{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}[الحج: ٣٠] يعني: الشرك بالله، وكان أهل الجاهلية يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، ويريدون الصنم.
وقال الزجاج: المراد بقوله: {الزُّورِ}[الحج: ٣٠] ههنا تحليلهم بعض الأنعام وتحريم بعضها من البحيرة، والسائبة، وقولهم: هذا حلال وهذا حرام ليفتروا على الله الكذب.
قوله:{حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}[الحج: ٣١] ذكر معنى الحنيف فيما تقدم، قال قتادة، وعبد الله بن القاسم: كانت حنيفية في الشرك، كانوا يحجون البيت، ويحرمون في شركهم الأمهات والبنات والأخوات، وكانوا يسمون حنفاء، فنزلت في حق المؤمنين {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}[الحج: ٣١] أي: حجاجا لله وهم مسلمون موحدون، ثم ضرب لمن أشرك مثلا فقال:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}[الحج: ٣١] أي: سقط من السماء، فتخطفه الطير أي: تأخذه بسرعة، من قولهم: خطف يخطف خطفا إذا سلبه، ومنه قوله:{يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}[البقرة: ٢٠] قال ابن عباس: يريد تخطف لحمه.
{أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ}[الحج: ٣١] أي تسقطه، {فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج: ٣١] بعيد، يقال: سحق سحقا فهو سحيق.
قال الزجاج: أعلم الله أن بعد من أشرك به من الحق كبعد من خر من السماء في أنه لا يملك لنفسه حيلة حتى يقع حيث تسقطه الريح، فهو هالك لا محالة، إما باستلاب الطير لحمه، وإما بسقوطه في المكان السحيق.
قوله:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {٣٢} لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ {٣٣} } [الحج: ٣٢-٣٣] ذلك أي: الأمر ذلك الذي ذكرناه، {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ}[الحج: ٣٢] قال مجاهد: يريد استعظام البدن، واستسمانها، واستحسانها.
وهو قول ابن عباس في رواية مقسم، والشعائر جمع الشعيرة، وهي البدن إذا أشعرت، أي أعلم عليها بأن يجرح سنامها من الجانب الأيمن ليعلم أنها هدي، والذي يهدي مندوب إلى طلب الأسمن