للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعَدُّدُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ.

(وَلَوْ اخْتَلَفَ قُدِّرَ) كَأَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ، ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ عَكْسٌ (فَالْأَكْثَرُ) يَلْزَمُهُ فَقَطْ؛ لِجَوَازِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّهِ أَوْ قَبْلَهُ. (فَلَوْ تَعَذَّرَ جُمِعَ) بَيْنَ الْإِقْرَارَيْنِ كَأَنْ وَصَفَ الْقَدْرَيْنِ بِوَصْفَيْنِ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ، كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ أَوْ قَالَ: قَبَضْتُ يَوْمَ السَّبْتِ عَشْرَةً، ثُمَّ قَالَ: قَبَضْتُ يَوْمَ الْأَحَدِ عَشْرَةً (لَزِمَاهُ) أَيْ الْقَدْرَانِ فَلَوْ قَيَّدَ أَحَدَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْآخَرَ حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.

(وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ لَا تَلْزَمُ، أَوْ مِنْ ثَمَنِ نَحْوِ خَمْرٍ) مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ كَزِبْلٍ (لَزِمَهُ) الْأَلْفُ عَمَلًا بِأَوَّلِ كَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ: عَلَيَّ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ خَمْرٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِخَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ (أَوْ) قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ قُبِلَ) قَوْلُهُ: لَمْ أَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَقَالَهُ مُتَّصِلًا بِهِ أَمْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْأَلْفِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَا يُقْبَلُ إلَّا مُتَّصِلًا (أَوْ عَلَّقَ) الْإِقْرَارَ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَنَوَى التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ الصِّيغَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْإِقْرَارِ. وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (وَحَلَفَ مُقِرٌّ) فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي) قَوْلِهِ: لَهُ (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ) وَلَوْ مُنْفَصِلًا (بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ) الْمُقَرُّ لَهُ (لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ آخَرُ) دَيْنًا وَهُوَ الَّذِي أَرَدْتَهُ بِإِقْرَارِكَ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِإِقْرَارِهِ إلَّا هَذِهِ وَلَا يُنَافِيهِ ذِكْرُ " عَلَيَّ " الَّتِي لِلْوُجُوبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] فَلَمْ يُعْمَلْ بِقَضِيَّتِهَا وَبِفَرْضِ تَسْلِيمِ اطِّرَادِهَا فَيُصْرَفُ عَنْ ذَلِكَ قَاعِدَةُ الْبَابِ وَهُوَ " الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ مَعَ الِاعْتِضَادِ بِالْأَصْلِ " وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِمَّا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَتَعَدُّدُهُ) أَيْ: الْإِخْبَارِ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبَرِ بِهِ أَيْ: حَتَّى لَوْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ وَتَعَدَّدَ الْمَكَانُ مَعَ بُعْدِ الْمَكَانَيْنِ الْمُقَرِّ فِيهِمَا لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُقْتَضَيَا لِلتَّعَدُّدِ كَأَنْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ يَوْمَ السَّبْتِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ بِمِصْرَ، ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِمَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَلْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْإِقْرَارُ بِمِصْرَ وَمَكَّةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَتَسْقُطَ الْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِمَا مُسْتَحِيلَةٌ. اهـ. ع ش.

. (قَوْلُهُ: فَالْأَكْثَرُ يَلْزَمُهُ فَقَطْ) أَيْ: لِدُخُولِ الْأَقَلِّ فِي الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَذَّرَ جَمْعٌ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هَذَا إذَا أَمْكَنَ جَمْعٌ وَهَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْقَدْرُ بَلْ يَجْرِي فِيمَا إذَا اتَّفَقَ الْقَدْرُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ السَّبْتِ إلَخْ فَيَكُونُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ) أَيْ: كَأَنْ قَالَ مَرَّةً: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ صِحَاحٌ، ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُكَسَّرَةٌ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَاهُ أَيْ: الْقَدْرَانِ) أَيْ: فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ لِتَعَذُّرِ اتِّحَادِهِمَا إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ فِي الْأَوَّلِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَوْصُوفِ، وَاخْتِلَافُ السَّبَبِ فِي الثَّانِي يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمُسَبَّبِ، كَذَا قَالَهُ م ر اهـ اط ف. (قَوْلُهُ: حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ) أَيْ: وَلَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ. اهـ. م ر.

. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ: " قَضَيْتُهُ " كَانَ لَغْوًا وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ الْإِشْهَادُ. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ: عَمَلًا بِأَوَّلِ كَلَامِهِ) الَّذِي هُوَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَلْغُو آخِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا أَوْ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ بَيْعِ الْكَلْبِ نَعَمْ إنْ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَلَهُ الْحُكْمُ بِعَقِيدَتِهِ ق ل. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ) أَيْ: الْعَبْدَ وَهَلَّا قَالَ: مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، الْأَعَمُّ مِنْ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ يَدَّعِي الْعُمُومَ كَعَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ) بَلْ يُخَصِّصُهُ بِحَالَةٍ دُونَ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَالَهُ) أَيْ: لَمْ أَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ: أَمْ مُنْفَصِلًا) أَيْ: وَقَدْ قَالَ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ مُتَّصِلًا أَمَّا إذَا قَالَهُمَا مُنْفَصِلَيْنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَمْ أَقْبِضْهُ، كَمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ. (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ) أَيْ قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا مُتَّصِلًا) أَيْ: بِقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كُلُّ تَقْيِيدٍ لِمُطْلَقٍ وَتَخْصِيصٍ لِعَامٍّ كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّصَالِ وَإِلَّا لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْإِقْرَارِ. اهـ. تُحْفَةٌ شَوْبَرِيٌّ، أَمَّا لَوْ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا لَمْ يُقْبَلْ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَا يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ بَلْ يُخَصِّصُهُ مِنْ حَالَةٍ أُخْرَى وَكَانَ الْقِيَاسُ الْقَبُولَ فِيهِ مُطْلَقًا كَسَابِقَةٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ هُنَا: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ خَصَّصَهُ بِجِهَةٍ مُعَرَّضَةٍ لِلسُّقُوطِ بِمَوْتِ الْعَبْدِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا مُتَّصِلًا وَوَجَبَ الْأَلْفُ إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُتَّصِلًا؛ لِاحْتِمَالِ وُجُوبِهَا بِسَبَبٍ آخَرَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَمْ أَقْبِضْهُ فَلَمْ يُخَصِّصْهُ بِتِلْكَ الْجِهَةِ الْمُعَرَّضَةِ لِلسُّقُوطِ فَقِيلَ مُطْلَقًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَنَوَى التَّعْلِيقَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ أَعَمُّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ أَوْ مَعَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ قَصْدِ التَّبَرُّكِ. اهـ. سم ع ش.

(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) إلَّا إنْ قَصَدَ التَّأْجِيلَ وَلَوْ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ. اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ حَالًّا فِي مَسْأَلَةِ الْأَجَلِ الْفَاسِدِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ) وَأَيْضًا فَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَالْوَاقِعُ لَا يُعَلَّقُ سم وَفَارَقَ مِنْ ثَمَنِ كَلْبٍ بِأَنَّ دُخُولَ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ يُصَيِّرُهَا جَزَاءً مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْطِ فَلَزِمَ تَغَيُّرُ مَعْنَى أَوَّلِ الْكَلَامِ بِخِلَافٍ مِنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَيِّرٍ بَلْ مُبَيِّنٍ لِجِهَةِ اللُّزُومِ بِمَا هُوَ بَاطِلٌ شَرْعًا فَلَمْ يُقْبَلْ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي أَرَدْتَهُ) بِفَتْحِ تَاءِ الْمُخَاطَبِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>