للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ {٤٤} قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ {٤٥} وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ {٤٦} وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {٤٧} } [الأنبياء: ٤٤-٤٧] {بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ} [الأنبياء: ٤٤] يعني أهل مكة، متعهم الله بما أنعم عليهم، {حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [الأنبياء: ٤٤] فاغتروا بذلك، فقال الله: {أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الأنبياء: ٤٤] قال الضحاك: ألم ير المشركون الذين يحاربون رسول الله ويقاتلون، إنا ننقصهم له، فنأخذ ما حولهم من قراهم وأراضيهم، أولا يرون أنهم المنقوصون والمغلوبون.

وقال الحسن: ننقصها من أطرافها: ظهور النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من قاتله، أرضا فأرضا، قوما فقوما.

أفهم الغالبون أي: ليسوا بغالبين، ولكنهم المغلوبون، ورسول الله هو الغالب، تفسير هذا تقدم في آخر { [الرعد.

قوله:] قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} [سورة الأنبياء: ٤٥] أي: أخوفكم بالقرآن، والمعنى: إنما أنذركم بالوحي الذي يوحيه الله إلي، لا من قبل نفسي، وذلك أن الله أمره بإنذارهم، كقوله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ} [الأنعام: ٥١] ، وقوله: {وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ} [الأنبياء: ٤٥] تمثيل للكفار بالصم الذين لا يسمعون النداء إذا أنذروا شيئا، كذلك هؤلاء في تركهم الانتفاع بما سمعوا، كالصم الذين لا يسمعون، وقرأ ابن عامر: ولا تسمع الصم على إسناد الفعل إلى المخاطب، والمعنى أنهم معاندون، فإذا أسمعتهم لم يعملوا بما يسمعوه كما لا يسمع الصم، قال أبو علي الفارسي: ولو كان كما قال ابن عامر، فكان إذا تنذرهم ليحسن نظم الكلام، فأما ما ينذرون فحسن أن تتبع قراءة العامة.

قوله: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: ٤٦] قال المبرد: النفحة الدفعة من الشيء التي دون معظمه.

يقال: نفحه نفحة بالسيف للضربة الخفيفة.

وهذا موافق لقول ابن عباس في تفسير نفحة، قال: طرف.

وقال ابن كيسان: قليل.

وقال ابن جريج: نصيب من قولهم نفحه من ماله إذا أعطاه.

ومعنى الآية: لئن أصابهم طرف من العذاب لأيقنوا بالهلاك، ودعوا على أنفسهم بالويل، مع الإقرار بأنهم ظلموا أنفسهم بالشرك، وتكذيب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧] وقال الزجاج: القسط مصدر يوصف به، تقول: ميزان قسط وموازين قسط والمعنى: ذات قسط، وذكرنا الكلام في الموازين عند قوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: ٨] .

٦١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ، عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>