للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَلِعَجْزِهِ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا إنْ كَانَ بَعْدَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَمَكَانَيْهَا) أَيْ: الْمَوَاقِيتِ (لَهَا) أَيْ: لِلْعُمْرَةِ (لِمَنْ يُحْرِمُ حِلُّ) أَيْ طَرَفِهِ فَيَخْرُجُ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ وَيُحْرِمُ بِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ عَائِشَةَ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَجِّ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ مِنْهُ» وَالتَّنْعِيمُ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخُرُوجُ وَاجِبًا لَمَا أَمَرَهَا بِهِ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِرَحِيلِ الْحَاجِّ (وَأَفْضَلُهُ) أَيْ: الْحِلِّ أَيْ: بِقَاعِهِ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ (الْجِعْرَانَةُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ (فَالتَّنْعِيمُ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي عِنْدَ الْمَسَاجِدِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ.

(فَالْحُدَيْبِيَةُ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ بِئْرٌ بَيْنَ طَرِيقَيْ جَدَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي مُنْعَطَفِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْهَا» فَقَدَّمَ الشَّافِعِيُّ مَا فَعَلَهُ، ثُمَّ مَا أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ مَا هَمَّ بِهِ فَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ: إنَّهُ هَمَّ بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ مَرْدُودٌ (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) إلَى الْحِلِّ (وَأَتَى بِهَا) أَيْ: بِالْعُمْرَةِ (أَجْزَأَتْهُ) عَنْ عُمْرَتِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ وَلَوْ صَوْمًا وَذَلِكَ لِبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ حِينَئِذٍ اهـ سُلْطَانٌ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَحَلُّلِهِ) أَيْ: الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلِعَجْزِهِ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمَبِيتَ بِمِنًى وَالرَّمْيَ وَهَذِهِ مِنْ تَمَامِ الْأُولَى فَهِيَ فِي الْمَعْنَى تَعْلِيلٌ لَهَا كَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ لِلْعَجْزِ الشَّرْعِيِّ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ قَوْلُهُ: وَلِعَجْزِهِ عَنْ التَّشَاغُلِ إلَخْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَّةَ وَيَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَحْلِقَ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى مِنًى لِلرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّ بَقَاءَ حُكْمِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ

(قَوْلُهُ: لِمَنْ بِحَرَمٍ) سَوَاءٌ كَانَ فِي مَكَّةَ، أَوْ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ إلَيْهِ) وَلَوْ بِرِجْلٍ فَقَطْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا ق ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَضَاءِ الْحَجِّ) أَيْ: أَدَائِهِ فَهُوَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِقَاعِهِ) قَدَّرَ الْمُضَافَ لِصِحَّةِ إضَافَةِ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ إذْ لَا يُضَافُ إلَّا إلَى مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: الْجِعْرَانَةُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بِالْحَرَمِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِمِ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ مِيقَاتِهِ فِي قَوْلِهِ وَلِنُسُكٍ لِمُتَوَجِّهٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَخْ وَسُمِّيَتْ الْجِعْرَانَةُ بِاسْمِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَسْكُنُهَا وَنِصْفُهَا مِنْ الْحِلِّ وَنِصْفُهَا مِنْ الْحَرَمِ قِيلَ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ق ل مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) وَمُقَابِلُهُ كَسْرُ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدُ الرَّاءِ.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) فِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَحْرَمَ بِالْجِعْرَانَةِ لَمْ يَكُنْ بِالْحَرَمِ بَلْ كَانَ آتِيًا مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ» (قَوْلُهُ: فَالتَّنْعِيمُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي وَادٍ يُقَالُ لَهُ نُعْمَانُ وَعَنْ يَمِينِهِ جَبَلٌ اسْمُهُ نُعَيْمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ جَبَلٌ اسْمُهُ نَاعِمٌ وَهُوَ عَلَى آخِرِ الْحَرَمِ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ) أَيْ بِالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ) نُسِبَتْ إلَيْهَا حِينَ أَحْرَمَتْ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قُلْت لِمَ أَمَرَهَا بِالِاعْتِمَارِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مَعَ أَنَّهَا أَفْضَلُ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ ز ي. (قَوْلُهُ: بِئْرٌ) فِيهِ تَجَوُّزٌ وَإِنَّمَا الْبِئْرُ فِيهَا ق ل وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: أَيْ: مَكَانٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى بِئْرٍ اهـ فَأَطْلَقَ الْجُزْءَ عَلَى الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: حِدَةَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ) فَالْجِعْرَانَةُ وَالْحُدَيْبِيَةُ مَسَافَتُهُمَا إلَى مَكَّةَ وَاحِدَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ) أَيْ: عَامَ خَمْسٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا سَنَةَ سِتٍّ.

(قَوْلُهُ: هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا) لَك أَنْ تَقُولَ مُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الْإِحْرَامِ مِنْهَا وَلَا يُخَصِّصُهَا بِذَلِكَ فَإِنَّ الدُّخُولَ مِنْهَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمُرُورُ عَلَيْهَا وَالْأَمْكِنَةُ الَّتِي قَبْلَهَا قَدْ مَرَّ عَلَيْهَا أَيْضًا وَالْأَمْكِنَةُ الَّتِي بَعْدَهَا قَدْ هَمَّ بِالْمُرُورِ عَلَيْهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ نَزَلَ بِهَا نُزُولًا خَاصًّا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْدَادِ لِلدُّخُولِ وَالتَّهَيُّؤِ لَهُ مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ بِغَيْرِهَا فَدَلَّ عَلَى مَزِيَّةٍ لَهَا وَمُنَاسَبَةٍ خَاصَّةٍ بِالنُّسُكِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. أَقُولُ قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَخْ لَا يَخْلُصُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَزِيَّةِ الْخَاصَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لِلْإِحْرَامِ بِهَا، بَلْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لَا لِخُصُوصِ الْإِحْرَامِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأُخِّرَ الْإِحْرَامُ إلَيْهَا فَفَضْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا لَا يَقْتَضِي جَعْلَهَا مِيقَاتًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت يُنَافِي ذَلِكَ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُصُولِ فِي تَعَارُضِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَعِلْمِ التَّارِيخِ أَنَّ السَّابِقَ مَنْسُوخٌ إلَّا لِدَلِيلٍ وَتَقْدِيمُهُمْ مَا هَمَّ بِهِ وَهُوَ التَّنْكِيسُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ قُلْت أَمَرَهُ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ فِعْلِهِ إلَّا أَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَكُنْ مُعَارِضًا لِفِعْلِهِ حَتَّى يُقَالَ: إنَّهُ نَاسِخٌ لَهُ وَهَمُّهُ بِالتَّنْكِيسِ لَمْ يُعَارِضْهُ فِعْلٌ سَابِقٌ حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) لِأَنَّهُ إنَّمَا هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا وَلَمْ يَهُمَّ بِالْإِحْرَامِ بِهَا قَالَ م ر: وَيُجَابُ بِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هَمَّ أَوَّلًا بِالِاعْتِمَارِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ، ثُمَّ مَا هَمَّ بِهِ أَيْ: مَا هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ أَوَّلًا حَتَّى يَكُونَ دَلِيلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ، ثُمَّ مَا هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَجْعَلُ هَمَّهُ دَلِيلًا عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا لَا بِالْإِحْرَامِ مِنْهَا؟ تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ؛ لِأَنَّهُ مِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ الْمَدِينَةِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>