المساءة إلى الوجوه، والمراد بها أصحابها، لما يبدوا فِيها من أثر الحزن والكآبة، وقرأ حمزة ليسوءَ على واحد، أي: ليسوء الله، أو ليسوء البعث وجوهكم، وقرأ الكسائي بالنون كقوله: بعثنا وأمددنا.
وقوله: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسراء: ٧] يقال: تبره أي أهلكه، قال الزجاج: كل شيء كسرته وفتنته فقد تبرته.
والمعنى: ليدمروا ويخربوا ما علو عليه.
قوله: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} [الإسراء: ٨] هذا ما أخبر الله به بني إسرائيل فِي كتابهم، والمعنى: لعل ربكم أن يرحمكم ويعفو عنكم بعد انتقامه منكم يا بني إسرائيل، ثم عاد الله عليهم برحمته حتى كثروا وانتشروا، ثم قال: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: ٨] قال الحسن: وإن عدتم بالمعصية عدنا بالعقوبة.
قال إبراهيم: ثم عادوا فأعاد الله بالعرب.
{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: ٨] قال ابن عباس، وغيره: سجنا ومحبسا.
وقال مجاهد: يحصرون فِيها.
وهذا ابتداء إخبار عن الله فِي عقاب جميع الكافرين.
{إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا {٩} وأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {١٠} } [الإسراء: ٩-١٠] {إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩] أي: يرشد إلى الكلمة التي هي أعدل الكلمات، أي أعدلها وأصوبها، هي كلمة التوحيد.
قال الزجاج: يهدي للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله تعالى، والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام، والعمل بطاعته.
ويبشر المؤمنين بالجنة، وهو قوله: {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا {٩} وأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [الإسراء: ٩-١٠] أي: ويبشرهم بالعذاب لأعدائهم، وذلك أن المؤمنين كانوا فِي أذى من المشركين، فعجل الله لهم البشرى فِي الدنيا بعقاب الكافرين، وهو قوله: {أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإسراء: ١٠] قوله: {وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا} [الإسراء: ١١] {وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} [الإسراء: ١١] هو أن الإنسان ربما يدعو فِي حال الضجر والغضب على نفسه وأهله وولده بما لا يحب أن يستجاب له، كما يدعو لنفسه بالخير، {وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا} [الإسراء: ١١] يعجل بالدعاء فِي الشر عجلته بالدعاء بالخير.
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا {١٢} وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا {١٣} اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا {١٤} } [الإسراء: ١٢-١٤] {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ} [الإسراء: ١٢] علامتين تدلان على قدرة خالقهما، {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} [الإسراء: ١٢] أي: طمسنا نورها بما جعلنا فِيها من السواد، يروي أن الشمس والقمر كانا سواء فِي النور والضوء، فأرسل الله عز وجل