الرُّسُلَ} [إبراهيم: ٤٤] فيقال لهم: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ}[إبراهيم: ٤٤] حلفتم في الدنيا أنكم لا تبعثون ولا تنتقلون من الدنيا إلى الآخرة.
{وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}[إبراهيم: ٤٥] يعني الأمم الكافرة قبلهم، ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية يقول: كان ينبغي أن يرتجعوا ويرتدعوا عن الكفر، اعتبارا بمساكنهم بعد ما تبين {لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ}[إبراهيم: ٤٥] قال ابن عباس: يريد الأمثال التي في القرآن.
{وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ {٤٦} فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ {٤٧} يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ {٤٨} وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ {٤٩} سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ {٥٠} لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {٥١} } [إبراهيم: ٤٦-٥١] قوله: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ}[إبراهيم: ٤٦] يعني مكرهم بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين هموا بقتله ونفيه، {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ}[إبراهيم: ٤٦] أي: جزاء مكرهم، {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ}[إبراهيم: ٤٦] وما كان مكرهم، {لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}[إبراهيم: ٤٦] يعني: أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أتى به من دين الإسلام، وضرب الجبال مثلا له على معنى أن ثبوته كثبوت الجبال، قال الحسن: إن كان مكرهم لأوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال.
وقرأ الكسائي لتزول بفتح اللام الأولى وضم الثانية، وإن على هذه القراءة لا يكون نفيا، بل يكون بمعنى قد، والمعنى: قد كادت الجبال تزول من مكرهم، وهذه مبالغة في وصف مكرهم بالعظم على مذهب العرب في المبالغة، قال الزجاج: وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإن الله تعالى ينصر دينه.
يدل على هذا قوله:{فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ}[إبراهيم: ٤٧] قال ابن عباس: يريد النصر والفتح وإظهار الدين، {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ}[إبراهيم: ٤٧] منيع، {ذُو انْتِقَامٍ}[إبراهيم: ٤٧] من الكافرين، وهو أن يجازيهم بالعقوبة على كفرهم.
قوله:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ}[إبراهيم: ٤٨] قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأرض هي تلك الأرض، وإنما تبدل آكامها، وجبالها، وأشجارها.
ونحو هذا روى أبو هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:" يبدل الله الأرض غير الأرض، فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي {لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا}[طه: ١٠٧] ".
وأما تبديل السموات فقال ابن الأنباري: باختلاف هيئتها كما ذكر الله