للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَمَانًا وَمَكَانًا (زَمَانَيْهَا لِحَجٍّ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ بِهِ (مِنْ) أَوَّلِ (شَوَّالٍ إلَى فَجْرِ) عِيدِ (نَحْرٍ فَلَوْ أَحْرَمَ) بِهِ، أَوْ مُطْلَقًا (حَلَالٌ فِي غَيْرِهِ انْعَقَدَ) أَيْ: إحْرَامُهُ بِذَلِكَ (عُمْرَةً) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَاللُّزُومِ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَقْتُ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ إلَى مَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَيَسْقُطُ بِعَمَلِهَا عُمْرَةُ الْإِسْلَامِ وَسَوَاءٌ الْعَالِمُ بِالْحَالِ وَالْجَاهِلُ بِهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي حَلَالٌ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِذَلِكَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّ إحْرَامَهُ يَلْغُو إذْ لَا يَنْعَقِدُ حَجًّا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَلَا عُمْرَةً؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ (وَ) زَمَانَيْهَا (لَهَا) أَيْ لِلْعُمْرَةِ أَيْ: لِلْإِحْرَامِ بِهَا (الْأَبَدُ) لِوُرُودِهِ فِي، أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ (لَا لِحَاجٍّ قَبْلَ نَفْرٍ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ وَلِامْتِنَاعِ إدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ إنْ كَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَارَتْ الْمَوَاقِيتُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي كُلٍّ مِنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَعِبَارَةُ م ر وَهُوَ لُغَةً الْحَدُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا زَمَانُ الْعِبَادَةِ وَمَكَانُهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّعٍ اط ف، وَفِي الْمُخْتَارِ الْمِيقَاتُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ بِالْفِعْلِ وَالْمِيقَاتُ أَيْضًا الْمَوْضِعُ يُقَالُ هَذَا مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُحْرِمُونَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: زَمَانًا وَمَكَانًا) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَهُمَا تَمْيِيزَانِ مُحَوَّلَانِ عَنْ الْمُضَافِ وَالتَّقْدِيرُ بَابُ زَمَانَيْ الْمَوَاقِيتِ وَمَكَانَيْهَا وَقَوْلُهُ: لِلْإِحْرَامِ إلَخْ أَيْ: لِلْأَعْمَالِ إذْ لَا تَصِحُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ كُلِّهِ بَلْ لَهَا أَوْقَاتٌ مَخْصُوصَةٌ فَالْوُقُوفُ فِي تَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَبَعْدَهُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُمَا بَعْدَ هَذَا الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِمَا كَمَا يَأْتِي وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ فِي تَعْرِيفِ النِّيَّةِ قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ لِعَدَمِ الِاقْتِرَانِ هُنَا كَالصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ) أَيْ: مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَلَا يَنْقَلِبُ الْإِحْرَامُ بِهِ عُمْرَةٍ لَوْ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ مَطْلَعُهُ مُخَالِفٌ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ شَوَّالٍ أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ظَنِّ النَّاوِي بِأَنْ أَحْرَمَ مَعَ عَدَمِ جَزْمِهِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَةِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنِّ الْمُكَلَّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ اهـ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَى فَجْرِ عِيدِ نَحْرٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ: إذَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إيقَاعِ بَعْضِهِ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ كَأَنْ كَانَ بِمِصْرَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَيْلَةَ النَّحْرِ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ بِهِ وَيَكُونُ عُمْرَةً وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ إذَا نَوَاهَا وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ حَجًّا بِفَوْتِ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا لَا تَبْقَى جُمُعَةً بَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا بِرْمَاوِيٌّ وَزي وَقَوْلُهُ: إذْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إيقَاعِ بَعْضِهِ أَيْ: بَعْضِ أَعْمَالِ الْحَجِّ كَالسَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُقُوفِ؛ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَحِينَئِذٍ يَنْعَقِدُ حَجًّا وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ.

(قَوْلُهُ: شَدِيدُ التَّعَلُّقِ) بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَاللُّزُومِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي صُورَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْعُمْرَةُ) تَفْسِيرٌ لِمَا فَالصِّلَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَابِلَ هُوَ الْوَقْتُ وَالْمَقْبُولُ هُوَ الْعُمْرَةُ فَكَانَ عَلَيْهِ الْإِبْرَازُ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ الْعَالِمُ بِالْحَالِ إلَخْ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ عَلَى الْعَالِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ بِوَجْهٍ حَجٍّ وَقَدْ يُقَالُ تَعَمَّدَ قَصْدَ عِبَادَةٍ لَا تَحْصُلُ لَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَلَاعُبًا بِالْعِبَادَةِ كَانَ شَبِيهًا بِهِ سم، وَفِيهِ نَظَرٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَزَمَانَيْهَا) أَيْ الزَّمَانِيِّ مِنْهَا أَيْ: الْمَوَاقِيتِ فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى مِنْ وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي عَامٍ، ثُمَّ أَخَّرَ أَعْمَالَهَا إلَى عَامٍ آخَرَ جَازَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّارِحِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي عَامٍ أَنْ يُؤَخِّرَ أَعْمَالَهَا لِلْعَامِ الَّذِي بَعْدَهُ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِوُرُودِهِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: لَا لِحَاجٍّ قَبْلَ نَفْرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لَا لِحَاجٍّ إلَخْ وَيَجُوزُ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ إذَا تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَيْنِ؛ لِأَنَّ مَبِيتَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمْيَ يَوْمِهَا يَسْقُطَانِ عَنْهُ ح ل أَيْ: فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ نَفْرٍ) أَيْ: نُزُولٍ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ) الْمُرَادُ بِحُكْمِهِ أَثَرُهُ مِنْ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِلَّا فَالْإِحْرَامُ بَاقٍ لَا حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الطَّوَافَ وَالْحَلْقَ إنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ أَصْلًا فَهَذِهِ الْعِلَّةُ خَاصَّةٌ بِمَنْ تَحَلَّلَ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا عَامَّةٌ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: إنْ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَيْنِ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ نَفْرٍ، فَيَلْزَمُ مِنْ الطَّوَافِ النَّفْرُ مِنْ مِنًى؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: النَّفْرُ خَاصٌّ بِأَيَّامِ مِنًى وَالطَّوَافُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ.

(قَوْلُهُ: كَبَقَائِهِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ إذَا لَمْ يَتَحَلَّلْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَفَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>