{وَالَّذِينَ صَبَرُوا} [الرعد: ٢٢] أي: على دينهم، وما أمروا به من الطاعة، {ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} [الرعد: ٢٢] طلب تعظيم الله، وقوله: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرعد: ٢٢] قال ابن عباس: يدفعون بالعمل الصالح الشر من العمل.
كما روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال لمعاذ بن جبل: «إذا عملت سيئة فاعمل بجانبها حسنة تمحها» .
وقال ابن كيسان: هو أنهم كلما أذنبوا تابوا، ليدفعوا بالتوبة معرة الذنب.
{أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: ٢٢] قال ابن عباس: يريد عقابهم الجنة.
أي: تصير الجنة لهم آخر أمرهم، ثم بين ذلك، فقال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} [الرعد: ٢٣] قال ابن عباس: ومن صدق بما صدقوا به.
وقال مجاهد: ومن آمن منهم، وذلك أن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه في أهله من إلحاقهم به في الجنة كرامة له كما قال: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١] .
{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} [الرعد: ٢٣] قال ابن عباس: بالتحية من الله، والتحفة، والهدايا.
ويقولون: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: ٢٤] أي: سلمكم الله من أهوال القيامة وشرها بصبركم في الدنيا على طاعته، {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: ٢٤] ما أنتم فيه من الكرامة، أي: نعم عقبى الدار التي عملتم فيها ما أعقبكم هذه الكرامة.
قوله {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [الرعد: ٢٥] مفسر إلى آخر الآية فيما سبق.
{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: ٢٦] يضيق ويقتر، كقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧] ، {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الرعد: ٢٦] قال ابن عباس: يريد مشركي مكة فرحوا بما نالوا من الدنيا، فطغوا وكذبوا الرسول.
{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ} [الرعد: ٢٦] أي: بالقياس إليها، إلا متاع أي: قليل ذاهب، كالشيء الذي يتمتع به ثم يفنى.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ {٢٧} الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {٢٨} الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ {٢٩} كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ {٣٠} وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ {٣١} وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ {٣٢} أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ