للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ يُقَالُ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَدِيهِ وَدْيًا.

، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: ٩٢] وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ الْآتِي (دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ) مَعْصُومٍ (مِائَةُ بَعِيرٍ) نَعَمْ إنْ قَتَلَهُ رَقِيقٌ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ، وَالدِّيَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (مُثَلَّثَةٌ فِي عَمْدٍ وَشِبْهِهِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ أَيْ حَامِلًا (بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ) عَدْلَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ فِي الْعَمْدِ وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد فِي شِبْهِهِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَوْجَبَ الْعَمْدُ قَوَدًا فَعَفَا عَلَى الدِّيَةِ أَمْ لَمْ يُوجِبْهُ كَقَتْلِ الْوَلَدِ وَلَدَهُ (وَمُخَمَّسَةً فِي خَطَإٍ مِنْ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَبَنَاتِ لَبُونٍ وَبَنِي لَبُونٍ وَحِقَاقٍ وَجَذَعَاتٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهَا فِي دِيَةِ الْمُسْلِمِ عِشْرُونَ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ (إلَّا) إنْ وَقَعَ الْخَطَأُ (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ، وَالْمَقْتُولُ فِيهِ أَمْ أَحَدُهُمَا (أَوْ) فِي (أَشْهُرٍ حُرُمٍ) ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ (أَوْ مُحَرَّمِ رَحِمٍ) بِالْإِضَافَةِ كَأُمٍّ وَأُخْتٍ (فَمُثَلَّثَةٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَدْ جَعَلَ مَعْرِفَتَهُ مُتَوَقِّفَةً عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَأْخُوذِ حَيْثُ جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ. وَيُجَابُ بِأَنَّ تَوَقُّفَ الدِّيَةِ عَلَى الْوَدْيِ مِنْ جِهَةِ الْأَخْذِ وَوَقْفِ الْوَدْيِ عَلَى الدِّيَةِ مِنْ جِهَةِ التَّصَوُّرِ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الدِّيَةَ اسْمٌ لِلْمَالِ الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ، وَالْوَدْيُ اسْمٌ لِدَفْعِ الدِّيَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ الْآتِي) أَيْ: إجْمَالًا فِي قَوْلِهِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ مَعْصُومٍ) أَيْ: غَيْرِ جَنِينٍ ح ل وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهَا فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا وَإِنْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهِمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِثْلَهُمَا كَمَا فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ لِمِثْلِهِ وَمِثْلُهُمَا قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَالصَّائِلُ فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا بِرْمَاوِيٌّ وَق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ م ر لَكِنْ قَيَّدَ الرَّشِيدِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مِثْلَهُمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ قَتَلَهُ رَقِيقٌ) أَيْ لِغَيْرِ الْقَتِيلِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ ز ي فَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا لَزِمَهُ لِجِهَةِ الْحُرِّيَّةِ الْقَدْرُ الَّذِي يُنَاسِبُهَا مِنْ نِصْفٍ، أَوْ ثُلُثٍ مَثَلًا وَلِجِهَةٍ الرِّقِّ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ بَاقِي الدِّيَةِ، وَالْحِصَّةُ مِنْ الْقِيمَةِ س ل وز ي.

(قَوْلُهُ: خَلِفَةً) فِي الْمِصْبَاحِ الْخَلِفَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ يُقَالُ خَلِفَتْ خَلَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا حَمَلَتْ فَهِيَ خَلِفَةٌ مِثْلُ تَعِبَةٍ وَرُبَّمَا جُمِعَتْ عَلَى لَفْظِهَا فَقِيلَ خَلَفَاتٌ وَتُحْذَفُ الْهَاءُ أَيْضًا يُقَالُ خَلِفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ خَلِفٌ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ كَكَلِمٍ وَكَلِمَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ. إلَخْ) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تُجْزِي إلَّا إنْ بَلَغَتْ خَمْسَ سِنِينَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ) لَفْظُهُ «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا رَجَعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً» . اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَحِقَاقٍ) أَيْ إنَاثٍ شَوْبَرِيٌّ وَفِي نُسْخَةٍ حِقَّاتُ بِالتَّاءِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَمْ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَمْ بَعْضُهُ أَمْ كَانَا مَعًا فِي الْحِلِّ وَمَرَّ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إلْحَاقِ ذَلِكَ بِجَزَاءِ الصَّيْدِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَشْهُرَ حُرُمٍ) ، أَوْ رَمَى فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَأَصَابَ فِي غَيْرِهَا أَوْ عَكْسُهُ وَإِنْ مَاتَ خَارِجَهَا وَفِي كَلَامِ حَجّ اعْتِبَارُ الْجُرْحِ فِيهَا وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ خَارِجَهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ ح ل (قَوْلُهُ: ذِي الْقَعْدَةِ) يَجُوزُ فِي الْقَافِ الْفَتْحُ، وَالْكَسْرُ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَذِي الْحِجَّةِ يَجُوزُ فِي الْحَاءِ الْوَجْهَانِ، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ. اهـ. شَيْخُنَا وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

وَفَتْحُ قَافِ قَعْدَةٍ قَدْ صَحَّحُوا ... وَكَسْرُ حَاءِ حِجَّةٍ قَدْ رَجَّحُوا

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَذُو الْقَعْدَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ اسْمُ شَهْرٍ، وَالْجَمْعُ ذَوَاتُ الْقَعْدَةِ وَذَوَاتُ الْقَعَدَاتِ، وَالتَّثْنِيَةُ ذَوَاتَا الْقَعْدَةِ وَذَوَاتَا الْقَعْدَتَيْنِ فَثَنَوْا الِاسْمَيْنِ وَجَمَعُوهُمَا، وَهُوَ عَزِيزٌ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَتَوَالَى عَلَى كَلِمَةٍ عَلَامَتَا تَثْنِيَةٍ. اهـ. أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ عَزِيزٌ سُمِّيَا بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْأَوَّلِ وَلِوُقُوعِ الْحَجِّ فِي الثَّانِي، وَالْمُحَرَّمُ لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ انْتَهَى ز ي وَإِنَّمَا خَصَّ بِالْمُحَرَّمِ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي جَمِيعِهَا لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا، وَالتَّحْرِيمُ فِيهِ أَغْلَظُ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَخْبَارُ تَظَافَرَتْ بَعْدَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَهُوَ الصَّوَابُ فَتَكُونُ مِنْ سَنَتَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ بَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ فَتَكُونُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مَرْتَبَةً فَيَبْدَأُ مِنْ الْقَعْدَةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمِنْ الْمُحَرَّمِ عَلَى الثَّانِي كَمَا فِي س ل وَاخْتَصَّ الْمُحَرَّمَ بِالتَّعْرِيفِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا الَّذِي يَكُونُ أَوَّلَ الْعَامِ دَائِمًا قِيلَ، وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِ أَوَّلَ الْعَامِّ أَنْ يَحْصُلَ الِابْتِدَاءُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ، وَالْخَتْمُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ وَتُتَوَسَّطُ السَّنَةُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ، وَهُوَ رَجَبٌ وَإِنَّمَا تَوَالَى شَهْرَانِ فِي الْآخَرِ لِإِرَادَةِ تَفْضِيلِ الْخِتَامِ، وَالْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ، أَوْ مُحَرَّمٍ رَحِمٍ) أَيْ مَحْرَمِيَّتُهَا نَاشِئَةٌ عَنْ الرَّحِمِيَّةِ أَيْ الْقَرَابَةِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ ح ل وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ «أَنَا الرَّحْمَنُ وَهَذِهِ الرَّحِمُ شَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْته» . اهـ. سم (قَوْلُهُ كَأُمٍّ وَأُخْتٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>