للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوَدِ النَّفْسِ أَنَّهَا بَدَلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (فَلَوْ عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ مَحْجُورَ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ (عَنْهُ مَجَّانًا أَوْ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدِّيَةِ (فَلَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ، وَالْعَفْوَ وَإِسْقَاطَ ثَابِتٍ لَا إثْبَاتَ مَعْدُومٍ (أَوْ) عَفَا (عَنْ الدِّيَةِ لَغَا) لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَمَّا لَيْسَ مُسْتَحَقًّا فَهُوَ فِيهَا لَغْوٌ كَالْمَعْدُومِ (فَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (عَقِبَ عَفْوِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَفَا عَلَيْهَا بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهَا وَجَبَتْ) فَاخْتِيَارُهَا فِي الْأُولَى وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي كَالْعَفْوِ عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَ الْعَفْوُ عَنْهَا لَغْوًا فِي الثَّانِيَةِ صَحَّ الْعَفْوُ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ جَانٍ) بِشَيْءٍ مِنْ اخْتِيَارِ الدِّيَةِ أَوْ الْعَفْوِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَجِبُ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ (وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقَوَدِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ الدِّيَةِ (أَوْ) عَلَى (أَكْثَرَ مِنْهَا ثَبَتَ) الْمَعْفُوُّ عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْقَوَدُ (إنْ قَبِلَ جَانٍ) ذَلِكَ (وَإِلَّا فَلَا) يَثْبُتُ (وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ) لِأَنَّ ذَلِكَ اعْتِيَاضٌ فَتَوَقَّفَ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِيَةِ

(وَلَوْ قَطَعَ أَوْ قَتَلَ) شَخْصٌ آخَرُ (مَالِكَ أَمْرِهِ) وَلَوْ سَكْرَانًا أَوْ سَفِيهًا (بِإِذْنِهِ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِلْإِذْنِ فِيهِ وَخَرَجَ بِمَالِكِ أَمْرِهِ الْعَبْدُ، وَالصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ فَتَعْبِيرِي بِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّشِيدِ (وَلَوْ قُطِعَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ عُضْوُهُ وَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ (فَعَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ) بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ كَإِسْقَاطٍ (صَحَّ) الْعَفْوُ عَنْ قَوَدِ الْعُضْوِ، وَالسِّرَايَةِ وَعَنْ أَرْشِ الْعُضْوِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ وَإِلَّا سَقَطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ (لَا) عَنْ (أَرْشِ السِّرَايَةِ) إلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ آخَرَ بِأَنْ تَآكَلَ بِالْقَطْعِ فَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ (وَإِنْ قَالَ) مَعَ عَفْوِهِ عَنْ ذَلِكَ: وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَقْتَضِي أَنَّهُ لَفْظِيٌّ وَعِبَارَتُهُ وَمَا ذَكَرْته تَبَعًا لِلْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ قَتَلَتْ رَجُلًا لَزِمَهَا دِيَةُ رَجُلٍ وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ لَزِمَهَا دِيَةُ امْرَأَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْبَدَلِ بَدَلٌ. اهـ. وَصَرَّحَ م ر فِي شَرْحِهِ أَيْضًا بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فَلَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ قَالَ ح ل وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ الْقَوَدِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَحْجُورَ فَلَسٍ، أَوْ سَفَهٍ) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ عَفْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمُطْلَقَ، أَوْ مَجَّانًا يُوجِبُ الدِّيَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ أَوْضَحَ الشَّارِحُ الرَّدَّ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ. إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ) ، وَلَوْ بِفَلَسٍ م ر، وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَجَّانًا ح ل (قَوْلُهُ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ لَزِمَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ لِتَكْلِيفِهِ حِينَئِذٍ الِاكْتِسَابَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ عَفْوُهُ مَجَّانًا إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ لِتَفْوِيتِهِ مَا لَيْسَ حَاصِلًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ. إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ) وَهُوَ الْقَوَدُ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ، وَهُوَ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: عَقِبَ عَفْوِهِ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ، وَالْعِيِّ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَنْ لَا يَأْتِيَ بِكَلِمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِلَّا كَانَ مُتَرَاخِيًا ح ل أَيْ: فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَغْوٌ حِينَئِذٍ لِصِحَّةِ الْعَفْوِ الْمُطْلَقِ وَتَرَاخِي الِاخْتِيَارِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ عَفْوًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إنْ قَبِلَ جَانٍ) أَيْ لَفْظًا لِأَنَّهُ صُلْحٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ صِيغَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: مَالِكُ أَمْرِهِ) بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَهَدْرٌ) مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى اسْتِهْزَائِهِ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْ لَا قَوَدَ فِيهِ) وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْقَتْلِ ح ل أَيْ: وَالتَّعْزِيرُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ الْعَبْدُ) ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ وَإِنْ أَسْقَطَ الْقَوَدَ لَا يُسْقِطُ الْقِيمَةَ إذَا قَتَلَ عَبْدًا ح ل وَم ر (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ) وَإِذْنُهُمَا لَا يُسْقِطُ شَيْئًا شَوْبَرِيٌّ وم ر.

(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّشِيدِ) وَذَلِكَ لِشُمُولِهِ السَّفِيهَ ع ش (قَوْلُهُ: فَعَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مَالِ ثُمَّ يَعْفُوَ عَنْ الْمَالِ هَكَذَا أَفْهَمَ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ. اهـ. ز ي، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْ الْأَرْشِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ كَإِسْقَاطٍ) ، وَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ: بَعْدَ قَوْلِهِ عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الْأَرْشِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِهِ أَوْ أَبْرَأْته مِنْهُ أَوْ أَسْقَطْته عَنْهُ ح ل. وَحَاصِلُ هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ قَوَدُ الْعُضْوِ وَأَرْشُهُ وَقَوَدُ السِّرَايَةِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ يَصِحُّ فِيهَا الْعَفْوُ مُطْلَقًا الْأَوَّلَانِ مُبَاشَرَةٌ، وَالثَّالِثُ تَبَعًا وَأَمَّا الرَّابِعُ، وَهُوَ أَرْشُ السِّرَايَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْهُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ سَقَطَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَنْ قَوَدِ الْعُضْوِ، وَالسِّرَايَةِ) أَيْ لِلسِّرَايَةِ لِلنَّفْسِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسِّرَايَةِ مَا يَشْمَلُ السِّرَايَةَ إلَى عُضْوٍ آخَرَ كَمَا قَالَهُ ح ل؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ إلَى عُضْوٍ آخَرَ لَا قَوَدَ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكَلَ غَيْرُهَا فَلَا قَوَدَ فِي الْمُتَآكِلِ وَكَأَنَّ الْحَلَبِيَّ اعْتَمَدَ فِيمَا قَالَهُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لَا عَنْ أَرْشِ السِّرَايَةِ إلَى نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ آخَرَ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْأَرْشِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْقَوَدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَقَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ قَوَدِ الْعُضْوِ وَالسِّرَايَةِ. إلَخْ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِغَيْرِ. إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>