للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا {٥٤} وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا {٥٥} } [الإسراء: ٤٥-٥٥] {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: ٤٥] نزلت فِي قوم كانوا يؤذون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ القرآن، قال الكلبي: وهم أبو سفيان، والنضر بن الحارث، وأبو جهل، وأم جميل امرأة أبي لهب.

حجب الله رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن، فكانوا يأتونه ويمرون به ولا يرونه.

٥٤٥ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِيرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، نا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيُّ، نا سُفْيَانُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ تَدْرُسَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ؛ جَاءَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ، وَلَهَا وَلْوَلَةٌ، وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ، وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا أَبَيْنَا، وَدِينَهُ قَلَيْنَا، وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا، وَرَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَالِسٌ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَقَدْ أَقْبَلَتْ هَذِهِ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تَرَاكَ، فَقَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي» ، وَقَرَأَ قُرْآنًا اعْتَصَمَ بِهِ {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} ، قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ تَرَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، قَالَ: لا، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، مَا هَجَاكِ، فَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي بِنْتُ سَيِّدِهَا، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي (صَحِيحِهِ) ، عَنِ الصَّبَغِيِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ

وقوله: حجابا مستورا قال الأخفش: أراد ساترا، والفاعل قد يكون فِي لفظ المفعول، كما تقول: إنه لمشئوم وميمون، وإنما هو شائم ويامن.

فقال غيره: حجابا مستورا عن الأعين لا يبصر، إنما هو قدرة من قدرة الله تعالى، حجب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أعين أعدائه حجاب لا يرونه ولا يراه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثم ذكر أن الله منعهم من فهم القرآن بقوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} [الإسراء: ٤٦] وقد تقدم تفسيره فِي { [الأنعام، وقوله:] وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْءَانِ وَحْدَهُ} [سورة الإسراء: ٤٦] يعني قلت لا إله إلا الله وأنت تتلو القرآن، {وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: ٤٦] قال ابن عباس: كارهين أن يوحدوا الله.

وقال قتادة: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>