للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ لَا قَالَ فَإِنِّي إذًا أَصُومُ قَالَتْ وَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ أَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْت نَعَمْ قَالَ إذًا أُفْطِرَ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ: إسْنَادُهَا صَحِيحٌ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ) لِلصَّوْمِ كَأَكْلٍ وَجِمَاعٍ وَكُفْرٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ

(وَكَمَالُهَا) أَيْ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ (أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ إلَى هَذِهِ، وَذَلِكَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ أَضْدَادِهَا.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَفْظُ الْغَدِ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِنْ حَدِّ التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الَّتِي بَعْدَهَا «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ» ؟ فَطَابَقَ الْمُدَّعَى. (قَوْلَهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ) جَمَعَ ضَمِيرَهَا لِلتَّعْظِيمِ. (قَوْلُهُ قَالَ إذَنْ أُفْطِرَ) لَمْ يُؤَكِّدْ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِالْفِطْرِ فَاكْتَفَى بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ شَوْبَرِيٌّ وَأُفْطِرَ مَنْصُوبٌ بِإِذَنْ لِأَنَّهَا فِي صَدْرِ الْكَلَامِ بِخِلَافِ أَصُومُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّهُ بِالرَّفْعِ لِوُقُوعِ إذَنْ فِي حَشْوِ الْكَلَامِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَنَصَبُوا بِإِذَنْ الْمُسْتَقْبَلَا ... إنْ صُدِّرَتْ

إلَخْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أُفْطِرُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ) أَيْ أَكَّدْته عَلَى نَفْسِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْفَرْضَ الشَّرْعِيَّ شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ ع ش أَيْ قَدَّرْته أَيْ بِأَنْ نَوَيْته. (قَوْلُهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ) أَتَى بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ؟ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ النِّيَّةَ لِلنَّفْلِ تَصِحُّ قَبْلَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ الْغَدَاءَ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَهُ أَيْ فَهِيَ نَصٌّ فِي الْمُدَّعَى بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهَا أَعَمُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا قَالَ إنِّي إذَنْ أَصُومُ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلِمَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَالْمُدَّعَى أَنَّ النِّيَّةَ تَصِحُّ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَفَادَ بِالْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْغِذَاءُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَمْدُودًا مَا يُتَغَذَّى بِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مُطْلَقًا وَأَمَّا بِالْفَتْحِ وَإِهْمَالِ الدَّالِ فَطَعَامُ الْغَدْوَةِ كَذَا فِي شَرْحِ لُقَطَةِ الْعَجْلَانِ لِلْمُصَنِّفِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مَنَافٍ) فَلَوْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمًا تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ فَسَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَى جَوْفِهِ، ثُمَّ نَوَى صَوْمَ التَّطَوُّعِ صَحَّ اهـ شَرْحُ م ر فَأَفَادَ بِالْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: وَكَمَالُهَا أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ أَقَلَّهَا عُلِمَ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ عَنْ رَمَضَانَ وَلَا يَحْتَاجَ لِذِكْرِ الْغَدِ فِي الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ بِالنَّظَرِ لِلتَّبْيِيتِ وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ صَوْمِ الْغَدِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ رَمَضَانَ وَكَذَا الصَّوْمُ الْوَاجِبُ، أَوْ الْمَفْرُوضُ، أَوْ فَرْضُ الْوَقْتِ، أَوْ صَوْمُ الشَّهْرِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَخْطُرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتُ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ، ثُمَّ يَضُمَّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ فَلَوْ أَخْطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتِ مَعَ جَهْلِهِ بِمَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ فَتَأَمَّلْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَكَمَالُهَا إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَرَمَضَانُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ تَعْيِينٌ فَإِنْ قُلْت الْأَدَاءُ يُغْنِي عَنْ هَذِهِ السُّنَّةِ قُلْت لَا يُغْنِي؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْفِعْلِ وَإِضَافَةِ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّ الْعَلَمَ لَا يُضَافُ لِأَنَّهُ عَلَمُ جِنْسٍ عَلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ فِي كُلِّ عَامٍ فَأَشْبَهَ النَّكِرَةَ فِي إطْلَاقِهِ عَلَى مُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ فَإِضَافَةُ رَمَضَانِ إلَى هَذِهِ) فَنُونُهُ مَكْسُورَةٌ لِأَنَّهُ مَخْفُوضٌ وَذَلِكَ لِإِخْرَاجِ تَوَهُّمِ صَوْمِ رَمَضَانِ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ فِيهَا، أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ تَعَلُّقِ هَذِهِ بِنَوَيْتُ وَلَا مَعْنَى لَهُ ق ل وَمِثْلُهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ: لَا مَعْنَى لَهُ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ زَمَنُهَا يَسِيرٌ وَقَوْلُهُ: لِتَتَمَيَّزَ أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْغَدِ وَمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْغَدِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى مَتْنِهِ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ ذِكْرَ لَفْظِ الْغَدِ فِي كَمَالِ النِّيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ مَعَ أَنَّهُ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ذِكْرَهُ وَاجِبٌ ح ف. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْغَدَ وَقَعَ فِي تَصْوِيرِ التَّعْيِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بَلْ سَرَى لَهُمْ مِنْ تَصْوِيرِ التَّبْيِيتِ فَإِنْ قُلْت التَّبْيِيتُ وَاجِبٌ وَذِكْرَ الْغَدِ فِي تَصْوِيرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَاجِبٌ قُلْت يَلْزَمُ مِنْ التَّبْيِيتِ أَنَّ الصَّوْمَ وَاقِعٌ فِي الْغَدِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهُ فِي النِّيَّةِ فَهُوَ لَازِمٌ مَعْنًى لَا ذِكْرًا؛ لِأَنَّ إحْدَى صُورَتَيْ التَّبْيِيتِ خَالِيَةٌ عَنْ لَفْظِ الْغَدِ. (قَوْلُهُ: فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ) أَيْ تَصْوِيرِهِ أَيْ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ تَصْوِيرُ التَّعْيِينِ بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت صَوْمَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّ صُورَةَ التَّعْيِينِ بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت الصَّوْمَ عَنْ رَمَضَانَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ تَكْفِي وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ أَيْ لَفْظُ الْغَدِ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ؛ لِأَنَّ التَّبْيِيتَ مُصَوَّرٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَقُولَ لَيْلًا نَوَيْت صَوْمَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ لَيْلًا نَوَيْت الصَّوْمَ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي التَّعْيِينِ فَلَمَّا نَظَرُوا لِلصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ التَّبْيِيتِ اُشْتُهِرَ إلَخْ أَفَادَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِخُصُوصِهِ بَلْ يَكْفِي دُخُولُهُ فِي صَوْمِ الشَّهْرِ الْمَنْوِيِّ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ كَمَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>