للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء» .

ومعنى أم الكتاب: أصل الكتاب الذي أثبت فيه الكائنات والحادثات.

وروى عكرمة، عن ابن عباس، قال: هما كتابان: كتاب سوى أم الكتاب، يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب الذي لا يغير منه شيء.

وهذه رواية عمران بن حصين، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال قوم: إن الله تعالى يمحو ما يشاء ويثبت إلا الشقاوة والسعادة، والموت والحياة والرزق والأجل.

ويدل على صحة هذا ما:

٤٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ، يَقُولُ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إِذَا مَضَتْ عَلَى النُّطْفَةِ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً، يَقُولُ الْمَلَكُ: أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ فَيَقُولُ: أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقْضِي اللَّهُ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، فَيَقُولُ: عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ؟ فَيَقْضِي اللَّهُ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ فَلا يُزَادُ فِيهَا وَلا يُنْقَصُ مِنْهَا "، رَوَاهُ مُسْلِم، عَنِ ابْنِ نُصَيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

وقال سعيد بن جبير، وقتادة: يمحو الله ما يشاء من الشرائع فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه.

وهذا القول اختيار أبي علي الفارسي، قال: هذا والله أعلم فيما يحتمل النسخ والتبديل من الشرائع الموقوفة على المصالح على حسب الأوقات، فأما ما كان من غير ذلك فلا يمحى ولا يبدل.

وقال الكلبي، والضحاك: إن الذي يمحوه الله ويثبته ما تصعد به الحفظة مكتوبا على بني آدم، فيأمر الله أن يثبت ما فيه ثواب وعقاب، ويمحي عنه ما لا ثواب فيه ولا عقاب.

وقوله: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} [الرعد: ٤٠] من العذاب، أي نعدهم وأنت حي، أو نتوفينك قبل أن نريك ذلك، {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} [الرعد: ٤٠] أي: فليس عليك إلا أن تبلغ، كفروا أو آمنوا، وعلينا الحساب وعلينا أن نجازيهم.

قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {٤١} وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ {٤٢} وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ {٤٣} } [الرعد: ٤١-٤٣] أولم يروا يعني كفار مكة، {أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ} [الرعد: ٤١] نقصد أرض مكة، {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: ٤١] بالفتوح على المسلمين منها، يريد ما دخل في الإسلام من بلاد الشرك، قال الضحاك: أو لم ير أهل مكة أنا نفتح لمحمد ما حوله من

<<  <  ج: ص:  >  >>