التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا وَظَاهِرُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ إبِلَهُ لَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً أُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ نَوْعُ إبِلِهِ سَلِيمًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَمَا عُدِمَ) مِنْهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ عُدِمَتْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بَعُدَتْ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ، وَالْمَشَقَّةُ (فَقِيمَتُهُ) وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ تَلْزَمُ (مِنْ غَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ الْعَدَمِ) وَقَوْلِي غَالِبٌ مِنْ زِيَادَتِي
(وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ) مَعْصُومٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (ثُلُثُ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) نَفْسًا وَغَيْرَهَا وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ وَإِلَّا فَدِيَتُهُ كَدِيَةِ مَجُوسِيٍّ (وَ) دِيَةُ (مَجُوسِيٍّ وَنَحْوُ وَثَنِيٍّ) كَعَابِدِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَزِنْدِيقٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَهُ عِصْمَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (ثُلُثُ خُمُسِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَيْ دِيَتِهِ كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهَذِهِ أَخَسُّ الدِّيَاتِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) دِيَةُ (أُنْثَى وَخُنْثَى) حُرَّيْنِ (نِصْفُ) دِيَةِ (حُرٍّ) نَفْسًا وَدُونَهَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَأَلْحَقَ بِنَفْسِهَا مَا دُونَهَا وَبِهَا الْخُنْثَى لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا
(وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إسْلَامٌ) أَيْ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُتِلَ (إنْ تَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ) مِنْ دِينِ (فَدِيَةُ) أَهْلِ (دِينِهِ) دِيَتُهُ فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَجِبُ أَخَسُّ الدِّيَاتِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِمَا بُدِّلَ مِنْ دِينٍ أَوْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِشَيْءٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَجْهُولُ الصِّفَاتِ. اهـ. إسْعَادٌ ز ي وَعِبَارَةُ ح ل لَوْ عُلِمَتْ أَيْ: بِقَدْرِهَا وَسِنِّهَا وَصِفَتِهَا لَا بِتَعْيِينِهَا لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا عَيْنٌ، وَالْمُرَادُ بِتَعْيِينِهَا الَّذِي عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَصْفُهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ اهـ وَكَتَبَ م ر بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمُرَادُ بِعِلْمِهَا مَا إذَا ضُبِطَتْ بِصِفَاتِ السَّلَمِ الَّتِي يَجُوزُ مَعَهَا بَيْعُ الْمَوْصُوفِ وَمَحَلُّ مَنْعِ الصُّلْحِ عَلَيْهَا مَا إذَا عَلِمَا سِنَّهَا وَعَدَدَهَا وَجَهِلَا وَصْفَهَا اهـ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عِلْمَهَا بِعِلْمِ صِفَاتِ مَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَهُوَ إبِلُهُ، أَوْ غَالِبُ إبِلِ مَحَلِّهِ، أَوْ غَالِبُ إبِلِ أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ فَإِذَا عَلِمَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِصِفَاتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَذَكَرَاهَا فِي الْعَقْدِ صَحَّ الصُّلْحُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ س ل عَنْ م ر.
(قَوْلُهُ: التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ إبِلِهِ وَإِبِلِ غَالِبِ مَحَلِّهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَوْعُ إبِلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ نَوْعُ إبِلِهِ سَلِيمًا) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إبِلِ مَحَلِّهِ بَلْ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ مِنْ خَارِجٍ عَنْ مَحَلِّهِ هَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ الَّذِي يَجِبُ. إلَخْ) ، وَهُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَحَلِّ الدَّافِعِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَتْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مِثَالَانِ لِلْعَدَمِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعُدَتْ إلَخْ) ضَبَطَ الْإِمَامُ عِظَمَ الْمُؤْنَةِ بِأَنْ يَزِيدَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مُؤْنَةِ إحْضَارِهَا وَمَا يَدْفَعُهُ فِي ثَمَنِهَا فِي مَحَلِّ الْإِحْضَارِ عَلَى قِيمَتِهَا بِمَحَلِّ الْفَقْدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ الْعَدَمِ) فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ تَخَيَّرَ الْجَانِي ز ي قَالَ سم يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِمَحَلِّ الْعَدَمِ بَلَدُ الْجَانِي إنْ وُجِدَ فِيهَا إبِلٌ قَبْلَ ذَلِكَ لَكِنَّهَا عَدِمَتْ وَأَقْرَبُ بَلَدٍ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ فِيهَا إبِلٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَوُجِدَ بِالْأَقْرَبِ وَلَكِنَّهُ عَدِمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ شَيْءٌ لَا بِبَلَدِهِ وَلَا بِالْأَقْرَبِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ بَلَدِهِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنَّمَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْوُجُودِ فِيهِ لَكِنَّ أَيَّ إبِلٍ تُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ بِقِيمَةِ مَحَلِّ الْعَدَمِ إذَا لَمْ يَكُنْ وُجِدَ بِهِ إبِلٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَنْوَاعَ الْإِبِلِ لَا تَنْضَبِطُ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ النَّوْعِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ مَعَ النَّاسِ وِفَاقًا لمر اهـ.
(قَوْلُهُ: وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ. إلَخْ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجِبُ فِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَقَالَ مَالِكٌ نِصْفُهَا وَقَالَ أَحْمَدُ إنْ قُتِلَ عَمْدًا فَدِيَةُ مُسْلِمٍ، أَوْ خَطَأً فَنِصْفُهَا س ل (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفِي الْقَتْلِ عِصْمَةٌ (قَوْلُهُ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَشَرْطُهُ فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثِهِ تَنْسَخُهُ وَفِي غَيْرِهَا أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يَضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم.
(قَوْلُهُ: وَثَنِيٍّ) أَيْ عَابِدِ الْوَثَنِ وَهُوَ الصَّنَمُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقِيلَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَطْ شَرْحُ حَجّ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهُ عِصْمَةٌ) عِبَارَةُ م ر مِمَّنْ لَهُ أَمَانٌ مِنَّا لِنَحْوِ دُخُولِهِ رَسُولًا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ. إلَخْ) أَيْ: وَلِأَنَّ لِلذِّمِّيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجُوسِيِّ خَمْسَ فَضَائِلَ كِتَابٌ وَدَيْنٌ كَانَ حَقًّا وَحِلُّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَتَقْرِيرُهُ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ إلَّا آخِرُهَا فَكَانَ فِيهِ خُمُسُ دِيَتِهِ. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ وَبِهَا الْخُنْثَى) لَمْ يَقُلْ وَبِهَا الْخُنْثَى فِيهِمَا أَيْ: النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى قَدْ يُخَالِفُ فِيمَا دُونَهَا كَالْحَلَمَةِ مِنْهَا فِيهَا الدِّيَةُ وَمِنْهُ فِيهَا الْحُكُومَةُ فَلِلَّهِ دَرُّهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِالْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى، أَوْ عِيسَى وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِمَا بُدِّلَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَجُوسِيًّا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَجُوسَ لَهُمْ كِتَابٌ تَمَسَّكُوا بِهِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ بِزَعْمِهِمْ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِمْ فَلَمَّا قَتَلُوهُ رُفِعَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَهُمْ كِتَابٌ فِي زَعْمِهِمْ تَمَسَّكُوا بِهِ (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ) أَيْ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمَانٌ مِنَّا لَهُ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ جَهِلَ. إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلِمَ عِصْمَتِهِ وَجَهِلَ دِينِهِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ تَأَمَّلْ سم وَعِبَارَةُ ز ي بِأَنْ عَلِمَا تَمَسُّكَهُ بِدِينِ الْحَقِّ وَلَمْ نَعْلَمْ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ: دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ) أَيْ: كِتَابِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمُطْلَقِ كِتَابٍ الشَّامِلُ لِمِثْلِ صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورِ دَاوُد