{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ {٨٨} قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ {٨٩} } [يونس: ٨٨-٨٩] قوله: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: ٨٨] قال ابن عباس: كان لهم من لدن فسطاط مصر إلى أرض الحبشة جبال فيها معادن ذهب وفضة وزبرجد وياقوت.
{رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} [يونس: ٨٨] أي: إنك جعلت هذه الأموال سببا لضلالهم لأنهم بطروا بها فاستكبروا عن الإيمان، وطغوا في الأرض، {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} [يونس: ٨٨] قال الزجاج: تأويل طمس الشيء إذهابه عن صورته، والانتفاع به على الحالة الأولى التي كانت عليها.
قال المفسرون: صارت أموالهم حجارة، الدراهم والدنانير صارت حجارة منقوشة صحاحا وأثلاثا وأنصافا.
قال القرظي: جعل سكرهم حجارة.
وقال قتادة: بلغنا أن حروثا لهم صارت حجارة.
وقال عطاء: لم يبق لهم معدن إلا طمس الله عليه فلم ينتفع به أحد بعد.
وقوله: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: ٨٨] قال ابن عباس: امنعهم عن الإيمان بك، والمعنى: اطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح للإيمان، وهذا دليل على أن الله يفعل ذلك بمن يشاء، ولولا ذلك ما حسن من موسى هذا السؤال، وقوله: فَلا يُؤْمِنُوا قال الفراء، والزجاج: فلا يؤمنوا دعاء عليهم أيضا.
والتأويل: فلا آمنوا {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس: ٨٨] يعني: الغرق.
{قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: ٨٩] قال المفسرون: كان موسى يدعو وهارون يؤمن ولذلك قال دعوتكما.
فَاسْتَقِيمَا على الرسالة والدعوة إلى أن يأتيهم العذاب، {وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [يونس: ٨٩] لا تسلكان طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، وخفف ابن عامر نون تتبعان للتضعيف.
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ {٩٠} ءَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {٩١} فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ {٩٢} } [يونس: ٩٠-٩٢] قوله: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ} [يونس: ٩٠] أي: عبرنا بهم {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ} [يونس: ٩٠] أي: لحقوه، كما قال