قوله:] وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [سورة النحل: ١١٦] أي: لأجل وصفكم الكذب، والمعنى أنكم تحلون وتحرمون لأجل الكذب لا لغيره، فليس لتحليلكم وتحريمكم معنى إلا الكذب فقط، والمعنى: لا تفعلوا ذلك، والإشارة بقوله:{هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}[النحل: ١١٦] إلى ما كانوا يحلونه ويحرمونه، قال ابن عباس: يعني قولهم: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا}[الأنعام: ١٣٩] .
وقوله:{لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[النحل: ١١٦] هو أنهم كانوا ينسبون ذلك التحريم والتحليل إلى الله، ويقولون إنه أمرنا بذلك، ثم أوعد المفتري، فقال:{إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ}[النحل: ١١٦] .
وبين أن ما هم فيه من نعيم الدنيا يزول عن قرب، فقال:{مَتَاعٌ قَلِيلٌ}[النحل: ١١٧] قال الزجاج: متاعهم متاع قليل.
يعني ما يتمتعون به، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النحل: ١١٧] في الآخرة.
ثم ذكر المغفرة لمن تاب بعد المعصية، فقال:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ}[النحل: ١١٩] قال مجاهد: كل من عمل بمعصية الله فذلك منه جهل حتى يرجع.
وقال السدي: كل من عصى الله فهو جاهل.
وهذا كقوله:{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ}[النساء: ١٧] قال ابن عباس: يريد بالسوء الشرك.
{ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}[النحل: ١١٩] السوء، وأصلحوا قال: آمنوا، وصدقوا، وقاموا لله تعالى بفرائضه.