شَهَادَةَ كُلٍّ مِنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ»
. (وَإِذَا صُمْنَا بِهَا) أَيْ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (ثَلَاثِينَ أَفْطَرْنَا) وَإِنْ لَمْ نَرَ الْهِلَالَ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكُنْ غَيْمٌ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَتِمُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ وَلَا يَرِدُ لُزُومُ الْإِفْطَارِ بِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا
(وَإِنْ رُئِيَ) الْهِلَالُ (بِمَحَلٍّ لَزِمَ حُكْمُهُ مَحَلًّا قَرِيبًا) مِنْهُ (وَهُوَ) يَحْصُلُ (بِاتِّحَادِ الْمَطْلَعِ) بِخِلَافِ الْبَعِيدِ مِنْهُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الْمَطْلَعِ، أَوْ بِالشَّكِّ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ قِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ، وَغُرُوبِهَا؛ وَلِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ: اعْتِبَارُ الْمَطَالِعِ يُحْوِجُ إلَى حِسَابِ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَأْبَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الَّتِي عَلَّقَ بِهَا الشَّارِعُ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ: وَتَعْبِيرِي بِمَحِلٍّ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ (فَلَوْ سَافَرَ إلَى) مَحَلٍّ (بَعِيدٍ مِنْ مَحَلِّ رُؤْيَتِهِ) مَنْ صَامَ بِهِ (وَافَقَ أَهْلَهُ فِي الصَّوْمِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنْ أَقْبَلَهُ أَيْ أَقْبَلَ شَهَادَتَهُ لِلْأَثَرِ فِيهِ ح ل وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْفِيِّ الَّذِي هُوَ يَثْبُتُ لَا بِالنَّفْيِ، أَوْ مُتَعَلِّقٍ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَقَدْ ثَبَتَ كَمَا يَدُلُّ إلَخْ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ نَرَ الْهِلَالَ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكُنْ غَيْمٌ) لِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ شَهِدَ أَوَّلًا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَمْ نَرَ الْهِلَالَ وَلَمْ يَكُنْ غَيْمٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ صَامَ بِخَبَرِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ بِحِسَابِهِ، أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ أَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِهَؤُلَاءِ إخْفَاءُ فِطْرِهِمْ وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ مَنْ أَظْهَرَهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَإِذَا ظَنَّ هَذَا وَاجِبَ الْإِخْفَاءِ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَتَرَدَّدَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ سُؤَالُ مَنْ ظُنَّ مِنْهُ الرُّؤْيَةُ، أَوْ عَلِمَ بِحِسَابِهِ فَرَاجِعْهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ ضِمْنًا) هَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ هِلَالَ شَوَّالٍ يَثْبُتُ بِعَدْلٍ اسْتِقْلَالًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَهُوَ فِطْرُ يَوْمِ الْعِيدِ لِوُجُوبِهِ وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ اشْتَمَلَ عَلَى عِبَادَةٍ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ بِالنَّظَرِ لِلْعِبَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ
. (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقُرْبُ. (قَوْلُهُ بِاتِّحَادِ الْمَطْلَعِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا فَأَكْثَرُ ح ل وَشَرْحُ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْبُعْدُ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الْمَطْلَعِ وَالْمُرَادُ بِاخْتِلَافِهِ أَنْ يَتَبَاعَدَ الْمَحَلَّانِ بِحَيْثُ لَوْ رُئِيَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يُرَ فِي الْآخَرِ غَالِبًا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ ز ي.
(قَوْلُهُ: لَا بِمَسَافَةِ. . .) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَاعْتِبَارُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَجِبَ الْفِطْرُ عَلَى مَنْ فِي الْبَلَدِ وَالصَّوْمُ عَلَى السَّاكِنِينَ ظَاهِرَهَا لِوُقُوعِهِمْ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذْ هِيَ بِالتَّحْدِيدِ لَا بِالتَّقْرِيبِ وَإِلَى أَنْ يَكُونَ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ وَمَنْ دَخَلَهَا لَزِمَهُ الْفِطْرُ ز ي وَهَذَا يَجْرِي أَيْضًا عَلَى قَوْلِ م ر فِي اخْتِلَافِ الْمَطْلَعِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا. (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ إذَا كَانَ لِقَوْمٍ فَجْرٌ وَلَا فَجْرَ لِآخَرِينَ فَيُلْحَقُ مَنْ لَا فَجْرَ لَهُمْ بِمَنْ لَهُمْ فَجْرٌ فِي دُخُولِ وَقْتِ الْفَجْرِ بِأَنْ يُقَدَّرَ بِفَجْرِ مَنْ لَهُمْ فَجْرٌ إذَا اتَّحَدَ الْمَطْلَعُ، وَقَوْلُهُ: وَالشَّمْسُ أَيْ إذَا كَانَ لِقَوْمٍ نَهَارٌ وَآخَرُونَ لَا نَهَارَ لَهُمْ فَيُلْحَقُ مَنْ لَا نَهَارَ لَهُمْ بِمَنْ لَهُمْ نَهَارٌ فِي تَقْدِيرِ زَمَنِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَجْلِ دُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ: وَغُرُوبِهَا أَيْ إذَا كَانَ لِقَوْمٍ لَيْلٌ وَآخَرُونَ لَا لَيْلَ لَهُمْ فَيُلْحَقُ مَنْ لَا لَيْلَ لَهُمْ بِمَنْ لَهُمْ لَيْلٌ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ بِأَنْ يُحْكَمَ بِغُرُوبِهَا عِنْدَهُمْ وَالْعِبْرَةُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بِاتِّحَادِ الْمَطْلَعِ لَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَفِي نُسْخَةٍ وَغُرُوبِهِمَا وَالْمُرَادُ بِغُرُوبِ الْفَجْرِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ ذَهَابُ أَثَرِهِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ: وَالشَّمْسِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ قِيَاسًا إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ: يَحُوجُ إلَخْ) ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْأُصُولِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي التَّوَابِعِ وَالْأُمُورِ الْخَاصَّةِ سم، وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْأُصُولِ الْوُجُوبُ أَصَالَةً وَاسْتِقْلَالًا وَبِالتَّوَابِعِ الْوُجُوبُ تَبَعًا لِأَنَّهُ قَالَ لَزِمَ حُكْمُهُ مَحَلًّا قَرِيبًا فَالْوُجُوبُ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْمَحَلِّ تَابِعٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ) أَيْ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِمْ. (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ) أَيْ مِنْ الْإِشْكَالِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَافَرَ إلَى مَحَلٍّ بَعِيدٍ إلَخْ) لَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالصَّوْمِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِمَحَلٍّ وَسَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ فَوَجَدَهَا لَمْ تَغْرُبْ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ ز ي وَانْظُرْ هَذَا التَّفْرِيعَ عَلَى مَاذَا يُفَرَّعُ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَزِمَ حُكْمُهُ مَحَلًّا قَرِيبًا لِأَنَّ الْمُسَافَرَ إلَيْهِ بَعِيدٌ وَلَا يَظْهَرُ أَيْضًا تَفْرِيعُهُ عَلَى الْمَفْهُومِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مُسْتَأْنَفًا انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْآخَرِ وَهُوَ الْبَعِيدُ فَسَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ مَنْ صَامَ بِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مَحَلِّ رُؤْيَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِسَافِرِ اهـ.، وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَفْهُومِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ عَنْهُ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ حُكْمُ الْهِلَالِ فِي مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ وَمَحَلِّ عَدَمِ لُزُومِ حُكْمِهِ بِأَهْلِ الْبَعِيدِ مَا لَمْ يَكُونُوا قَدْ سَافَرُوا