فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ إنْ (نَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِتَمَامِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَإِلَّا لَزِمَ رَفْعُ الْإِقْرَارِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَاتَّصَلَ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عُرْفًا فَلَا يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ وَتَذَكُّرٍ وَانْقِطَاعِ صَوْتٍ، بِخِلَافِ الْفَصْلِ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ وَكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ يَسِيرًا (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً لَمْ يَصِحَّ فَيَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ.
(وَلَا يُجْمَعُ) مُفَرَّقٌ (فِي اسْتِغْرَاقٍ) لَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى، وَلَا فِيهِمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَبَلْدَةٌ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إلَّا الْيَعَافِيرَ وَإِلَّا الْعِيسَ
(قَوْلُهُ: إنْ نَوَاهُ) أَيْ: وَتَلَفَّظَ بِهِ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ أَيْضًا وَلَوْ بِالْقُوَّةِ، وَكَذَا مَنْ هُوَ بِقُرْبِهِ، كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر قَالَهُ م ر وَلِكَوْنِهِ رَفْعًا لِبَعْضِ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ أَوَّلِ حَرْفٍ مَثَلًا وَإِنْ عُزِمَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ فَرَاغِ الصِّيغَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: إنْ نَوَاهُ إلَخْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصِّيغَةِ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي التَّعْلِيقِ " بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ " فِي قَوْلِهِ: يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ إلَخْ أَنْ يُكْتَفَى هُنَا بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْمَتْنُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَجِبُ فِي أَوَّلِهِ وَلَا تَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلِذَلِكَ فَرَّعَ الدَّعْوَتَيْنِ عَلَى التَّعْلِيلِ وَاسْتَنْتَجَهُمَا مِنْهُ وَقِيلَ: إنَّهُ عِلَّةٌ لِلْجُمْلَتَيْنِ بَعْدَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي) أَيْ: قَوْلُهُ: نَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: وَاتَّصَلَ) أَيْ: إجْمَاعًا وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ قِيلَ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ) وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا يَسِيرَةً وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ السُّكُوتُ الْيَسِيرُ بِقَدْرِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ انْقِطَاعِ صَوْتٍ غَيْرُ مُضِرٍّ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ مُقَابِلٌ لِلْيَسِيرِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ الْمُقَدَّرِ فِيهِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: اُنْظُرْ مَا لَوْ سَكَتَ وَادَّعَى وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيَصِحّ اسْتِثْنَاؤُهُ أَوْ لَا؟ وَالْفَرْضُ أَنْ لَا قَرِينَةَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَعِيٍّ) قَالَ السُّيُوطِيّ هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ لَا بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْعِيَّ بِالْكَسْرِ التَّعَبُ مِنْ الْقَوْلِ.
(قَوْلُهُ: وَتَذَكُّرٍ) أَيْ: تَذَكُّرِ قَدْرِ مَا يَسْتَثْنِيهِ أَيْ: إنْ كَانَ بِقَدْرِ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَانْقِطَاعِ صَوْتٍ) وَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ اُنْظُرْ وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ أَوْ لَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ) نَعَمْ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ - أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ - إلَّا مِائَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَالْعِدَّةِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) وَلَوْ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، كَمَا يَأْتِي نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا ثَوْبًا وَبَيَّنَهُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُنَاقَضَةِ الصَّرِيحَةِ نَعَمْ إنْ اتَّبَعَ الْمُسْتَغْرِقُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ غَيْرَ مُسْتَغْرَقٍ صَحَّ فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ مُثْبَتَةٌ إذْ هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَنْفِيٍّ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِيهَا وَفَائِدَةُ الصِّحَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهَا ع ش وَعِبَارَةُ ق ل وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ الْوَصِيَّةُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ فِيهَا صَحِيحٌ لِإِبْطَالِهِ مَا قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا نِصْفَ الْمَالِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَفْظٌ يُفِيدُ الرُّجُوعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ لَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فَتَأَمَّلْ.
. (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ) هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ وَلَيْسَ مِنْ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ: إلَخْ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَمْثِلَةٍ آخِرُهَا لِلْمَفْهُومِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُ وَثَلَاثَةً لِلْمَنْطُوقِ أَوَّلُهَا لِعَدَمِ الْجَمْعِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَثَانِيهَا وَثَالِثُهَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَذَكَرَ لَهُ مِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يَجُوزَ جَمْعٌ أَصْلًا كَالْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَوْ يَكُونَ جَمْعٌ جَائِزٌ مِنْ جَمْعٍ غَيْرِ جَائِزٍ كَالثَّانِي مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا وَلَا يَجُوزُ جَمْعُ الثَّالِثِ مَعَهُمَا وَقَوْلُهُ: فِي اسْتِغْرَاقٍ أَيْ: لِأَجْلِ اسْتِغْرَاقٍ فَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ، كَمَا عَبَّرَ بِهَا م ر أَيْ: لِأَجْلِ دَفْعِهِ إذَا كَانَ الْجَمْعُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوْ لِأَجْلِ تَحْصِيلِهِ إذَا كَانَ فِي الْمُسْتَثْنَى أَوْ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا فِيهِمَا) كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إلَّا دِرْهَمًا مُسْتَغْرِقٌ لِلْأَخِيرِ وَالثَّانِي مُسْتَغْرِقٌ لِلثَّانِي وَالْأَخِيرُ لِلْأَوَّلِ شَيْخُنَا لَكِنْ لَا فَائِدَةَ هُنَا فِي عَدَمِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا فِيهِمَا نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمَانِ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ فَيَكُونُ الدِّرْهَمُ مُسْتَثْنًى مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ قَبْلَهُ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَلَوْ جَمَعَ الْمُفَرَّقَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute