جبريل، فأمر جناحه على وجه القمر فطمس عنه الضوء، {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}[الإسراء: ١٢] مضيئة يبصر فِيها، {لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ}[الإسراء: ١٢] لتبصروا كيف تتصرفون فِي أعمالكم، وتطلبون رزقكم، {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}[الإسراء: ١٢] بمحو آية الليل، ولولا ذلك ما كان يعرف الليل من النهار، وكان لا يتبين العدد، وكل شيء مما يحتاج إليه، فصلناه تفصيلا بيناه تبيينا لا يلتبس معه بغيره.
قوله:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء: ١٣] قال مجاهد: عمله من خير وشر.
قال السدي: ما كتب له من خير وشر.
وقال الحسن، وقتادة: سعادته وشقاوته بعمله.
وقال مجاهد فِي رواية الحكم: مكتوب فِي ورقة معلقة فِي عنقه شقي أم سعيد.
ومعنى الطائر ما طار له من خير أو شر، أي: صار له عند قسمته، من قولهم: أمرت المال وطيرته من القوم فطار له سهمه، ذكرنا ذلك عند قوله:{أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}[الأعراف: ١٣١] قال الأزهري: والأصل فِي هذا أن الله تعالى لما خلق آدم، علم المطيع من ذريته والعاصي، فكتب ما علم منهم أجمعين، وقضى سعادة من علمه مطيعا، وشقاوة من علمه عاصيا، فصار لكل منهم ما هو صائر إليه عند خلقه وإنشائه، فذلك قوله:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء: ١٣] أي: ما طار له فِي علم الله بدءا، و {فِي عُنُقِهِ}[الإسراء: ١٣] عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة العنق من بين ما يلبس.