للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا وَلَا يُلْحَقُ بِهَا حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَلَا الْإِحْرَامُ وَلَا رَمَضَانُ وَلَا أَثَرَ لِمُحَرَّمِ رَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَلَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَوَلَدِ عَمٍّ، وَالْأَوَّلُ بِقِسْمَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا كَبِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُمُّ زَوْجَةٍ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْأَصْلِ أَوْ مُحَرَّمًا ذَا رَحِمٍ

(وَدِيَةُ عَمْدٍ عَلَى جَانٍ مُعَجَّلَةً) كَسَائِرِ أَبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ (وَ) دِيَةُ (غَيْرِهِ) مِنْ شِبْهِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ وَإِنْ تَثَلَّثَتْ (عَلَى عَاقِلَةٍ) لَجَانٍ (مُؤَجَّلَةً) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ فَثُبُوتُ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ أَوْلَى الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ أَخْذَ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ وَخَصَّ تَحَمُّلَهُمْ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ لَا سِيَّمَا فِي مُتَعَاطِي الْأَسْلِحَةِ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ

(وَلَا يُقْبَلُ) فِي إبِلِ الدِّيَةِ (مَعِيبٌ) بِمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ إبِلُ الْجَانِي مَعِيبَةً (إلَّا بِرِضًا) بِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ حَقَّهُ السَّالِمَ مِنْ الْعَيْبِ فِي الذِّمَّةِ (وَمَنْ لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ مِنْ جَانٍ أَوْ عَاقِلَةٍ (فَمِنْ إبِلِهِ) تُؤْخَذُ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ أُخِذَتْ مِنْ (غَالِبِ) إبِلِ (مَحَلِّهِ) مِنْ بَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّهِ إبِلٌ أُخِذَتْ مِنْ غَالِبِ إبِلِ (أَقْرَبِ مَحَلٍّ) إلَى مَحَلِّ الدَّافِعِ فَيَلْزَمُهُ نَقْلُهَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ أَوْ قِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَيَانِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلْيَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ أَيْ، وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِجَهَالَةِ صِفَتِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ صِفَتَهَا لَوْ عُلِمَتْ صَحَّ الصُّلْحُ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيَصِحُّ الْعُدُولُ حِينَئِذٍ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ عِنْدَ عَدَمِ إبِلِهِ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ، وَالْمُهَذَّبِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَنَقْلُهَا أَصْلُهَا عَنْ التَّهْذِيبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَأَبٍ وَأَخٍ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي دِيَةِ الْكَامِلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْمَرْأَةِ فَسَيَأْتِي رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ) اُسْتُشْكِلَ التَّغْلِيظُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الْقِتَالِ فِيهَا مَنْسُوخٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَثَرَ ذَلِكَ مُرَاعًى وَإِنْ نُسِخَ كَمَا فِي دَيْنِ الْيَهُودِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا رَمَضَانُ) وَإِنْ كَانَ سَيِّدَ الشُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ، وَالْأَوَّلُ) أَيْ: مَحْرَمُ الرَّضَاعِ، وَالْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَارِدٌ. إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ فِيهِمَا لَيْسَتْ مِنْ الرَّحِمِ م ر

(قَوْلُهُ فَحُذِفَتْ) بِالْمُعْجَمَتَيْنِ، وَقِيلَ بِإِهْمَالِ الْأُولَى ح ل.

(قَوْلُهُ: فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: بَيَّنَ أَنَّ دِيَةَ. إلَخْ وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ بِمَعْنَى حَكَمَ وَتُقَدَّرُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ أَنَّ ع ش.

(قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَضَى الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي (قَوْلُهُ وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَذْفَ بِالْمُعْجَمَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ: فِي وُجُوبِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

(قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ) أَيْ: بِقَتْلٍ هُوَ. إلَخْ

(قَوْلُهُ بِمَا يُثْبِتُ الرَّدَّ فِي الْبَيْعِ) ، وَهُوَ مَا يَنْقُصُ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ نَقْصًا فَاحِشًا وَإِنَّمَا أُلْحِقَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ مَثَلًا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ الْأَهْلِ لِلتَّبَرُّعِ. اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا الظَّرْفُ خَبَرٌ إنْ قُرِئَ السَّالِمُ بِالنَّصْبِ وَحَالٌ إنْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ ع ش وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا، وَالزَّكَاةِ فِي أَخْذِ الْمَرِيضِ مِنْ الْمِرَاضِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) أَيْ الْكَامِلَةُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِهَا يَخْرُجُ مَنْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ أَوْ الْحُكُومَةُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ النَّقْدِ، وَالْإِبِلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَاقِلَةٍ) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَحَالُّ الْعَاقِلَةِ أَخَذَ وَاجِبَ كُلٍّ مِنْ غَالِبِ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَشْقِيصٌ لِأَنَّهَا هَكَذَا وَجَبَتْ شَرْحُ م ر وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا حَيْثُ قَالَ وَعَلَى غَنِيٍّ نِصْفُ دِينَارٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ الْمِقْدَارُ الْوَاجِبُ مِنْ قِيمَةِ الْإِبِلِ لَا الذَّهَبِ عَيْنًا كَمَا أَوْضَحَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَمِنْ إبِلِهِ) أَيْ: غَالِبِهَا تُؤْخَذُ إنْ تَنَوَّعَتْ وَإِلَّا تَخَيَّرَ ح ل (قَوْلُهُ: أَقْرَبِ مَحَلٍّ) أَيْ: دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ح ل (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ نَقْلُهَا) مَا لَمْ تَبْلُغْ مُؤْنَةُ نَقْلِهَا مَعَ قِيمَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِبَلَدِ الْعَدَمِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ حِينَئِذٍ نَقْلُهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الضَّبْطِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ س ل (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ) أَيْ: بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ عَلَى الدَّافِعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي الْبَيَانِ. إلَخْ) أُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ وَبَيْنَ التَّرَاضِي بِالْقِيمَةِ بَدَلَهَا بِأَنَّ الصُّلْحَ عَقْدُ اعْتِيَاضٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالتَّرَاضِي بِقِيمَةِ الْإِبِلِ تَنْزِيلٌ لَهَا مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومَةِ الَّتِي يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهَا بَدَلَهَا بِدُونِ تَعَاقُدٍ س ل.

(قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ) أَيْ: جَوَازَ الْعُدُولِ بِالتَّرَاضِي أَيْ لَمْ يَبْنُوهُ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِجَهَالَةِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ عُلِمَتْ) أَيْ بِأَنْ تَعَيَّنَتْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ تَعْيِينَهَا لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقِيمَةَ مَأْخُوذَةٌ عَنْ أَعْيَانِهَا وَإِنْ عُلِمَتْ صِفَاتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْيِينِ لِيَكُونَ أَخْذُ الْقِيمَةِ عِوَضًا عَنْهَا وَإِنَّمَا الْقِيمَةُ مَأْخُوذَةٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>