثْنَيَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ إنَّمَا حَصَلَ بِالْأَخِيرِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا؛ إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ (وَهُوَ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ إثْبَاتٍ نَفْيٌ وَعَكْسِهِ) أَيْ مِنْ نَفْيٍ إثْبَاتٌ، كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي الطَّلَاقِ (فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ فَتَلْزَمُ الثَّمَانِيَةُ، وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ وَمِنْ طُرُقِ بَيَانِهِ أَيْضًا أَنْ يُجْمَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِيِّ وَيَسْقُطَ الْمَنْفِيُّ مِنْهُ وَالْبَاقِي هُوَ الْمُقَرُّ بِهِ فَالْعَشَرَةُ وَالثَّمَانِيَةُ فِي الْمِثَالِ مُثْبَتَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالتِّسْعَةُ مَنْفِيَّةٌ فَإِذَا أَسْقَطْتهَا مِنْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ تَبْقَى تِسْعَةً، وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً لَزِمَتْهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عَشْرَةً إلَّا خَمْسَةً هُوَ خَمْسَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ.

(وَصَحَّ) الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيُسَمَّى اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا (كَأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا إنْ بَيَّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ) فَإِنْ بَيَّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ، فَالْبَيَانُ لَغْوٌ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَهُ بِهِ فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ.

(وَ) صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ مُعَيَّنٍ) كَغَيْرِهِ (كَهَذِهِ الدَّارِ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا، وَحَلَفَ فِي بَيَانِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ حَتَّى لَوْ مَاتُوا بِقَتْلٍ أَوْ بِدُونِهِ إلَّا وَاحِدًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ كَانَ الدِّرْهَمُ مُسْتَثْنًى مِنْ دِرْهَمٍ فَيَسْتَغْرِقُ فَيَلْغُو ع ن. (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنَيَيْنِ) أَيْ: فَكَأَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِمِثَالَيْنِ فِي اسْتِغْرَاقِ الْمُسْتَثْنَى إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ أَفْرَادِهِ مُفَرَّقَةً أَوْ بَعْضُهَا مُفَرَّقٌ وَبَعْضُهَا مَجْمُوعٌ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا حَصَلَ بِالْأَخِيرِ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ فَيَلْغُو فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ اللَّازِمُ لَهُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا أَيْ: جَمْعِ الْمُسْتَثْنَى فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ مُسْتَثْنَيَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى مِنْ مُثْبَتٍ مَنْفِيٍّ وَعَكْسِهِ فَالْمَصَادِرُ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنَى اسْم الْمَفْعُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ سم: أَيْ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ ذِي الْإِثْبَاتِ ذُو النَّفْيِ أَيْ دَالٌّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ:، كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي الطَّلَاقِ) أَيْ: هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ وَهَذَا اعْتِذَارٌ عَنْ عَدَمِ قَوْلِهِ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي أَيْ: فَالْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا هُنَا لَكِنَّهُ ذَكَرَهُمَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) مَحَلُّهُ إذَا ذَكَرَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعَطْفِ يَرْجِعُ الْجَمِيعُ لِلْأَوَّلِ وَيَلْغُو مِنْهُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ سَوَاءٌ ذَكَرَ " إلَّا " مَعَ الْعَطْفِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا ثَلَاثَةً فَهُمَا مَعًا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ الْعَشَرَةِ. اهـ. ز ي وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ فِيمَا أَظُنُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ أَصْلًا ق ل.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ طُرُقِ بَيَانِهِ) أَيْ: بَيَانِ مَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ: زِيَادَةً عَلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ وَعَكْسِهِ أَوْ يُقَالُ: أَيْضًا أَيْ: زِيَادَةً عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ إذْ هُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: الْقَاعِدَةُ أَنْ يَخْرُجَ كُلٌّ مِمَّا قَبْلَهُ مَعَ مُرَاعَاةِ قَاعِدَةِ الْمَتْنِ وَهَذَا الثَّانِي أَحْسَنُ، وَالْأَوَّلُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ أَصْلٌ لِكُلِّ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ هُنَا. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الْمُثْبَتِ) أَيْ: عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَنْفِيُّ أَيْ: بِأَنْ يُجْمَعَ كُلٌّ مِنْ الْمَنْفِيِّ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَيَسْقُطَ الْمَنْفِيُّ مِنْهُ أَيْ: مِنْ الْمُثْبَتِ اط ف، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا شَفْعًا، فَالْأَشْفَاعُ مُثْبَتَةٌ أَوْ وِتْرًا فَعَكْسُهُ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) هَذَا عَامٌّ وَقَوْلُهُ: إلَّا خَمْسَةً خَاصٌّ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَيْسَ لَهُ عَشْرَةٌ هُوَ خَاصٌّ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ: إلَخْ ضَابِطٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامًّا عُمِلَ بِالِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً وَإِنْ كَانَ خَاصًّا أُلْغِيَ الِاسْتِثْنَاءُ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَكْسُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ النَّفْيُ عَلَى خَاصٍّ أَيْ: مَحَلِّ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا إذَا لَمْ يَدْخُلْ النَّفْيُ عَلَى خَاصٍّ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ يَجْعَلُ النَّفْيَ مُتَوَجِّهًا لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْمِثَالِ بَلْ يَجْرِي فِيمَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ مُتَّصِفَةٌ بِكَوْنِهَا نَاقِصَةً خَمْسَةً

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي بُطْلَانِهِ مُطْلَقًا وَلِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بُطْلَانِهِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَدَلِيلُنَا عَلَى الصِّحَّةِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧] وقَوْله تَعَالَى {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا} [الواقعة: ٢٥] {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧] قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْجِنْسِ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ. (قَوْلُهُ: فَالْبَيَانُ لَغْوٌ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ: لِلِاسْتِغْرَاقِ. (قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا أَرَادَهُ) أَيْ بَيَّنَ الثَّوْبَ الَّذِي أَرَادَهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِالْأَلْفِ أَيْ: بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ) أَيْ: بِالْأَلْفِ فَيَكُونُ مُسْتَغْرِقًا؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إلَّا قِيمَةَ ثَوْبٍ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ مُعَيَّنٍ) وَمَا تَقَدَّمَ كَانَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ وَمِنْهُ: هَذَا الثَّوْبُ لَهُ إلَّا كُمَّهُ هَذَا وَلَوْ أَقَرَّ بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ جَمِيعُ مَلْبُوسِهِ وَلَوْ فَرْوَةً وَخُفًّا ق ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ) وَلَا اعْتِبَارَ بِالْجَهْلِ بِالْمُسْتَثْنَى م ر. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ فِي بَيَانِهِ) وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>