للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيناي، ثم كان لي ابن وكان أخاه من أمه وكنت أتسلى به فذهبوا به ثم رجعوا وقالوا: إنه سرق وإنك حبسته لذلك، وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا، فإن رددته إلي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك، فلما قرأ يوسف الكتاب لم يتمالك البكاء وعيل صبره.

وقوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: ٨٣] يعني: يوسف، وبنيامين، والذي قال: فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي، {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} [يوسف: ١٠٠] بشدة حزني الْحَكِيمُ فيما حكم علي بهذا الحزن وعظم المصيبة بابن بعد ابن، قوله: وَتَوَلَّى عَنْهُمْ قال ابن عباس: أعرض عنهم.

وذلك أنه لما بلغه خبر حبس بنيامين تنامى حزنه، وبلغ الجهد، وهاج ذلك وجده بيوسف لأنه كان يتسلى به، فعند ذلك أعرض عنهم {وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤] قال ابن عباس: يا طول حزني على يوسف.

أخبرني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز المروزي في كتابه، أنا أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي، أنا أبو يزيد محمد بن يحيى، أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا محمد بن عبيد، عن سفيان بن زياد العصفري، قال: سمعت سعيد بن جبير، يقول: لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة ما لم يعط الأنبياء قبلهم: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول: يا أسفي على يوسف.

وقوله: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ} [يوسف: ٨٤] أي: انقلبت إلى حال البياض، قال مقاتل: لم يبصر بها ست سنين حتى كشفه الله بقميص يوسف.

وقوله: {مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف: ٨٤] قال ابن عباس: من البكاء، يريد أن عينيه ابيضتا لكثرة بكائه والحزن لما كان سببا للبكاء سمي البكاء حزنا.

أخبرنا أبو منصور بن أبي نصر المذكر، أنا أبو سعيد بن نصير الصوفي، أنا محمد بن أيوب، أنا أبو غسان، نا جرير، عن ليث، عن ثابت البناني قال: دخل جبريل على يوسف فقال: أيها الملك الطيب ريحه الطاهر ثيابه الكريم على ربه، هل لك علم بيعقوب؟ قال: نعم.

قال: ما فعل؟ قال: ابيضت عيناه.

قال: ما بلغ حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلى.

قال: فهل له على ذلك من أجر؟ قال: أجر مائة شهيد عند الله.

أخبرنا أبو بكر التميمي، أنا أبو الشيخ الحافظ، نا أبو يحيى الرازي، نا سهل بن عثمان، نا ابن إدريس، عن هشام، عن الحسن قال: ما فارق يعقوب الحزن ثمانين سنة وما جفت عينه، وما أحد يومئذ أكرم على الله منه حين ذهب بصره.

وقوله: فَهُوَ كَظِيمٌ الكظيم ههنا بمعنى: الكاظم وهو الممسك على حزنه فلا يظهره ولا يشكوه، قال قتادة: فلا يقول بأسا.

وقال ابن عباس: مغموم مكروب.

وقال الزجاج: محزون.

{قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: ٨٥] يقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>