للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِيَّةٌ لِكُلِّ يَوْمٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ) وَلَوْ نَذْرًا، أَوْ قَضَاءً أَوْ كَفَّارَةً، أَوْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا (تَبْيِيتُهَا) وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ لِخَبَرِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ بِقَرِينَةِ خَبَرِ عَائِشَةَ الْآتِي (وَتَعْيِينُهُ) أَيْ الْفَرْضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الصَّوْمِ الرَّاتِبِ كَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا (وَتَصِحُّ) النِّيَّةُ (وَإِنْ أَتَى بِمُنَافٍ) لِلصَّوْمِ كَأَنْ جَامَعَ أَوْ اسْتَقَاءَ (أَوْ نَامَ، أَوْ انْقَطَعَ نَحْوُ حَيْضٍ) كَنِفَاسٍ (بَعْدَهَا لَيْلًا وَتَمَّ فِيهِ) فِي صُورَةِ الِانْقِطَاعِ (أَكْثَرُهُ) أَيْ نَحْوُ الْحَيْضِ (أَوْ قَدْرُ الْعَادَةِ) فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا لِعَدَمِ مُنَافَاةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَهَا؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي صُورَةِ الِانْقِطَاعِ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهَا مَا ذُكِرَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ وَلَمْ تَبْنِ عَلَى أَصْلٍ وَتَعْبِيرِي بِمُنَافٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي

، (وَتَصِحُّ) النِّيَّةُ (لِنَفْلٍ قَبْلَ زَوَالٍ) فَقَدْ «دَخَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْإِبْدَالِ لَا مِنْ الزِّيَادَةِ فَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَتَعْبِيرِي بِأَرْكَانٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشُّرُوطِ ح ل. (قَوْلُهُ: نِيَّةٌ) أَيْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَوْ قَارَنَهَا الْفَجْرُ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ حَالَ النِّيَّةِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَهَا هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ، أَوْ لَا فَتَصِحُّ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِي نِيَّةِ الْيَوْمِ قَبْلَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حَيْثُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ التَّضْيِيقُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي الْحَالِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ كَانَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ لَا؟ ، أَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا، أَوْ لَا؟ فَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَيْلًا أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ م ر.

وَمِنْ النِّيَّةِ مَا لَوْ تَسَحَّرَ لِيَصُومَ، أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عَنْهُ نَهَارًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ، أَوْ الْجِمَاعِ خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إنْ خَطَرَ الصَّوْمُ بِبَالِهِ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ لِتَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهَا قَصْدَ الصَّوْمِ وَالْمُرَادُ أَنْ يُحْضِرَ ذَاتَ الصَّوْمِ فِي ذِهْنِهِ، ثُمَّ صِفَاتِهِ، ثُمَّ يَقْصِدُ الْإِتْيَانَ بِذَلِكَ وَصِفَاتُ الصَّوْمِ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَذَاتُهُ الْإِمْسَاكُ جَمِيعَ النَّهَارِ. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ يَوْمٍ) أَيْ عِنْدَنَا كَالْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ اكْتَفَى الْحَنَفِيَّةُ بِالنِّيَّةِ نَهَارًا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَرْكًا لَكِنَّهُ كَفٌّ قَصْدًا لِقَمْعِ الشَّهْوَةِ فَالْتَحَقَ بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِكُلِّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ بِمَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ وَهُوَ اللَّيْلُ كَالصَّلَاةِ يَتَخَلَّلُهَا السَّلَامُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ) لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا لَا تَكْفِي فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ بَلْ يُشْتَرَطُ إيقَاعُهَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْعِبَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهُ أَيْ الْفَرْضِ) كَرَمَضَانَ أَوْ نَذْرٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْيِينِ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ، أَوْ صَوْمُ كَفَّارَاتٍ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَنَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ حَيْثُ يَجْزِيه وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَضَاءَ أَيِّهِمَا وَلَا نَوْعَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَمْ يَدْرِ سَبَبَهُ حَيْثُ تَكْفِيه نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا بِالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ ح ل. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ فِي الصَّوْمِ الرَّاتِبِ) أَيْ الَّذِي لَهُ سَبَبٌ، أَوْ وَقْتٌ، فَذُو السَّبَبِ هُوَ صَوْمُ الِاسْتِسْقَاءِ إذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْإِمَامُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَرَدَ أَيْ هَذَا الِاشْتِرَاطُ كَمَا فَعَلَ م ر لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إشْكَالٌ حَتَّى يُجِيبَ عَنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ الْجَوَابُ عَنْ الْقِيَاسِ فِي قَوْلِهِ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: حَصَلَتْ أَيْضًا) أَيْ حَصَلَ صَوْمُهَا بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَى بِمُنَافٍ) هَذِهِ الْغَايَاتُ الثَّلَاثُ عَلَى الضَّعِيفِ لَكِنَّهُ فِي الثَّالِثِ فِي خُصُوصِ تَمَامِ قَدْرِ الْعَادَةِ لَا فِيهِ وَفِي تَمَامِ الْأَكْثَرِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ وَخَرَجَ بِالْمُنَافِي لِلصَّوْمِ الْمُنَافِي لِلنِّيَّةِ كَالرِّدَّةِ وَلَوْ نَهَارًا وَكَذَا الرَّفْضُ لَيْلًا لَا نَهَارًا وَلَا يَحْرُمُ الرَّفْضُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ قَلْبِهِ إلَى غَيْرِهِ قِ ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَامَ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَتَى بِمُنَافٍ وَصَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِضَرَرِهِ ع ش. (قَوْلُهُ، أَوْ انْقَطَعَ نَحْوُ حَيْضٍ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَنْوِيَ الصَّوْمَ حَالَةَ الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَمَّ فِيهِ أَكْثَرُهُ) أَيْ وَقَدْ عَلِمَتْ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ جَازِمَةً بِالنِّيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَلَبِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْنِ عَلَى أَصْلٍ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ، أَوْ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ

. (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ النِّيَّةُ لِنَفْلٍ إلَخْ) . مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ تَبْيِيتُهَا وَقَوْلُهُ: قَبْلَ زَوَالٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَنَ الزَّوَالَ كَبَعْدِهِ وَتَكْفِيه هَذِهِ النِّيَّةُ وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: لَنَا صَوْمٌ وَاجِبٌ لَا يَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ ح ل. (قَوْلُهُ: ذَاتَ يَوْمٍ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ سَاعَةَ ذَاتَ يَوْمٍ أَيْ مِنْ يَوْمٍ، وَالْمُرَادُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>