لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْوُجُوبِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (وَ) حَلَفَ (فِي دَعْوَاهُ تَلَفًا وَرَدًّا) لَهُ كَائِنَيْنِ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِهِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ وَالْمَرْدُودَ لَا يَكُونَانِ عَلَيْهِ وَلَا عِنْدَهُ وَلَا مَعَهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي " عِنْدِي وَمَعِي " مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) حَلَفَ (مُقَرٌّ لَهُ فِي قَوْلِهِ) أَيْ: الْمُقَرِّ لَهُ " عَلَيَّ أَلْفٌ " (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا) وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ آخَرُ فَيَحْلِفُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا دَيْنًا (وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ بِهِبَةٍ وَقَبَضَ) فِيهَا (فَادَّعَى) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ ادَّعَى (فَسَادَهُ لَمْ يُقْبَلْ) فِي دَعْوَاهُ فَسَادَهُ، وَإِنْ قَالَ: أَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ الْمُقِرُّ) أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا (وَبَطَلَ) أَيْ الْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ صِدْقَ الْمُقِرِّ وَقَوْلِي: وَبَطَلَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَبَرِئَ (أَوْ قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ، بَلْ مِنْ عَمْرٍو سَلَّمَ لِزَيْدٍ وَغَرِمَ) الْمُقِرُّ (بَدَلَهُ لِعَمْرٍو) ؛ لِأَنَّهُ حَالٌّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ. وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ وَالْمِلْكُ فِيهِ لِعَمْرٍو سَلَّمَ لِزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْيَدِ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ فِيهِ لِعَمْرٍو وَيَكُونُ فِي يَدِ زَيْدٍ بِإِجَازَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَكِيلٌ، ثُمَّ كَمَا فِي الْوَسِيطِ فِي بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَمِثْلُهَا الْفَاءُ.
[دَرْس] (وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ) لِوُرُودِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " عَلَيَّ " ظَاهِرَةٌ فِي الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ الْوَدِيعَةِ لَا تَثْبُتُ فِيهَا م ر.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْوُجُوبِ إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا فَصَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ فَحَسُنَ الْإِتْيَانُ فِيهَا " بِعَلَيَّ " وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ " عَلَيَّ " بِمَعْنَى " عِنْدِي " كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: ١٤] شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: أَيْ: بَعْدَ إقْرَارِهِ، كَمَا لَا يَخْفَى شَوْبَرِيٌّ أَيْ: لِأَنَّهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ الْمَذْكُورُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: بَعْدَ تَفْسِيرِهِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَعَلَّهَا الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ حَالَ التَّفْسِيرِ كَأَنْ قَالَ أَرَدْتَ بِالْأَلْفِ الَّذِي أَقْرَرْتَ بِهِ أَلْفًا وَدِيعَةً وَقَدْ تَلِفَتْ الْآنَ فَالْوَجْهُ الْقَبُولُ سم وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا هُنَا إلَى الْمِنْهَاجِ بِجَعْلِ التَّفْسِيرِ بِمَعْنَى التَّبْيِينِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِقْرَارِ وَفِي الْمُخْتَارِ " الْفَسْرُ " الْبَيَانُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَالتَّفْسِيرُ مِثْلُهُ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: حَلِفَهُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالرَّدِّ بَعْدَهُ.
. (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ) أَيْ: فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ الْمَذْكُورُ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْإِقْرَارِ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا فَالْأَوْجَهُ قَبُولُهُ شَرْحُ م ر وَقَدْ يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ: فِي ذِمَّتِي إذْ الْعَيْنُ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ: " ذَلِكَ مُتَّصِلًا " دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِ " فِي ذِمَّتِي وَدَيْنًا " مَعْنَاهُمَا بَلْ أَرَادَ بِفِي ذِمَّتِي مَعْنَى " جِهَتِي " وَأَنَّ دَيْنًا مَعْنَاهُ كَالدَّيْنِ فِي لُزُومِ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ: الْمُقَرُّ لَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَيْنَ) أَيْ: وَهِيَ الْوَدِيعَةُ الْمُفَسَّرُ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَبَضَ فِيهَا) أَيْ: فِي الْهِبَةِ إذْ يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاعْتِبَارِ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَبْضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِرْمَاوِيٌّ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ م ر اط ف. (قَوْلُهُ: فَادَّعَى) وَالتَّرَاخِي يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ الْفَسَادَ مَعَ الْفَوْرِيَّةِ فَمَعَ التَّرَاخِي أَوْلَى بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَاهُ عَلَى الْفَوْرِ يُقْبَلُ وَلَيْسَ مُرَادًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَهُ) أَيْ: الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِأَوْ يُفْرِدُ الضَّمِيرَ لِرُجُوعِهِ لِلْأَحَدِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ لِتَكْذِيبِهَا لِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ) إلَّا إنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِصِدْقِهِ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَالِ كَبَدْوِيٍّ جِلْفٍ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ) أَيْ: مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْ: كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْفَسَادِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَالْبَيِّنَةِ أَيْ: مِنْ الْمُقِرِّ أَيْ: كَأَنَّهُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْفَسَادِ.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَبَرِئَ) أَيْ: لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ النِّزَاعَ هُنَا فِي عَيْنٍ وَهِيَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ أُجِيبَ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِي عَيْنٍ فَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ تَلَفِهَا كَالثَّمَنِ فَغَلَبَ أَوْ بَرِئَ مِنْ التَّبِعَةِ أَيْ: الشَّامِلَةِ لَهُمَا سم وَأَجَابَ الشِّهَابُ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ: بَرِئَ أَيْ: مِنْ الدَّعْوَى فَشَمِلَ حِينَئِذٍ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّعْوَى الْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَتِهَا؛ إذْ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّعْوَى اط ف.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ:) مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ الْمُقِرُّ بَدَلَهُ) أَيْ: مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَاَلَّذِي قَالَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْ: لِأَنَّ الْغُرْمَ لِلْحَيْلُولَةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ فَلَوْ رَجَعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِيَدِ الْمُقِرِّ دَفَعَهُ لِعَمْرٍو وَاسْتَرَدَّ مَا غَرِمَهُ، وَلَهُ حَبْسُهُ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى يَرُدَّ مَا غَرِمَهُ لَهُ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَكِيلٌ، ثُمَّ) االْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: لَوْ قَالَ غَصَبْته إلَخْ.
. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ) أَيْ: مِنْ الْجِنْسِ وَالدَّيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَصَحَّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إلَخْ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: الرُّجُوعِ لِرُجُوعِهِ عَمَّا اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ.
(قَوْلُهُ: لِوُرُودِهِ إلَخْ) فَمِنْ وُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] {إِلا إِبْلِيسَ} [الحجر: ٣١] ، وَمِنْ السُّنَّةِ «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ إلَّا أَرْبَعَةً» وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ