للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمصدر كما تقول: ضرب الأمير ونسج اليمن، فقال يعقوب: كذبتم ما عهدي بالذئب حليما، لو أكله لخرق قميصه {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ} [يوسف: ١٨] زينت لكم أَمْرًا غير ما تصفون فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أي: فشأني صبر جميل، وهو الذي لا جزع فيه ولا شكوى {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨] أي: به أستعين على ما تقولون من الكذب، ثم إن يوسف مكث في الجب ثلاثة أيام ثم جاءت.

{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ {١٩} وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ {٢٠} } [يوسف: ١٩-٢٠] {سَيَّارَةٌ} [يوسف: ١٩] أي: رفقة تسير في السفر {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} [يوسف: ١٩] وهو الذي يرد الماء ليستقي للقوم فَأَدْلَى دَلْوَهُ أرسلها في البئر فتشبث يوسف بالرشاء فأخرجه الوارد، فقال: يَا بُشْرَاي يا فرحتي، وقرأ أهل الكوفة: يا بشرى وهذه القراءة كالأولى إلا أنها غير مضافة، وقال السدي: نادى صاحبه وكان اسمه بشرى، فقال: يا بشرى هذا غلام، وذلك أن الوارد، واسمه مالك بن ذعر لما أرسل الدلو في البئر تعلق يوسف بالحبل فأخرجه مالك وهو يظن أنه يستقي الماء، فإذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان، ففرح بذلك فقال: يا بشراي أو: يا بشرى.

قال كعب: كان يوسف حسن الوجه جعد الشعر ضخم العين، مستوي الخلق أبيض اللون غليظ الساقين والساعدين والعضدين، خميص البطن، صغير السرة، وكان إذا تبسم رأيت النور في ضواحكه لا يستطيع أحد وصفه، وكان حسنه كضوء النهار، وكان يشبه آدم يوم خلقه الله ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية، ويقال: إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة، وكانت قد أعطيت سدس الحسن.

وقوله: وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً أسره الوارد ومن كان معه من التجار الذين كانوا معهم في الرفقة، وقالوا لهم: هو بضاعة دفعها إلينا بعض أهل الماء إلى مصر، وقالوا فيما بينهم: إن قلنا التقطناه شاركونا فيه، وإن قلنا اشتريناه سألونا الشركة، وقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [يوسف: ١٩] قال ابن عباس: يريد بيوسف.

وقوله: {وَشَرَوْهُ} [يوسف: ٢٠] قال وهب: كان يهوذا منتدبا ينظر ما يطرأ على يوسف، فلما أخرجوه من البئر أخبر إخوته، فأتوا مالك بن ذعر وقالوا: هذا عبدنا.

وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته، فقال مالك بن ذعر: أنا اشتريته منكم.

فباعوه منه، وذلك قوله: وشروه يقال: شريت.

إذا بعت، وإذا اشتريت، وقوله: {بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: ٢٠] قال ابن عباس، وأكثر المفسرين: حرام لأن ثمن الحر حرام، وسمي الحرام بخسا لأنه لا بركة فيه فهو منقوص البركة.

قال الكلبي: باعوه باثنين وعشرين درهما.

وهذا قول مجاهد، وقال الزجاج: أخذ كل واحد من إخوته درهمين.

قال عطاء، عن ابن عباس: بعشرين درهما فأخذ كل

<<  <  ج: ص:  >  >>