مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَاسْمِ نَبِيٍّ تَعْظِيمًا لَهُ وَحَمْلُهُ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يَحْمِلُ ذِكْرَ اللَّهِ.
(وَ) أَنْ (يَعْتَمِدَ) فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَوْ قَائِمًا (يَسَارَهُ) نَاصِبًا يُمْنَاهُ بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَبَعْضُهُمْ أَخَذَ بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ وَيَعْتَمِدُهُمَا قَائِمًا وَمَا قُلْنَاهُ أَوْجَهُ.
(وَ) أَنْ (لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا) فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ (بِسَاتِرٍ) أَيْ: مَعَ مُرْتَفَعِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مِنْ قُرْآنٍ) سَوَاءٌ كَانَ مَكْتُوبًا بِالْخَطِّ الْعَرَبِيِّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْهِنْدِيِّ، لِأَنَّ ذَوَاتِ الْحُرُوفِ لَيْسَتْ قُرْآنًا وَإِنَّمَا هِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ عَرَّفُوا الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ لِلْإِعْجَازِ إلَخْ وَالْحُرُوفُ نُقُوشٌ وُضِعَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْهَا إلَى الْأَلْفَاظِ وَمِنْ الْأَلْفَاظِ إلَى الْمَعَانِي ع ش (قَوْلُهُ: كَاسْمِ نَبِيٍّ) أَيْ، أَوْ مَلَكٍ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ وَأَنَّهُ أَيْ وَظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصِّهِمْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ حَيْثُ عَبَّرَ بِجَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِمْ عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ صُلَحَاؤُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ أُولَئِكَ مَعْصُومُونَ، وَقَدْ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ سم ع ش وَقَالَ ح ل وَالْبِرْمَاوِيُّ يَلْحَقُ بِهِمْ عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ) أَيْ مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ (قَوْلُهُ: لَا حَرَامٌ) صَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ وَإِلَّا فَعَدَمُ الْحُرْمَةِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ سُنَّ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ خُصُوصُ الْكَرَاهَةِ لِاحْتِمَالِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى عِ ش بَلْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ فَلِذَا نَصَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَوْلَى) لِشُمُولِهِ لِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ كَالنَّبِيِّ وَإِسْنَادِ الْحَمْلِ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَجَوُّزٍ ح ل أَيْ دَالِّ ذِكْرِ اللَّهِ وَالدَّالُّ هُوَ النُّقُوشُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَائِمًا) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا كَانَ قَائِمًا أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى رِجْلَيْهِ مَعًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ أَصَابِعَهَا) أَيْ بِالْيُمْنَى وَقَوْلُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِمَادِ الْيَسَارِ مَعَ نَصْبِ الْيُمْنَى فَالْعِلَّةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَقِيلَ إنَّ قَوْلَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ نَاصِبًا يُمْنَاهُ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَعْتَمِدُ يَسَارَهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ أَخَذَ إلَخْ) مُرَادُهُ الْمَحَلِّيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ الْبَعْضُ قَيْدٌ بِالْبَوْلِ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمَا فَيَعْتَمِدُهُمَا اهـ وَأَمَّا حُكْمُ الْغَائِطِ فَإِنْ خَافَ مِنْهُ التَّنْجِيسَ اعْتَمَدَهُمَا مَعًا وَإِلَّا اعْتَمَدَ الْيَسَارَ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر وَبِقَوْلِهِ وَأَمَّا الْغَائِطُ إلَخْ يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ ز ي، لَكِنْ حَيْثُ كَانَ كَلَامُهُ خَاصًّا بِالْبَوْلِ لَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَمْعُ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ) أَيْ عَيْنَهَا م ر وَقِيلَ جِهَتَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِدْبَارِهَا كَشْفُ دُبُرِهِ إلَى جِهَتِهَا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ؛ بِأَنْ يَجْعَلَ ظَهْرَهُ إلَيْهَا كَاشِفًا لِدُبُرِهِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَاسْتَتَرَ مِنْ جِهَتِهَا لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ أَيْضًا عَنْ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِجِهَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْفَرَجُ مَكْشُوفًا إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ حَالَ الْخُرُوجِ لِأَنَّ كَشْفَ الْفَرْجِ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ لَيْسَ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا مِنْ اسْتِدْبَارِهَا خِلَافًا لِمَا يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مَعْنَى اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ قَضَى الْحَاجَتَيْنِ مَعًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الِاسْتِتَارِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إنْ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ اسْتَدْبَرَهَا فَتَفَطَّنَ لِذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ وسم وَعِ ش عَلَى م ر وَقَوْلُ الْمُحَشِّي كَشْفُ دُبُرِهِ إلَى جِهَتِهَا إلَخْ أَيْ، وَإِنْ كَانَ جَالِسًا عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ غَيْرِ انْحِنَاءٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلزِّيَادِيِّ الْقَائِلِ إنَّ الِاسْتِدْبَارَ بِعَيْنِ الْخَارِجِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا إلَّا إذَا انْحَنَى حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: بِسَاتِرٍ) وَلَوْ مِنْ زُجَاجٍ وَهَلْ يَحْصُلُ سِتْرُهَا بِيَدِهِ أَوْ لَا يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ
وَهَذَا عَلَى كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلسَّاتِرِ عَرْضٌ أَمَّا عَلَى كَلَامِ م ر الْمُشْتَرِطِ ذَلِكَ فَلَا يَحْصُلُ السِّتْرُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ مُرْتَفِعٍ) فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) أَيْ وَهُوَ جَالِسٌ أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي مُسَقَّفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَوْ قَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ عَوْرَتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ صِيَانَةً لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَنْتَهِي لِلرُّكْبَةِ قِيلَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَال عَلَى مُرْتَفِعٍ وَجَبَ السِّتْرُ إلَى الْأَرْضِ صِيَانَةً لِلْقِبْلَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ إنَّمَا تُصَانُ عَنْ الْخَارِجِ مَعَ الْعَوْرَةِ، أَوْ مَا هُوَ حَرِيمٌ لَهَا وَهُوَ مِنْ الرُّكْبَةِ إلَى أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ خَاصَّةً دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَفْرَطَ طُولُهُ؛ بِأَنْ كَانَ السَّاتِرُ الْمَذْكُورُ لَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ إلَى قَدَمَيْهِ لَوْ كَانَ جَالِسًا لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَصِيرًا جِدًّا بِحَيْثُ يَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ بِدُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute