فأتبعه الشيطان، بَغْيًا وَعَدْوًا ظلما وعدوانا {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}[يونس: ٩٠] قال ابن عباس: لم يقبل الله إيمانه عند نزول العذاب فلم ينفعه ذلك وقيل له {ءَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ}[يونس: ٩١] أي: الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها؟ قال المفسرون: خاطبه جبريل بهذا.
وقال الضحاك بن قيس: اذكروا الله في الرخاء يذكركم عند الشدة، وإن يونس كان عبدا صالحا، وإنه كان يذكر الله، فلما وقع في بطن الحوت سأل الله تعالى، فقال الله:{فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ {١٤٣} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {١٤٤} } [الصافات: ١٤٣-١٤٤] ، وإن فرعون كان عبدا طاغيا، ناسيا لذكر الله فلما {أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}[يونس: ٩٠] ، فقال الله تعالى {ءَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس: ٩١] .
وقال السدي: بلغنا أن جبريل قال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أبغضت عبدا من عباد الله، ما أبغضت عبدين أحدهما من الجن والآخر من الإنس، أما الذي من الجن فإبليس حين أبى أن يسجد لآدم، وأما الذي من الإنس ففرعون حين قال:«أنا ربكم العلى» .
ولو رأيتني يا محمد وأنا آخذ من البحر فأدسه في فيه مخافة أن يقول كلمة ينجو بها.
وقوله:{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}[يونس: ٩٢] قال ابن عباس والمفسرون: لما أغرق الله فرعون وقومه أنكر بعض بني إسرائيل غرق فرعون، وقال: هو أعظم شيئا من أن يغرق، فأخرجه الله حتى رأوه، فذلك قوله:{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}[يونس: ٩٢] أن نلقيك على نجوة من الأرض، وهي المكان المرتفع ومعنى ببدنك بجسدك بغير روح، وذلك أنه طفى عريانا، وذهب قوم إلى أن معنى البدن هنا الدرع، قال ابن عباس: كانت عليه درع من ذهب يعرف بها وهو البدن.
والمعنى: أنا نرفع فرعون فوق الماء بدرعه المشهور ليعرفوه بها، وذلك قوله:{لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}[يونس: ٩٢] قال